عدد رقم 5 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكاني  


   أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديد من بابكم "لو كنت مكاني" 
كنا قد طرحنا في العدد السابق الرسالة التي  وصلتنا من الأخ صديق المجلة (أندرو) والذي كتب قائلاً: 
" أنا اسمي أندرو، عرفت الرب من سنة بس. ومن يوم ما عرفت الرب وأنا مشتاق أعرفه أكثر وأقرأ في الكتاب المقدس وأفهمه.  بس  المشكلة إني ما أعرفش أقرأ إزاي.  نفسي كمان أدرس الكتاب بطريقة منتظمة.  يا ريت تدلونى على بعض طرق دراسة الكتاب  المقدس؟ شكرًا مقدمًا. 
                                                                                                 ( أندرو) 
   شكرًا جزيلاً عزيزي أندرو لرسالتك التي أنعشتنا بالفعل، فأي شيء يُسر وينعش النفس مثلما نسمع عن شباب مثلك قد تعرفوا بالرب في ريعان شبابهم وتمتعوا بغفران خطاياهم، وزرعت فيهم أشواقٌ لقراءة ودراسة وفهم كلمة الله.  إن هذا هو المكسب الحقيقي الدائم أخي اندرو.
   وإني أنتهز فرصة الرد على رسالتك لأشير إلى موضوعين في غاية الأهمية، وهما: ما هو دورنا تجاه كلمة الله وكيف نقرأها؟  ثم كيف ندرس كلمة الله ؟

   لذلك دعنا في هذا العدد نتناول الموضوع الأول وهو مسؤوليتنا تجاه كلمة الله وكيف نقرأها، ثم بمشيئة الرب سنتناول الموضوع الآخر عن كيفية دراسة كلمة الله في العدد القادم.

   وسنوجز كلامنا في النقطتين التاليتين:
كيف وصل الكتاب إلينا؟
ما هي طرق تعاملنا مع الكتاب المقدس وكيف نقرأه؟

أولاً: كيف وصل إلينا الكتاب المقدس؟ 
مر الكتاب المقدس بأربع مراحل لكي يصل إلينا، وهذه المراحل الأربع هي:

1- الإعلان  2- الوحي  3- الكتابة اللفظية  4- الاستنارة

وبقراءتنا في 1كورنثوس 2 : 9 - 13  سنتعرف على المراحل الثلاث الأول كالآتي:

الإعلان: هو كل ما في فكر الله (أعماق الله) قبل أن يوحي به لكتبة الوحي، ويتضمن كل ما يريد الله أن يعلنه لنا. 

الوحي: عندما نقل الله ما في أعماقه بروحه إلى أذهان كتبة الوحي.  ويمكن القول إن كل الكتاب هو موحى به من الله، ولكن ليس كل الكتاب إعلانًا مباشرًا من الله، لأنه يتضمن أقوال الشيطان وأقوال بشر خطاة أحيانًا. هذه الأقوال ليست أقوال الله وإنما قصد الله أن تصل إلينا لنتحذر منها، فأوحى لكتبة الوحي أن يسجلوها كما هي بالروح القدس، رغم أن محتواها ليس صحيحًا. 

الكتابة اللفظية: وهو نقل الوحي من أذهان الكتبة إلى رقوق وأسفار الكتاب مستخدمين ألفاظًا روحية بشرية، أي قارنين أو ناقلين الأفكار الروحية بألفاظ وكلمات روحية قادهم فيها الروح القدس، لذا نحن نؤمن بالوحي اللفظي لكلمة الله وليس فقط وحي الفكرة.  "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بط1: 21).

ثم تأتي المرحلة الرابعة والأخيرة وهي الاستنارة  وبها يدركَ المؤمن بالروح القدس الحقَ المعلَن في الكتاب المقدس.  بالرغم من أننا نستطيع الحصولَ على الحقائق بأنفسنا، إلا أن روحَ الله هو الذي يفتح أذهاننا وقلوبَنا لنفهم الحقائق الروحية.  قال بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس: "بل نتكلمُ بحكمة الله في سر.  الحكمةِ المكتومة التي سبق الله فعيّنها قبل الدهور لمجدنا.  التي لم يعلمْها أحد من عظماءِ هذا الدهر.  لأنْ لو عرفوا لما صلبوا ربَّ المجد.  بل كما هو مكتوبٌ ما لم ترَ عينٌ ولم تسمعْ أُذنُ ولم يخطرْ على بالِ إنسان ما أعدّه الله للذين يحبّونه" (1كو7:2-9).  أنت وأنا نستقبل المعلومات من خلالِ بوابة العين أو الأذن أو من خلال المنطق، ولكن بولس يقول لنا هنا إنه توجد أشياء لا يمكن أن نراها بالعين أو نسمعَ بها بالأذن أو نعرفها بالفكر والمنطق.  إذًا كيف نحصل عليها؟ "فأعلنه الله لنا نحن بروحه، لأن الروحَ يفحص كلَ شيء حتى أعماقَ الله" (1كو 10:2).  نعم، هناك الكثير من أمور هذه الحياة لا يمكننا أن نعرفَها بالوسائل الطبيعية، بالأولى كلمة الله، لا بد من المعلّم الأعظم، الروحِ القدس ليرشدنا إلى كل الحق.

