عدد رقم 3 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكاني  


     أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديد من بابكم "لو كنت مكاني"

     في هذا العدد سوف نتعرف على رسالة وصلت إلينا من صديقة المجلة ( مايفل) والتي كتبت تقول:

   عزيزي الأخ عياد، بعد التحية

   "أنا شابة مؤمنة ومتزوجة منذ حوالي 4 سنوات وإلى الأن لم يعطني الرب زرع بشر بالرغم من أن كل زميلاتي من تزوجن بعدي صرن أمهات.  صليت كثيرًا وما زلت أصلي.  لكن المشكلة أن أحد المشيرين الذين لجأت إليهم أخبرني أنني أرث لعنة من آبائي أو أجدادي، وينبغي علي أن أقدم توبة عن فساد عائلتي السابق لعل الله يسمع صلاتي.  أرجوكم مساعدتي هل هذا الكلام له جذور كتابية؟ وماذا أعمل لكي يستجيب الله صلاتي؟  المحرومة والمعذبة  مايفل

 

   أختى الفاضلة المحترمة مايفل أشكرك لرسالتك وثقتك في المجلة وأصلي أن يعيننا الرب لنقدم لك تشجيعًا وردًا على أسئلتك يتوافق مع فكر الرب تجاهك، وسأوجز كلامي معك في ثلاث نقاط هامة وهي:

1-   مقاصد الله الأزلية تجاهنا بالبركة

2-   عمل المسيح لأجلنا في الزمان برفع اللعنة

3-   معاملات الله الحكيمة معنا بالمنح أو المنع

أولاً: مقاصد الله الأزلية تجاهنا بالبركة  

    اسمحي لي أولاً أن أغير صفتك التي ختمتِ بها رسالتك وهي " المحرومة المعذبة" إلى "الممتلئة بنعم الرب، والمباركة من الرب"

   ربما تستغربين أختنا مايفل من هذا التغيير، لكن الكتاب المقدس  يعلمنا ويخبرنا أن كل المؤمنين أولاد الله تم اختيارهم من الله أزلاً وأنعم عليهم بلا حدود في المحبوب، وصارت لهم كل البركات الروحية في المسيح "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ" (أفسس1: 3 -6)

وبناءً على ذلك أختنا مايفل ينبغي أن نشعر بالغنى والامتلاء وليس بالحرمان، لأننا منعم علينا في المحبوب، كذلك ينبغي علينا أن نرفع عيوننا إلى السماء حيث دائرة بركاتنا الروحية.  فبالبركات التي لنا في ضوء العهد الجديد ليست كما كانت لشعب الله القديم الممثلة في وفرة المحاصيل وكثرة الأولاد وخلو الحياة من الأمراض والمشكلات ( تثنية 28).  ولكن بركات الله لنا في المسيح هي بركاتٌ:

 1- طابعها روحي ( روحية) 2- وكميتها ( كل بركة ) 3-   وتقريرها منذ الأزل ( باركنا) 4- ومصدرها الله ( مبارك الله) 5- ودائرتها في السماء( في السماويات) 6-  وضمانها ( في المسيح ) 7 - وغرضها (لكي نكون قديسين وبلا لوم قدامه) ( أفسس 1 : 3، 4)

لذلك ينبغى علينا نحن المخلصين بدم المسيح أن نعلم تمامًا أن عطايا الزمان وخيرات الزمان ليست بالضرورة علامة من علامات البركة والرضى الإلهي، كما أن  كل حرمان أو ضيق نجتاز فيه في هذا العالم ليس أيضًا بالضرورة علامة من علامات اللعنة، فلا لعنات على أولاد الله كما سنرى في النقطة الثانية.

