عدد رقم 6 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
وَادِي البَسُور (1صم30)  

   "وَادِي الْبَسُور" يعني: "وادي البشارة"  أو "الأخبار السارة".  وكان هذا الوادي يقع جنوبي صقلغ.  وعندما احترقت صقلغ بالنار، وسأل داود من الرب: هل أصعد لمحاربة هؤلاء الغزاة؟ هل أدركهم؟ كان جواب الرب: اصعد فإنك تدرك وتنقذ.  وبينما كان رجال داود يعبرون في وادي البسور صادفوا رجلاً مصريًا في الحقل، فأحضروه إلى داود.  وهذه مسؤوليتنا باعتبارنا رجال داود الحقيقي، شخص الرب يسوع المسيح أن نحمل الأخبار السارة للنفوس الهالكة التي حطمها الشيطان، والتي يضعها الرب في طريقنا يوميًا، لنقودها نحو المسيح المخلص، طالما لا زلنا في يوم النعمة، وقبل أن يغلق الباب، وتضيع الفرصة للأبد.  إن شمس النعمة على وشك أن تغيب وسط سحب الدينونة القادمة، ويقول الرسول بولس: "فإذ نحن عالمون مخافة الرب نقنع الناس" (2كو5: 11).     

ولنتأمل معًا في حالة هذا الرجل المصري وهو في وَادِي البَسُورِ

1ـ "رَجُلاً مِصْرِيًّا فِي الْحَقْلِ"(1صم30: 11). 

فهو مصري الجنسية، ومصر تشير إلى العالم، وهو ينحدر من نسل حام ابن نوح.  وفي لعنة كنعان ابن حام، نرى لعنة كل نسل حام، بما فيهم مصرايم، الذي ينحدر منه هذا الرجل.  فهو ليس مصريًا من نسل حام فقط ، بل مطروحًا في الحقل.  والحقل أيضًا يشير إلى العالم (مت13: 24، 38).  إنه يمثل الإنسان الطبيعي الذي ينتمي إلى هذا العالم الواقع تحت اللعنة، ويسلك حسب دهر هذا العالم (أف2: 2).  وكل ما في العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون وتعظم المعيشة (1يو2: 16).

2ـ  "عَبْدٌ لِرَجُل عَمَالِيقِيٍّ، وقَدْ تَرَكَهُ سَيِّدِهُ لأَنّهُ مَرِض مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ" (1صم30: 13).  

كان هذا الرجل عبدًا عند سيده العماليقي، وعماليق يرمز إلى الجسد.  فهو يعيش ويعمل لحساب الجسد.  «عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الجَسَدِ وَالأَفْكَارِ» (أف2: 3)، ولسان حاله «أَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ» (رو7: 14).  وسيدهُ هو عماليق، وهنا نرى عماليق لا يرمز إلى الجسد فقط بل إلى الشيطان نفسه.  وهذا العبد يفعل إرادة سيده، ويخبرنا عن ذلك الوحي فيقول: «الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً.. حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ» (اف2: 2).  والشيطان سيد قاسي لا يعرف للرحمة طريق، فبعد أن استنفدت قوى العبد، وصار لا حول ولا قوة له، تركه مريضًا ليموت.  فذاك كان قتالاً للناس من البدء.  وهذه هى حالة ذاك الرجل الذي يمثل الخاطي المستعبد.  لكن العناية دبرت أن هذا الرجل يوجد في وَادِي الْبَسُورِ، وادي الأخبار السارة، فيصل إليه رسل داود حاملين له الخبر الطيب الذي أحيا فيه الرجاء. 

وقد فعل معه رسل داود الآتي:ـ

1ـ   "أَخَذُوهُ إِلَى دَاوُدَ" (1صم30: 11). 

لقد أحضروه إلى داود، وحالته تشبه حالة المفلوج الذي أحضروه للرب، «وَجَاءُوا إِلَيْهِ مُقَدِّمِينَ مَفْلُوجًا يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ» (مر2: 3).  والخاطي في حالة العجز ولا يستطيع أن يعمل شيئًا مقبولاً أمام الله.  والذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله.  ومكتوب «لأَنَّ الْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ» (رو5: 6).

2ـ  "َأَعْطَوْهُ خُبْزًا فَأَكَلَ"(1صم30: 11). 

المسيح هو خبز الحياة.  ونسمع هذا الإعلان من فمه الكريم: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ وَمَاتُوا. هذَا هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وَلاَ يَمُوتَ.  أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ» (يو6: 48ـ 51).  والأكل بالمفهوم الروحي يعني الإيمان بالمسيح والاتحاد به.

3ـ  "سَقَوْهُ مَاءً" (1صم30: 11).

 لقد شرب هذا الرجل من ماء العالم، كثيرًا، ولم يرتوِ، كما قال الرب للسامرية: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»(يو4: 13، 14).  والماء يشير إلى الروح القدس.

4ـ  "َأَعْطَوْهُ قُرْصًا مِنَ التِّينِ" (1صم30: 12).

عاش هذا الرجل مع سيده العماليقي لا يعرف طعم الحلاوة في الحياة، بل لنفسه الجائعة كان كل مُر حلو.  وجاء الوقت ليتمتع بأحلى شخص ويعيش أحلى حياة مع داود مسيح الرب الذي يشير إلى الرب يسوع المخلص والمحرر.      

5ـ  "َوعُنْقُودَيْنِ مِنَ الزَّبِيبِ" (1صم30: 12).

والخاطي الذي تقابل مع الرب أكل من خبز الحياة، وشرب من الماء الحي، وحصل على الحياة الأبدية «فَأَكَلَ وَرَجَعَتْ رُوحُهُ إِلَيْهِ»، وها هو الآن يتمتع بأفراح الروح القدس، لأن الزبيب يشير إلى أفراح الروح القدس، ويتغنى مع عروس النشيد قائلاَ: «أَسْنِدُونِي بِأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ. أَنْعِشُونِي بِالتُّفَّاحِ، فَإِنِّي مَرِيضَةٌ حُبًّا» (نش2: 5). ولعله قد شارك في حفل توزيع غنيمة أعداء الرب، وكان له نصيب في هذه البركة (1صم30: 26).  فقد توالت عليه أفراح الروح القدس.

هذا الرجل سمع من داود ضمانين للحياة وللحرية.  ومن ذلك الوقت أصبح انتماؤه وولاؤه لداود ليشارك في الخدمة مع رجال داود. 

                                                                                                                                                                                       


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com