ما هي طرق تعاملنا مع الكتاب المقدس؟
اسمح لي أن أضعَ بين يديك سبعَ خطواتٍ أساسية وعملية تكون مرجعًا لك في دراستك للكتاب المقدس:

أولاً: ابدأ بالصلاة. 
ثانيًا: اقرأ كتابك المقدس يوميًا.
ثالثًا: تأمل في الكتاب يوميًا. 
رابعًا: ادرس الكتاب المقدس. 
خامسًا: اقرأ ما كتبه الآخرون عن الكتاب المقدس. 
سادسًا: أَطع الكتاب بكل قوتك. 
سابعًا: وأخيرًا أعطه لغيرك كي يقرأ ويستفيد. 

لخص أحدهم هذه الخطوات السبع قائلاً: "اعرف الكتابَ المقدس في رأسِك، احفظْه في قلبِك، أظهرْه في حياتِك وازرعْه في الآخرين".
أولاً: ابدأ بالصلاة: اقرأ كلمةَ الله بروح الصلاة. قال القديس أغسطينوس: "لما كنتُ شاباً سعيتُ إلى فهمِ معنى الأسفار المقدسة بقوة الإدراك العقلي وليس بالتوسلِ الخاشعِ لله.  فأغلقتُ أمام نفسي بتشامخي وكبريائي البابَ الموصلَ الى الله.  فالكتابَ المقدس يختلفُ عن غيره من الكتب بأن الروحَ القدس يفتح أذهاننا وقلوبَنا لنفهمَه.  نحتاج أن نردد القول: "اكشف عن عينيَّ فأرى عجائبَ من شريعتك" (مز 18:119). 

في مواضع عديدة من الكتاب المقدس يأتي ذكر الصلاة ملازمًا لقراءة الكلمة أو سماعها.. يقول بولس في رسالة أفسس: "وخذوا ... سيفَ الروح الذي هو كلمة الله، مصلّين بكل صلاةٍ وطلبة كلّ وقتٍ في الروح.." (أف 17:6، 18). 

ثانيًا: قراءة الكتاب المقدس: قال رجل الله جورج مولر: لقد قرأتُ الكتابَ المقدس من أولِه الى آخرِه مئةَ مرة وكنتُ أجدُ فيه دومًا مزيدًا من اللذة.  ففي كل مرة كان يبدو لي وكأنه كتابٌ جديد.  واليوم الذي يمرُّ عليّ دون أن أصرِفَ فيه وقتًا كافيًا مع كلمةِ الله يُعتبَر في نظري يومًا ضائعًا".

لربما تبدو العبارةُ (اقرأ الكتاب المقدس) بسيطة بديهية بالنسبة لك، ولكنها على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية.  قال جون داربي أحد مفسري الكتاب في القرن التاسع عشر: "إن أفضلَ وأضمنَ الوسائل لتأمين نفسِك وتثبيتِها من جهةِ حقِ وسلطانِ الكلمة هو أن تقرأ الكلمةَ نفسَها".. هناك حادثةٌ مثيرة في العهد القديم في سفر نحميا" (نح 1:8-3)، لقد كان اليهود القدماء آنذاك في السبي في بابل لمدة سبعين سنة، وكثيرون منهم لم يسمعوا أبدًا بكلمة الله.  فلم تكن ذائعةَ الانتشار في تلك الأيام، لربما كان هناك مخطوطةٌ أو اثنتان كان عزرا يمتلك إحداهما.  فوقف وقرأ أمام باب الماء "وقرأوا في السفر في شريعة الله ببيان وفسّروا المعنى وأفهموهم القراءة " (نح 8:8).  من النص يمكننا أن نفهم أن اللاويين كانوا موزّعين بين الشعب، وكان عزرا يقرأُ فقرةً من الشريعة ثم يعطي مجالاً للشعب ليسألوا أسئلة يجيبُ عليها اللاويون.  يقول نحميا: "..واللاويون أفهموا الشعبَ الشريعة والشعبُ في أماكنهم " (نح 7:8). نعم، ما أحوجَنا اليوم الى قراءة كلمةِ الله بخشوع وارتعاد! الشعب لما سمع الكلمة بكوا وتأثروا.

