عدد رقم 4 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أمثلة كتابية على دور الزوج والزوجة  

  أخي وأختي أعضاء العائلة المسيحية:

   تكلمنا في مرات سابقة عن دور كل من الزوج والزوجة، وسيدور حديثنا في هذا العدد عن أمثلة كتابية سلبية وإيجابية، عن دور الزوجين في الأسرة، وسوف نتكلم بإيجاز في هذه الأمثلة عن بعض البيوت التي ذكرها الوحي المقدس في العهدين القديم والجديد لنتعلم كيف نقوم بأدوارنا بطريقة صحيحة، ويحسن الرجوع للنصوص الكتابية لمعرفة التفاصيل حول هذه البيوت، وتظل الوصية مصباح والشريعة نور يهدي خطواتنا في طريق أفضل.

آدم وحواء (تك2: 15 إلي 3: 24): في أول قصة زواج في التاريخ رسم الروح القدس أمامنا كيف أن آدم في الأصحاح الثاني من سفر التكوين رأى حواء لأول مرة، وشعر أنها جزءٌ منه، فهي عظمٌ من عظمه ولحمٌ من لحمه، ودعاها امرأة لأنها من إمرءٍ أُخذتْ.  وعندها يذكر الكتاب: "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدًا" (تك2: 24).  لكن عندما ننتقل إلى الأصحاح الثالث نرى المشهد مختلفًا إذ دخلت الحية وفصلت بينهما، فنرى حواء بالانفصال عن رجلها تأخذ قرارًا خطيرًا دون الرجوع إليه.  فكسرت الوصية وجعلته هو أيضًا يكسر الوصية.  ونستطيع أن نرى نتائج الخطية على هذه الأسرة الأولى والشرخ الذي حدث بين الزوجين في تغير مشاعر آدم نحو امرأته، وكيف ألقى التهمة عليها لكي يبرر نفسه، عندما قال للرب: "الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ".

في قصة لوط (تك13، 19) نجد الكثير من الدروس والعبر.  فقد خرج لوط مع أبرام من أور الكلدانيين، لكن ما أبعد الفارق بينهما في التفكير والتوجه وهدف الحياة.  فلوط كان بعيدًا عن فكر الرب وكان قلبه محبًا للعالم، وأهل سدوم الذين رآهم الرب أشرارًا جدًا، رآهم هو أنهم إخوته، ولم يشعر بالاستياء من شرهم، ورأى بلادهم أنها "كجنة الرب كأرض مصر".  وهذا التفكير والتوجه العالمي انطبع على زوجته وبناته.  فلوط خرج من مصر وظلت مصر في قلبه وعقله، وكذلك زوجته خرجت من سدوم ولكن قلبها كان متعلقًا بها، حتى إنها لم تستمع لتحذيرات الملاكين المتكررة للوط «اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ، وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ. اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلاَّ تَهْلَِكَ» (تك19: 17).  فدفعت حياتها ثمنًا لتهاونها في تنفيذ التحذيرات الإلهية.  ومن الواضح أنه كان هناك إهمال وتراخي من جانب لوط في واجبه ناحية أسرته، وكلامه لم يكن مسموعًا ومُقدَّرًا، وكان فاقدًا القدوة والمصداقية أمامهم، وأمام أهل سدوم فلم يؤثر في أحد تأثيرًا إيجابيًا.  وإذا لاحظنا حياته بعد ذلك وكيف افتقرت إلى البر والفضيلة، فسنكتشف التأثير الخطير للفكر والتوجه على بناته وما حدث منهم في المغارة (تك19).  وما أبعده عن إبراهيم الذي قال عنه الرب: "لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا برًا وعدلاً" (تك18).  وهذا يضع أمامنا تحذيرًا خطيرًا كأباء وأمهات حتى نكون قدوة حسنة أمام أولادنا.

في حياة إبراهيم وسارة هناك الكثير من الدروس والعبر أيضًا، فمع أن إبراهيم هو أبو المؤمنين ويذكر عنه مواقف كثيرة يشهد بها الكتاب لإيمانه في عبرانيين 11،  لكن يظهر عدم الإيمان ونقص الثقة في وعود الله عندما نزل إلى مصر بسبب الجوع، وكذب وقال عن سارة هي أختي، وهي أيضًا قالت هو أخي (تك12)، وتكرر نفس الخطأ عندما تغرب في جرار (تك20).  لقد فقد الثقة في مواعيد الله وخاف أن يقتلوه ويستحيونها، وإذ ضعفت محبته للرب فقد ضعفت محبته للقريب، فضحى بسارة لكي يحمي نفسه.  وإذ طال انتظاره لتحقيق الوعد بالنسل فقد قَبِلَ اقتراح سارة أن يأخذ هاجر الجارية المصرية كحل سريع دون الرجوع إلى الرب، وكان يتفق مع ميوله ورغباته (تك16).  وهكذا نراه يسلك بالعيان وليس بالإيمان، ونحن نعلم من باقي القصة كيف أن هذه الخطوة جلبت مشاكل كثيرة على ابراهيم وسارة، واضطر إبراهيم في يوم لاحق أن يطرد هاجر وابنها إسماعيل من بيته.

