عدد رقم 5 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الأشعة الإلهية الفاحصة  

«اخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ»
(لو5: 8)
   في نور محضر الله فقط يمكننا أن نعرف حقيقة ذواتنا.  وفي العهد القديم كان هناك اعتقادٌ سائدٌ عند جميع الذين كانت فيهم مخافة للرب، أنه لا يمكنهم أن يروا الله ويعيشوا.  وهذا ما قاله الرب صراحة لموسى عندما طلب أن يرى مجده (خر33).  وكانوا يحملون هذا الضمير منذ أن توارى آدم من حضرة الله.  فمنوح اعتقد أنه لا بد سيموت لأنه رأى الله، وكذلك كل من جدعون وحزقيال سقط على وجهه، ودانيال تحولت نضارته إلى فساد عندما رأى لمحة من المجد الإلهي، وإشعياء عرف نجاسته وارتعد عندما رأى السيد جالسًا على الكرسي العالي والمرتفع، وحوله السرافيم يسبحونه ويتغنون بقداسته.  وهذه المعرفة التي أوصلهم الله إليها، أنهم قد أعوزهم مجد الله، قادتهم إلى التوبة الحقيقية وإدانة ذواتهم.

   هكذا هو الحال مع بطرس هنا، فقد اقترب منه المجد وهو لا يعرف، بكيفية لا يلاحظها غيره.  لأنه ما هو صيد سمك كثير في نظر الصياد العادي إلا رمية موفقة أو من حسن الحظ؟  لكن أصغر الأشياء قد تنطق بأمور عظيمة للنفس التي يقصد الله أن يقتادها إلى التوبة.  فثقب في الحائط يكفي لأن يرى النبي رجاسات عظيمة في وسط شعب الله، وغيمة لا تزيد مساحتها عن كف إنسان يراها الفطن مليئة بأعمال الله وتنطق بمجده، وهي تحمل مطرًا غزيرًا جدًا على الأرض، بعد انقطاع دام ثلاث سنين وستة أشهر.  لقد كان أمام بطرس، بعد ليلة تعب فيها ولم يُمسك شيئًا، ذلك الشخص المجيد الذي له البحار وكل ما فيها.  ولذلك كان صيد السمك في ذلك الصباح بمثابة وميض المجد أمام ذلك الخاطئ، الذي تقوده اليد الإلهية إلى معرفة ذاته قبل معرفة الله المعلن في شخص المسيح، الذي كان حاضرًا معه في السفينة.  إنه نظير إشعياء الذي عيناه رأتا الملك رب الجنود فاستشعر نجاسته واحتياجه إلى التطهير بالمقاييس التي تناسب قداسة الله.  هذا النور الفاحص والكاشف هو بدء التوبة الحقيقية للإنسان.  وقبل هذا النور الذي يصل إلى القلب، والأشعة الإلهية الفاحصة، يظل الإنسان راضيًا عن نفسه، وقد يدين الآخرين، وفي أحسن الحالات يقتنع أنه يخطئ في بعض الأمور، حتى يسطع عليه النور الإلهي في يوم لا يتوقعه، وبطريقة لا يتوقعها، كما حدث مع شاول الطرسوسي، فيكتشف خرابه الكامل، ويفعل كما فعل بطرس إذ خر عند ركبتي يسوع قائلاً: «اخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ».
                                                                

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com