عدد رقم 5 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
ياللي حولت المرارة لترنيمات  


   لاشك أن لكل مؤمن فينا آلامه وأحزانه، وبكل تأكيد فإن للرب قصدًا عظيمًا في ذلك، وهو يتحكم في كل الأشياء ويجعلها تعمل معًا للخير للذين يحبونه، ويحول المرار إلى فرح وترنم. 

   لذلك يا أحبائي أشجعكم ببعض الأمثلة الكتابية التي ترينا كيف تدخل الله في أصعب الظروف، في حياة بعض المؤمنين، وحول النوح إلى تعزيات وأفراح وترنيمات، والأهم أنهم قد عرفوه بشكل جديد ومُتميِّز عن كل الماضي، وخرجوا باختبار عميق يشهد عن صلاح الله وأمانته، وأن السيد لا يرفض إلى الأبد، فإنه ولو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه: 

1- شعب الله في مارة (خر15):
   أخرج الرب شعبه من أرض مصر، بيد قوية وذراع رفيعة، إذ شق البحر أمامهم وعبَّرهم،  بعدها رنم موسى وبنو إسرائيل للرب الذي قد تعظم (خر14، 15).  لكنهم بعدما ساروا في البرية ثلاثة أيام ولم يجدوا ماء، جاوا إلي مارة ولم يقدروا أن يشربوا منها لأن الماء كان مُرًا، وتحول الترنيم إلى تذمرعلى الرب.  "فصرخ موسى إلى الرب فأراه الرب شجرة فطرحها في الماء فصار الماء عذبًا".  فقد استطاع الرب أن يحول المرار إلى حلاوة، وكان العلاج في الشجرة المطروحة التى تُكلمنا عن الرب يسوع المسيح، الذي قُطع من أرض الأحياء في نصف أيامه، والذي جرَّب كل ما في البرية من مرار وألم، لذلك يقدر أن يعين المجربين.  وعندما نستحضره إلى واقع تجاربنا سنجد الراحة والعزاء، وتهون علينا ظروفنا.

2- نُعمي:
   مرت نُعمي بظروف صعبة إذ فقدت ابنيها ورجلها في موآب، وعندما رجعت بعد عشر سنين إلى بيت لحم، والمدينة تحركت بسببها وقالوا: "أهذه نُعمي"؟!  قالت لهم: "لا تدعونى نُعمي بل ادعونى مُرة لأن القدير قد أمرنى جدًا" (را 20:1).  "الرب قد أذلني والقدير قد كسرني".  لكن الرب العظيم الذى أرجعها مرة أخرى، استطاع أن يعوضها عن كل آلامها وأحزانها برجوع راعوث معها، ومحبتها لها، وبعد ذلك ارتبطت راعوث ببوعز وأعطاها الرب ابنًا، فأخذته نُعمي وصارت له مربية، فقالت لها النساء: "مبارك الرب الذي لم يُعدمك وليًا اليوم لكي يُدعى اسمه في إسرائيل .. لأن كنتك التي أحبتك قد ولدته، وهي خير لك من سبعة بنين" (را4).  فما أعظم الرب الذي لم يترك المعروف مع الأحياء والموتى (را 2).

3- المرأة الشونمية (2مل4):
   اجتازت المرأة الشونمية في امتحان صعب للغاية عندما مات ابنها الوحيد، فذهبت إلى رجل الله أليشع وأمسكت برجليه، فتقدم جيحزى ليدفعها، فقال له أليشع: "دعها لأن نفسها مُرة فيها والرب كتم الأمر عني".  لقد كانت نفسها مُرة فيها بسبب ثقل التجربة، لكن الرب استخدم أليشع في إحياء الولد، بل وإحياء وإنعاش نفسها المُرة!  فحول مرارة نفسها إلى فرح وتعزيات وسجود، فأتت وسقطت عند رجلي رجل الله وسجدت إلى الأرض، ثم حملت ابنها وخرجت.

4- حنة أم صموئيل (1صم1، 2):
   كانت عاقرًا، لأن الرب كان قد أغلق رحمها، وكانت ضرتها تغيظها باستمرار، حتى عندما ذهبت إلى بيت الرب في شيلوه.  وفي حزنها بكت ولم تأكل، وذهبت بالمشكلة إلى الرب، وهي مُرة النفس وسكبت نفسها أمامه، وكانت تصلي بلجاجة، وتتكلم في قلبها وشفتاها فقط تتحركان، وصوتها لم يُسمع، حتى إن عالى الكاهن ظنها سكرى فوبخها (1صم 13:1)!  لكنها خرجت من محضر الرب ولم يكن وجهها بعد مغيرًا.  وفي مدار السنة تدخل الرب وأعطاها صموئيل، بعدها استطاعت أن تترنم: "فرح قلبي بالرب" (1صم2: 1).  وبحق الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج. 

5- مردخاي: 
   لقد أصدر الملك أحشويروش مرسومًا بإبادة كل شعب اليهود، وكان ذلك بتدبير هامان الرديء، ويقول الكتاب عن مردخاي " لما علم مردخاي شق ثيابه ولبس مسحًا برماد وخرج إلى وسط المدينة وصرخ صرخة عظيمة ومُرة".  لكنه تعلق بالرب، فتدخل الرب بسرعة وأنقذ مردخاي وكل شعب اليهود، وحول المرار إلي فرح وترنيم! ورد شر هامان على رأسه. 

6- الملك حزقيا (إش38):
عندما أرسل الرب إشعياء النبي إلى حزقيا قال له: "أوص بيتك لأنك تموت ولا تعيش".  وكانت هذة الرسالة سبب ألم ومرار لحزقيا، فوجه وجهه إلى الحائط وبكى وصلى،  فأرسل له الرب إشعياء مرة أخرى يقول له: "قد سمعت صلاتك قد رأيت دموعك" (إش 4:38)، وأضاف إلى عمره 15 سنة.  ففرح حزقيا وقال: "هوذا للسلامة قد تحولت لى المرارة، وأنت قد تعلقت بنفسي من وهدة الهلاك" (إش17:38).

7- بطرس:
   عندما أنكر الرب في المحاكمة، والتفت الرب ونظر إلى بطرس، "فخرج إلى خارج وبكى بكاءً مُرًا" (مت26: 75)، كانت لحظات قاسية على نفسيته، لكن الرب لم يتخل عنه، وبعد القيامة ظهر له ظهورًا خاصًا (لو34:24)، وظهر له مرة أخرى على بحيرة طبرية ورد نفسه ردًا كاملاً (يو21)، فتحول المرار إلى فرح، واستخدمه بعد ذلك استخدامًا عظيمًا في سفر الأعمال.   

   أخي المتألم، يا من طحنتك رحى التجارب والمحن، هيا تعال للمسيح، فهو وحده يريح، بل قادر أن يُخرج من آلامك طيبًا يفيح، حتى ولو كنت في قفر فسيح

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com