ونرى في حياة إسحاق ورفقة أن كلاً منهما لم يقم بواجبه المضبوط في تربية الأولاد في طريق البر بالمبادئ الإلهية الصحيحة، فكان إسحاق يحب عيسو أكثر من يعقوب وكانت رفقة تفعل العكس، لكن الطامة الكبرى كانت عندما اتفقت رفقة مع يعقوب على خداع إسحاق بعد أن كلت عيناه عن النظر (تك27)، كيف حدث منها هذا الفعل المشين وأظهرت الجحود تجاه من أحبها وكان وفيًا لها عبر السنين، وصلى لأجلها عندما كانت عاقرًا؟  ونحن نعرف كيف كان هذا الفعل مؤثرًا في حياة يعقوب، فلقد كانت قدوة سيئة له حتى أنه قضى معظم حياته في خداع مَن حوله، وكان من ضمن الحصاد أن رفقة لم تر يعقوب مرة أخرى.

يعقوب وراحيل: كان يعقوب يحب راحيل، ويذكر الكتاب محبته لها ثلاث مرات في تكوين 29 في الوقت الذي فيه كان يكره ليئة.  لكن هذه المحبة كانت محبة إعجاب واستلطاف لأن راحيل كانت حسنة الصورة وحسنة المنظر، وليس لأنها تقية ومصلية وتتميز بالروح الوديع الهادئ.  فالمحبة مرتبطة بالبر، وهي تشعر وتحس وتشارك من تحبه مشاكله وهمومه وأحزانه.  وهذا عكس ما حدث من يعقوب عندما أتت إليه راحيل بنفسها المُرة عندما كانت عاقرًا (تك30).  فلم يتعاطف معها في أمر هام جدًا بالنسبة لها، ولم يُصلِّ من أجلها كما فعل إسحاق مع رفقة، بل بالعكس عنفها ووبخها.

ألقانة وحنة (1صم1): كان ألقانة يحب حنة ويُقدِّر معاناتها وإغاظة ضرتها لها، وتقديره للمشكلة جعله يتكلم معها بلطف ليحاول تخفيف وطأة التجربة عليها «يَا حَنَّةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ وَلِمَاذَا لاَ تَأْكُلِينَ؟ وَلِمَاذَا يَكْتَئِبُ قَلْبُكِ؟ أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ؟». وبالتاكيد كان لتقديره ولطفه أثر طيب على زوجته.

أبيجايل ونابال: كانت أبيجايل (1صم 25) تصنع لزوجها خيرًا مع أن زوجها كان قاسيًا ورديء الأعمال، والحماقة عنده، لكنها كانت أمينة في واجبها نحوه وظلت أمينة ووفية له، وتوسلت إلى داود من أجله، ونحن نتعجب من حكمتها ورجاحة عقلها في حديثها مع داود، والنتيجة منع داود من الانتقام من نابال.  فعندما أتت إلى داود تحملت الخطأ كما لو كانت هي المخطئة، وذلك بكل اتضاع وانسحاق أمام داود: «عَلَيَّ أَنَا يَا سَيِّدِي هذَا الذَّنْبُ، وَدَعْ أَمَتَكَ تَتَكَلَّمُ فِي أُذُنَيْكَ وَاسْمَعْ كَلاَمَ أَمَتِكَ».  وهكذا نرى حكمة المرأة التي تبني بيتها.

وبإمكانك عزيزي القارئ استخراج الكثير من الدروس من خلال دراستك لهذه البيوت:

o سليمان وزوجاته وكيف أملن قلبه بعيدًا عن الرب (1مل11)

o الأرملة التي مات زوجها وكان يخاف الله وأتى المرابي ليأخذ ولديها له عبدين (2مل4)

o الشونمية وزوجها وتجربتها المُرة عندما مات ابنها الوحيد (2مل4: 8)


   أصلي من قلبي لأجل أسرنا حتى يقوم كل طرف منا بواجبه فيتمجد اسم فادينا ومخلصنا ربنا يسوع المسيح، وتكون بيوتنا ناجحة وشهادة عطرة أمام الآخرين.                                                                                        

إذا كان لديك أي استفسار أو سؤال يمكنك مراسلتنا على البريد الالكتروني: seldabaa@gmail.com

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com