ثانياً: عمل المسيح لأجلنا في الزمان لرفع اللعنة

   بكل أسف يا أختنا مايفل، فإن ما أتى في رسالتك من الإشارة إلى معلمين ومشيرين يعلمون بوجود لعنات على المؤمنين، يعبر عن خراب وضلال منتشر في الأوساط المسيحية وعلى المنابر وفي الفضائيات، وهو ناتج عن الفهم الخاطئ والابتعاد التام عن كلمة الله.  فلقد قال المسيح " تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله".  وهذا التعليم الفاسد ينادي بأن المؤمن لا يتعرض للمرض أو الفقر أو الحرمان من أي نوع.  وها نحن الآن نريد توضيح ماذا يقول الكتاب عن قضية اللعنات والبركات.

   لقد أتى ذكر اللعنات والبركات في سفر التثنية أصحاحي 28 و 29 في سياق كلام الرب مع شعبه قبيل دخولهم الأرض التي وعدهم بها.  وأسباب اللعنات هو عدم الثبات في أقوال الناموس وحفظ وصايا الرب. وكونه بدأ باللعنات قبل البركات ليبين علم الله بالحقيقة الأكيدة والمقررة أنه لا يمكن لإنسان أي من كان أن يثبت في أقوال الناموس، وهذا ليس طبعًا بسبب ضعف الناموس، لكن بسبب عجز الإنسان.
لذلك صدر الحكم باللعنة على «كل مَنْ لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به».  ولم يستطع أحد أن يفي بذلك لأن البشر كلهم عاجزون وفاسدون، وبذلك حقّت اللعنة على كل من يحاول إرضاء الله على أساس الناموس، وكان يكفي أن يكون الشخص «من أعمال الناموس» - أي أن تتحدد علاقته بالله بتنفيذ الناموس أو عجزه عن ذلك - ليكون ”تحت لعنة“.  ويمكن تلخيص الموضوع كله بالقول؛ بالناموس صار الإنسان تحت لعنة وتحت حكم الموت، أما بالإيمان فيتبرر الإنسان ويحيا.

   لكن المسيح مات على الصليب وبحسب تثنية 21 :23 حمل اللعنة لأن المعلق على خشبة ملعون، وبموت المسيح على الخشبة وحمله اللعنة فقد افتدى كل من هو تحت لعنة الناموس "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ قد صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة، لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع لننال بالإيمان موعد الروح" (غلاطية 3 : 13 ، 14).  ومن هذه الأقوال نتعلم أن المسيح حمل اللعنة فما عادت لعنة الناموس على المؤمنين، وهو لم يحمل اللعنة فقط بل أيضًا منح البركة، وهذه البركة في صورة مزدوجة.  أولاً، هناك «بركة إبراهيم» وهي البر.  ثانيًا، هناك «موعد (عطية) الروح»، وهي بركة تفوق كل ما وُهِب لإبراهيم.  والعجيب في عمل المسيح هو أن البِرّ أصبح للأمم الذين يؤمنون، كما هو أيضًا للمؤمنين من أبناء إبراهيم حسب الجسد.  فبالمعنى الروحي، جميع الذين يؤمنون «هم بنو إبراهيم»، ومن كل هذا يتبرهن لنا أنه لا لعنات على المؤمنين على الإطلاق.

ثالثاً: معاملات الله الحكيمة في المنح أو المنع

   لقد أتفقنا في النقطتين السابقتين أختنا مايفل على أنه لا توجد لعنة على المؤمن إطلاقًا إذ حمل المسيح اللعنة عنا في الصليب، كذلك أتفقنا على أن المؤمن في العهد الجديد له بركات لا تُحصى في المسيح ولكن طابع هذه البركات روحي سماوي وليس أرضي وزمني.  وبالتالي فإن التفسير الكتابي لكل ما يجتاز فيه المؤمنون من ضيقات أو حرمانات إنما يقع تحت عنوان التدريب الروحي والتشكيل الإلهي لأولاده بالمنح أو المنع، وليس له أي علاقة باللعنات.  فحياة المؤمن تخضع لتشكيل الرب كالفخاري الأعظم، والذي في حكمته يمارس ضغطات على الإناء في مراحل التشكيل لينشئ فيه الصلابة والمتانة ويحقق قصده من جهته.  ولا يوجد مؤمن واحد من أولاد الله يُعفى من هذه المعاملات.