أنا لا أبالغ أبدًا في أهمية الكتاب المقدس، لأنه كلمةُ الله.  قال أحدُهم:" أيُّ كتابٍ آخر يسكِّن روْعَ الخاطئ من هول الحساب، ويستميل القلبَ لمحبةِ الله، ويحث الإنسانَ على طهارة القلبِ والحياة، ويُعدُّه لسماءٍ مقدسة لا تدخلُها الشهوات، ويسكنُ فيها الذين أحبّهم المسيح وقد غسّلهم من خطاياهم بدمه، نعم أيُ كتابٍ آخر يفعل كلَ ذلك وأكثر كما يفعل الكتاب المقدس! واليوم لطالما يحاول العالم إبعادنا عن الكلمة وإشغالنا بأمورٍ فانية.  حتى أن الكنيسة وكثرة الأنشطة فيها أحيانًا تُلهينا عن قراءة الكتاب.  لذلك فإنك تجد بعضَ أعضاء الكنائس أو الخدام يجهلون كلمةَ الله لأنهم لا يجدون الوقت لقراءتها.  هذا أمرٌ محزنٌ للغاية.  أناشدك أخي العزيز أن تقرأ كلمة الله يوميًا، فهذه هي الطريقة الوحيدة لتعرف الكلمة.

 إنها ضرورة أن نقرأ كلمةَ الله تمامًا كضرورة الطعام والشراب وتنفس الهواء.  نعم قراءة الكلمة ضرورة وليست فرضًا يُفرضُ علينا كعبءٍ ثقيل. 
هناك نصائحُ ثمينة قدمها رجلُ الله جورج مولر، الذي عاش حياةَ الإيمان في القرن الماضي متكلاً على الله. قال مولر حول قراءة الكلمة ما يلي:

1. اقرأ كلَ الكتاب من أوله الى آخره بانتظام، بحيثُ تقرأْ من العهد القديم ومن العهد الجديد باستمرار، أي أنك تبدأ من بدايتهما.  ضع علامةً عندما تقف لتبدأَ منها عندما تقرأ.  وحينما تنتهي من عهدٍ من العهديْن ابدأْهُ من جديد.

2. اقرأْ وصلّ، لأننا لا نقدر أن نفهمَ الكتابَ بحكمتنا البشرية، أي استعنْ بالروح القدس في قراءتك، واطلبْ من الله لأجل الاستنارة.

3. اقرأْ وتأمل ما قرأتَه.  تأمل حتى ينطبعَ على قلبك كل حقٍ كتابي، وبذلك تظهر أمامَ عينيك المعاني الجديدة والعميقة.  والأفضل أن تقرأَ قليلاً وتتأملَ كثيرًا، من أن تقرأَ كثيرًا بدون تأمل.

4. اقرأ وطبّقْ ما تقرأُه على نفسِك.  احترس من القراءة التي تُشغلُك لتعلّمَ الآخرين.  اقرأْ وعلّم نفسَك فقط، خذ البركة لنفسِك أولاً، وبذلك يسهُلُ عليك أن توصلَها للآخرين.  عوِّد نفسَكَ على هذا السؤال: "ما تأثير ما قرأتُه على نفسي"؟ 

5. اقرأ بإيمان.  لا تقف في مفترقِ الطرق، أي لا تحاول أن تعطي نفسَك الحرية لتصدِّق أو لا تصدِّق المكتوب، بل كن في جانبٍ واحد.  وبما أنك تُطالع كلمةَ الله، إذًا عليك بقبولِها ببساطة الأطفال واتكل على المواعيد الكتابية التي فيها، لأنها كُتبت خصيصًا لك.

6. اقرأ وفي قلبك العزم على أن تنفذ كلَ ما يُقالُ لك، لأننا يجب أن نقبلَ كلمةَ الله باعتبارِها إعلانًا إلهيًا لنا: ماذا نكون وماذا نفعل.  وتذكر أن اللهَ يُطالبُنا أن نكونَ في طاعةٍ مستمرةٍ لكلمتِه.  

كانت هذه هي نصائحَ جورج مولر رجلِ الله لي ولك لكي نقرأَ الكتابَ المقدس. 
( المرجع : برنامج كل الكتاب الحلقات 3-8)
   أكتفي بهذا الآن عزيزي أندرو على أمل أن نتكلم في العدد القادم في النقطة الهامة الأخرى وهي طرق دراسة الكتاب المقدس ودورنا تجاه الكلمة.
إذا كان لديكم مشكلة أو تساؤل أو استفسار في أي موضوع، يمكنكم مراسلتنا على البريد الإلكتروني:   ayad.zarif@gmail.com        
والنعمة معكم                                                                          

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com