عدد رقم 5 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
المسيح الذي عمل وعلَّم  

   نحن أمام شخصية فريدة ومدرسة عظيمة، إنه أروع وأعظم وأنقى شخص عاش أجمل وأحلى حياة، إننا نتحدى الجميع قائلين مع المرنم: مين قال كلامه ومين عاش حياته؟ 

   فحياة أي شخص تنقسم إلى جزئين رئيسيين، كيف تكلَّم وبماذا علَّم؟ وماذا فعل؟  وهكذا سُجِّل عن المسيح في أع1:1 "عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويُعلِّم به"، ولاحظ أنه قدم كلمة (يفعله) عن كلمة (يُعلِّم به)، مما يدل على أهمية الحياة العملية وملازمتها للتعليم، وللتأكيد على أهمية ذلك أشار المسيح قائلاً في مت 5: 19 "وأما من عمل وعلَّم فهذا يُدعى عظيمًا فى ملكوت السموات".

   وقد شهد تلميذي عمواس عن المسيح في لو24: 19، أنه "كان مقتدرًا في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب".
  وهكذا سنتناول العلاقة بين ما قاله المسيح وعلَّم به، وما فعله وعاشه عمليًا                       (يسوع والأسرة)
والسؤال هنا هل أكرم يسوع أباه وأمه كما علَّم ووبخ الفريسيين على تقصيرهم تجاه الوالدين؟
(راجع مت 15)

*نعم لقد ظهر ذلك *
(في الناصرة)
 ما جاء في لو2: 41 - 52 يظهر أنه كان في تمام الطاعة والخضوع ليوسف ومريم، عندما سكنوا فى الناصرة، هذه القرية الصغيرة المحتقرة حتى من سكان الجليل (يو1: 46).  لكننا لم نسمع منه كلمة تذمر أو اعتراض، وتقبل الواقع البسيط وأن يعيش فقيرًا في بيت متواضع.  كان يصعد مع أبويه كل سنة إلى أورشليم في العيد، ثم ينزل معهما إلى الناصرة، وكان خاضعًا لهما.  ويا لها من كلمة عظيمة! تظهر كيف وأن الذي بمقتضى لاهوته يخضع له كل الكون، وهو إنسان كامل، في صباه، كان خاضعًا لهما بكل سرور.  والكلمة تعني أن هذا كان طابع حياته وليس موقفًا خاصًا لم يتكرر.

   ثم ممارسته لمهنة يوسف النجار، حتى قيل عنه: "أليس هذا ابن النجار؟" (مت13: 55)، وأيضًا "النجار الذي من الناصرة" (مر6: 3).  فقد عمل مع يوسف فى ورشة النجارة، ولم يخجل ولا اعترض، وكان يشتغل بيدين راضيتين، وذلك لمدة 30 سنة قبل خروجه للخدمة العلنية.

(في الهيكل)
السؤال الثانى :- لماذا قالت له أمه: "يا بني لماذا فعلت بنا هكذا؟  هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين"؟
أطاع يسوع أبويه في كل شيء، في صعوده وفي نزوله، في عمله وفي سكنه، لكن يوسف ومريم لم يفهما طبيعة بنوته الحقيقية لله أبيه، التى تلزمه أن يخضع له أينما كان على الأرض، وأنه كان في كل حياته فيما لأبيه السماوي، ولاسيما عندما كان في الهيكل (بيت أبيه)، ولم يفهما من هو فى ذاته، لذلك تعاملوا معه بحرص شديد خوفًا من أن يضيع وسط الزحام في العيد وهو صبي صغير يبلغ فقط 12 سنة من العمر، ولم يعلما أنه القديم الأيام الأزلي الأبدي، لذلك تصرفوا بناء على مفاهيم خاطئة بداخلهم، فعادوا يبحثون عنه، وعندما وجدوه خرجت الأسئلة دون تريث كامل لحقيقة شخصه، لقد نسيت مريم ما قيل لها عنه فى بشارة الملاك: "القدوس المولود منك يدعى ابن الله"، وأيضًا نسي يوسف كلام الملاك عنه: "وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم"، ومع ذلك أجاب بنعمة سامية وحكمة بالغة: "لماذا كنتما تطلبانني؟ ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي"، وكانت هذه هي أول عبارة سُجلت له على صفحات الوحي، وتعتبر عنوانًا لسنوات الصمت الثلاثين قبل أن يبدأ خدمته الجهارية، فما أروعه!

(في عرس قانا الجليل)
السؤال الثالث :- لماذا قال لأمه في يو 2 ما لي ولك يا امرأة، لم تأت ساعتي بعد؟  
إن كان الاعتراض على كلمة "يا امرأة" فهي لم تقلل من شأنها، بل إنما تعني "يا فاضلة أو يا سيدة". 
وأما عبارة "ما لى ولك"؟ فهي تعنى شيئين: أولاً إنه لم تأت الساعة التي ستظهر مجده، فهي أرادت أن تمجد المسيح بطريقتها وفي وقتها، فعرس قانا الجليل هو صورة لأفراح الملكوت في المستقبل، بينما هو أشار إلى أن الطريق إلى المجده هو الصليب أولاً، والشيء الثاني أنه بعد أن بدأ خدمته العلنية انقطعت الربط الطبيعية وأصبح يقبل التوجيهات من أبيه السماوي فقط وليس من أمه، وبهذا يظهر الاختلاف في توقيت الحصول على المجد ومصدر من يعطيه ويوجهه.

(عند الصليب)
   "هوذا ابنك ... هوذا أمك" (يو19: 25- 27).  عند الصليب لم ينسَ يسوع أمه بالرغم من عمق آلامه وهو مُعلق، بل حرص على أن يأخذها يوحنا إلى خاصته بعد موته، أليس هذا إكرامًا منه لها.  فلقد أودع هذه الأمانة الغالية إلى التلميذ الذي كان يحبه، وكان مليئًا بالحنان والعواطف، وهو قبل هذا التكليف بكل الحب والفخر.

يا ليتنا نتمثل بهذا الصرح والشموخ فى الوداعة والتواضع والخضوع والطاعة والالتزام، وأن نكرم الله في أسرنا ووالدينا، وأن نحيا ما نقوله ولا نقول ما لا نحياه.                                                                                                                   

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com