عدد رقم 6 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
عابرين في وادي البكاء  

   أخي ورفيقي المتألم ..
يا من اجتازت نفسك مرارة الألم وصارت لك دموعك خبزًا ..
 يا من تعبت من تنهدك اليوم كله .. يا من تثقلت جدًا فوق الطاقة حتى أيست من الحياة ..
 يا من طال ليلك وكلت عيناك من انتظار إلهك ..
يا من عصفت بك أمواج الحياة وترنحت بين المد والجزر، فمرة تعلقت بالأمل وبدا الانفراج وشيكًا، ومرة تعقدت الأمور ودنوت للفشل أو رجوت فحصدت خيبة بعد الأمل ..
ثق يا رفيقي أن بعد طول الليل لا بد نهار، وفي النهاية سيتحقق الانتصار، والرب خلف كل الغيوم هو المنار، والشفيع كلما هاج العدو أو ثار، إنه ضامن العهد وبيمناه القرار.
  ويا لها من تعزية عندما ندرك أنه يسيطر على الأحداث ويمسك بالزمام ولا شيء يحدث إلا بإذنه، وهو يجعل كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبونه، فلا شر الإنسان ولا عداوة الشيطان يمكن أن تغيِّر أو تفشل المُخَطط الإلهي الذي قصده قبل الدهور لمجدنا.  فسريعًا ستمضي الأيام وينتهي الزمان، ونصل إلى بيت الآب حيث تغيب الأعداء وتُلغى الآلام، والقلب يطيب في دار السلام.   

   صديقي ..
ثق أن الله يحبك ويشعر بك ويسمع صوت بكائك ويحفظ دموعك في زقه ويكتبها في سفره.  إنه رفيقك في هذا الوادي، وادي البكاء، وليس عنك ببعيد.  وهو دائمًا يفكر فيك أفكار سلام لا شر، ويمد إليك يديه ليضمك ويحتويك بكل متاعبك، وقبل أن تشكو يقول لك: "علمت يا ابني علمت"! 

   ثق أنه لا يخطئ ولا يترك ولا يهمل ولا ينسى ولا يقسو ولا يحطم ولا يغدر، فقلبه الرقيق دائم الحنان، وقدرته الفائقة تعطي لنا الأمان.  إنه كالبرق يسرع لكل مُستجير، يأتي كالظبي أو غُفر الأيائل على الجبال المُشعَّبة، بل يجعل قدميك كالأيائل ويمشيك على مرتفعاتك.  وسيستخدمك بركة لتشجيع وتعزية الآخرين.

   قد لا يفهمك الآخرون ويروك كائنًا غريبًا عنهم، أو يفسرون ظروفك على أنها معاملات تأديبية وأنك حتمًا مُخطئٌ والله يُغرمك بأقل من إثمك، مثلما فعل أصحاب أيوب.  لا تنزعج .. فالرب له الكلمة الأخيرة وسيخرج مثل النور برك وحقك مثل الظهيرة.  إنه ينقيك مثل الذهب ويشكل في إنائك ويطبع صورته الحلوة عليك.  لقد اختارك أنت لينفذ من خلالك مشروعًا عظيمًا، وإن بدا مُكلفًا، يحقق مجده ويعود بالبركة الأبدية على كثيرين، فاقبل خطته في حياتك، واتركه يفعل بك ما يشاء، وفي النهاية ستدرك حكمته وتفهم قصده وتعظم نعمته، وسترى أخيرًا أن كل شيء على ما يرام، وستكون راضيًا وشاكرًا وفرحًا بكل ما فعل.                

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com