   قد يتعامل الرب معنا كالكريم بالمنح والعطاء وهذا لغرضٍ سامٍ عنده ليتمم فينا مشيئته، وقد يتعمل أيضًا معنا كالرحيم والحكيم بالمنع وهذا أيضًا لغرضٍ سامٍ عنده ليتمم فينا مشيئته.

   فلقد رسم الرب أمام بطرس في يوحنا 21 مستقبله عندما يشيخ وآخر يحمله حيث لا يشاء، ثم قال له اتبعني إشارة إلى طريقة موته، ولكنه أيضًا رسم طريقًا آخر ليوحنا في قوله إن كنت أشاء أن يبقى حتى أجيء فماذا لك.  لقد طالت حياته بعد سائر الرسل.  وعند مجيء الرب للاختطاف سيكون هناك فريق من الراقدين وفريق آخر من الأحياء، وذلك طبقًا للمشيئة الإلهية.

   لقد فهم بولس تشكيل الله هذا بالمنح أو المنع بعدما صلى ثلاث مرات لأجل الشوكة، لكن الرب أجابه "تكفيك نعمتى لأن قوتي في الضعف تكمل".  كأن الرب يقول لبولس في حكمتى سوف أجعل آلام الشوكة مستمرة لكنني سأهبك المزيد من النعمة الكافية والقوة المتزايدة التي ترفعك.  وهنا تجاوب بولس مع التشكيل قائلاً " فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تحل علي قوة المسيح، لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كو 12 : 9 ، 10).

   لذلك أنصحك أختنا مايفل أن تخضعي ذهنك وإرادتك لتشكيل الرب ولفهم معاملاته، ارفعي عينيك إلى السماء حيث دائرة البركات الممنوحة لك في المسيح واشعري بالغنى والمتلاء، لا تجعلي حرمان الحاضر يخفي من أمام عينيك بركات الله التي لا تحصى في المسيح.  اشكري على كل أحوالك وانتظرى إله التعويضات، قومي اعملي لمجد الرب من واقع نصرة وليس من أرض الهزائم.  فبشكرك سيمتلئ قلبك بالاكتفاء، وبعملك لأجل الرب سيمتلئ حضنك  بمردود العطاء.  ثم تعلمي درس الانتظار للرب وحده وثقي أنه في وقته سيسرع به حسب مشيئته الصالحة.  تذكري سارة ورفقة وراحيل وامرأة منوح وحنة والشونمية وأليصابات.  ليكن لك إيمان بالله وخضوع وتسليم في كل الأحوال.  

***

والآن اسمحوا لي أن أعرض عليكم رسالة أخينا " شادي"

"أنا أسمى شادي، أحب الرب وأحرص دائمًا على تمجيده.  لكن ما يؤرقني ويعكر صفاء حياتي هو حياة الرخاوة الشديدة التي تجتاح المؤمنين، والانحراف عن المبادئ الكتابية التي تسلمناها وتعلمناها من كلمة الله ومن السابقين.  أحيانًا كثيرة أجد نفسي مضطرًا إلى توبيخ الجميع من صغيرهم إلى كبيرهم، وأحيانًا أخرى يملأني شعور بالرغبة في ترك الجميع والانعزال والاكتفاء بشركتي مع الرب في المنزل بعدما أصاب الجماعة التسيب والهزال.  أرجوكم أفيدوني أي تصرف يجب عليَّ أن أفعله؟"   المتحير شادي.  

   إذا كان لديكم مشاركة بخصوص " شادي"  أو تساؤل أو استفسار في أي موضوع، يمكنكم مراسلتنا على البريد الإلكتروني  :   ayad.zarif@gmail.comأو على صفحتنا facebook/lawkontmakany        


 

المرجع : رسالتا التبرير - هول

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com