عدد رقم 3 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
مثل السراج (الشهادة)  

   من أمثال المسيح:

    قال الرب يسوع: «هل يؤتى بسراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير؟  أليس ليوضع على المنارة؟  لأنه ليس شيء خفي لا يظهر ولا صار مكتومًا إلا ليعلن.  إن كان لأحد أذنان للسمع، فليسمع» (مر4: 21- 23، انظر أيضًا مت5: 14- 16، لو8: 16- 18).  قصد الرب من مثل السراج أن يكون التلاميذ ونحن أيضًا شهادة تححمل نور المسيح للآخرين.  ولقد تحدث في موعظته على الجبل لتلاميذه باعتبارهم ”نور العالم“ في ليل غيابه عنهم بالجسد (مت5: 14).  والنور يظهر حقيقة الأشياء ويبدد الظلام، وهو يمثل النعمة في نشاطها المبهج، النعمة التي تقدم لجميع الناس، وتحمل الخلاص لكل من يؤمن.

1- مصدر الشهادة: الشهادة للرب في التوقيت الحالي، تذاع من خلال الكنيسة كجماعة مسؤولة عن نشر النور والحق، فالكنيسة منارة تضيء في ظلمة هذا العالم (رؤ1: 20)، كذلك المؤمنون كأفراد هم شهود للرب، كلٌ في مكانه (في2: 15).

2- موضوع الشهادة: إن المؤمنين الآن – باعتبارهم نور العالم- يقدمون الشهادة عن المسيح بحياتهم وكلامهم «فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السموات» (مت5: 16)، وموضوع الشهادة هو شخص المسيح  كمن هو الله الذي ظهر في الجسد، وكمن مات وقام "يسوع والقيامة"، وكمن هو الآن عن يمين الله مُكللاً بالمجد والكرامة، والبركات التي يحظى بها كل من يؤمن بالمسيح، كذلك يقدم المؤمنون في شهادتهم حقيقة مجيء المسيح ثانية، سواء لاختطاف المؤمنين، وهذا ما نتوقعه قريبًا، أو للدينونة وإقامة مُلكه العتيد.

3- قوة الشهادة: السراج الذي يحمل النور كان يُضاء من خلال الزيت، والزيت يكلمنا عن الروح القدس ( انظر مز45: 7، عب 1: 8)، والشهادة التي يقدمها المؤمنون الآن عن المسيح مدعومة بقوة الروح القدس الساكن فيهم، «لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودًا في أورشليم...» (أع1: 8).

4- دوائر الشهادة: تحدث المسيح عن المؤمنين في مسؤوليتهم في إظهار النور وذلك في ثلاث دوائر: الدائرة الأولى للذين في البيت «فيضيء لجميع الذين في البيت» (مت5: 14).

الدائرة الثانية تشمل الداخلين إلى البيت، الزائرين لبيوتنا «لينظر الداخلون النور» (لو8: 16).  أما الدائرة الأخيرة وهي الأوسع فهي تمثل العالم في الخارج، وفي هذا يقول المسيح: «فليضئ نوركم هكذا قدام الناس» (مت5: 16)، كل من نتعامل معهم ليروا فينا حياة المسيح.

5- معطلات الشهادة: حذر الرب يسوع تلاميذه من ثلاثة معطلات تعيق الشهادة وتمنع إظهار النور: المعطل الأول هو المكيال.  «ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال»، والمكيال يمثل المشغولية في التجارة والانهماك في الأعمال الزمنية دون الاهتمام بتقديم الشهادة للآخرين.  المعطل الثاني هو السرير «هل يؤتى بسراج ليوضع .. تحت السرير؟»، السرير يصور لنا الكسل والنوم والسعي لحياة الرفاهية، وهذه الأمور تعيق الشهادة.  المعطل الأخير يتمثل في الإناء «وليس أحد يوقد سراجًا ويغطيه بإناء» (لو8: 16)، الإناء يكلمنا عن الجسد بشهواته ورغباته، وكم من مؤمنين خفت نورهم وتبددت شهادتهم لانغماسهم في شهوات وملذات مختلفة! (انظر لوط تكوين 13 وشمشون قض16 وديماس 2تي4..إلخ).

6- مسؤوليتنا في الشهادة: لكي نظهر المسيح باعتباره النور الحقيقي، علينا أن نتبع الآتي:

* الطاعة: «إن كان لأحد أذنان للسمع، فليسمع» (مر4: 23)، لقد خسر يونان شهادته أمام الذين كانوا معه في السفينة، لأنه عصى كلام الرب وهرب (يون1).

* القداسة: قبل أن تحدث الرب إلى تلاميذه باعتبارهم نور العالم ( مسؤولية الشهادة)، تحدث إليهم باعتبارهم «ملح الأرض»، (مت5: 13، 14)، والملح يكلمنا عن القداسة، فلا شهادة حية وقوية ما لم تقترن بقداسة عملية ونقاوة داخلية.

* دراسة كلمة الله واللهج فيها: «فانظروا كيف تسمعون!»، «انظروا ما تسمعون!»، فليس فقط نسمع الكلمة بل الأهم كيف نسمعها، وليس فقط نقرأها  بل "كيف نقرأ".

* الشركة مع الرب: «فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا...فعرفوهما أنهما كانا مع يسوع» (أع4: 13).

7- تأثير الشهادة: في الشهادة للرب تمجيد لله أبينا (مت5: 16)، بل وتعظيم المسيح، كان يوحنا المعمدان السراج الموقد المنير الذي جاء ليشهد للنور، وشعاره «ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص» (انظر يو 1: 6، 3: 30، 5: 35)، وفي الشهادة أيضًا رجوع الكثيرين إلى الرب (يو12: 11، 17).

أحبائي.. إن العالم اليوم يغط في الظلام المخيف- بالرغم من التطورات الحادثة فيه في كل المجالات- وينتظره قتام الظلام إلى الأبد، والمطلوب منا كمؤمنين حقيقيين أن نهدي النفوس المتعبة إلى المسيح مريح التعابى ومخلص الخطاة.  فليتنا نضغي لكلمات الوحي الإلهي: «في وسط جيل معوج وملتو تضيئون بينهم كأنوار» (في2: 15)، فنحيا حياة السمو الأدبي والروحي، فنكون كمدينة موضوعة على جبل، وكسراج موضوع على المنارة.                                                                                                        

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com