عدد رقم 3 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
موضوع الساعة "توحيد المسيحية"  



   كثيرًا ما نسمع اليوم عن "توحيد المسيحية" أو "اتحاد الطوائف المسيحية".  وليس من الضروري أن نظن أن الأمر حُلمًا بعيد المنال يفكر فيه الغيورون دينيًا، فهذا سيحدث فعلاً، ولكن ليس كما يفكر القادة الدينيين الآن.  فما من شك أن المسيحية الاسمية سيُعاد توحيدُها، وجميع الأمور الحادثة تدل على صحة هذه القضية، حتى أنها ليست عُرضة للشك لدى أيّ دارس جاد للكلمة النبوية.  ولكن هذا الاتحاد، عندما يتحقق، سيكون خلوًا من المسيح كمركز وأساس المسيحية، إذ لن يحدث ذلك فعليًا إلا بعد اختطاف المؤمنين الحقيقيين إلى السماء، الذين يمثلون جسد المسيح المرتبط به كالرأس.  وكل من يتبقى هنا، فهو في عِداد رافضي الخضوع للرب يسوع المسيح، والطاعة للكلمة الإلهية وللروح القدس.  فلا بد أن يحدث الارتداد الشامل أولاً، ثم يُستعلن إنسان الخطية (2تس2)، وذلك بعد اختطاف الكنيسة وفي أسبوع الضيق.

   إن خطية العالم المسيحي الرئيسية هي رفض رئاسة الرب والخضوع الفعلي لسلطانه بل والتمرد عليه، كذلك رفض قيادة الروح القدس، ورفض الوحدة التي صنعها الروح القدس عندما كوَّن الكنيسة لأول مرة باعتبارها جسد المسيح الواحد.  لقد رفضوا ما عمله الله واستحسنوا ما يروق لهم.  وبعدها يأتي طبعًا التشكيك في صحة الكلمة المُقدسة الموحى بها بالروح القدس مستخدمًا أناس الله القديسين.  وتقترن هذه الخطية بالرغبة في الحصول على مركز نافذ في العالم والسيادة على ضمائر البشر.  ولذلك، فبُعيْد اختطاف الكنيسة الحقيقية، تتحد جميع الأنظمة المعترفة بالمسيح في جسم واحد، وتهتف بكبرياء: «أليست هذه بابل العظيمة التي بنيْناها؟» إنهم سيبتهجون بما يسمونه "اتحاد المسيحية"، وهو الاتحاد الرافض للمسيح، والمتصرف بعكس مشيئة الروح القدس، والمهين لكلمة الله! تمامًا مثل بابل القديمة التي تُجسم التمرد والاستقلال عن الله، حيث أرادوا أن يتحدوا ويصنعوا لأنفسهم اسمًا (تك11).  وذلك كله سيكون على أساس جسداني شيطاني، ولن يدوم إلا فترة قصيرة قبل أن تطيحه الأمم في غضبها، لأن الأمم ستمقت الالتزامات الدينية بعد رحيل روح الحياة.

   هذه هي النقطة التي ينحرف فيها كل شيء.  فلسوف تصبح كبرياء بابل وتعاليها أمرين لا يُطاقان، حتى يقول الناس، كما قال بعضهم مؤخرًا في فرنسا وأسبانيا وغيرهما من المواطن اللاتينية: "لسنا نريد أي كنيسة البتّة، سنُبيد هذه الهيئة بكاملها، ونتحرر من سلطانها، ونعيش بلا وجودها".  هذه هي النتيجة الحتمية لتعليم الاشتراكية المسيحية التي تهاجم مبدأ الانفصال عن كل ما يتعارض مع الحق الكتابي، مدعية أنه كبرياء مقيتة، وإن كان المدعوون "إشتراكيين مسيحيين" قلما يدركون هذا الواقع المرير.

  هذا الاتحاد هو بابل الزانية العظيمة (رؤ18)، (المسيحية الاسمية المرتدة) التي سيُحصي الله مُلكها وينهيه.  وستكون دينونتها مُفاجئة وساحقة تمامًا كما حدث في أيام بيلشاصر ملك بابل، وسيُكتب على مكلّس حائطها «منا منا تقيل وفرسين» (دا5: 25).  كما هو مكتوب «هكذا بدفع ستُرمى بابل المدينة العظيمة ولن توجد فيما بعد» (رؤ18: 21)، وسيأتي خرابها في ساعة واحدة.

     لذلك فإن قُبيْل حلول ساعة الانتقام هذه ستدوي الدعوة المُلحّة للانفصال: «اخرجوا منها يا شعبي لئلا تشتركوا في خطاياها ولئلا تأخذوا من ضرباتها»* (رؤ18: 4).  فالذي يرغب أن يكون أمينًا للرب مدعو للانفصال عن كل ما يحمل طابع بابل، متذكرًا الكلمة القائلة «لا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبخوها» (أف5: 11).

     أما إذا كنت قد أجّلت موضوع خلاصك، أسرع الآن لتحتمي في دم المسيح، وإلا فإنك بغتة ستقرأ على مكلّس حائطك «أحصى الله ملكوتك وأنهاه ... وُزنت بالموازين فوُجدت ناقصًا» (دا5: 26، 27).

                     

                          بالموازينَ       وُزنتَ                فوُجدتَ      ناقصا

                          فاسمعنْ، إذ قد عصيتَ،              الحكمَ ضد مَن عصى

                         أُحصيتْ   أيامُ   عمرِكْ                وانتهتْ دون انتظار

                          بغتةً    تسكنُ    قبركْ                ثم   بعد  القبرِ  نار

                     

- - -   ------------    - - - - - - - -- - - - -   -- - - - - - - -- -   - - -- -- -  - --  - --   - - --  -- --   --

*هذه ليست دعوة إلى الكبرياء والروح المتعالية التي يمقتها الله، ويحمينا الرب من الظن بأننا أفضل من غيرنا، إنما هي فقط دعوة إلى الأمانة والخضوع للحق الكتابي في اتضاع حقيقي.

 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com