عدد رقم 5 لسنة 2013
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكانى  

أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديٍد من بابكم " لو كنت مكاني " 
   
     كنا قد طرحنا في عدد السابق رسالة وصلتنا من صديقة المجلة ( ريهام ) تقول فيها:
أعزائي رسالة الشباب المسيحي – باب " لو كنت مكاني"

أكتب إليكم مستغيثة بسبب ما تعرضت له أنا وكثيرات مثلي خلال الشهور الماضية، حيث كان يُوزع كتاب مجهول المصدر مُدمر المُحتوى، يطعن في التعاليم المسيحية المتعلقة بصحة الكتاب، والوحدانية والثالوث، ولاهوت المسيح، والكفارة.  استغاثتي بسبب الرعب الذي أجده على وجوه الشابات والسيدات أثناء توزيع هذا الكتيب عليهن في الشوارع والميادين والمواصلات العامة وحتى على أبواب الكنائس على مسمع ومرأى من الجميع.  وشكوتي هي من ردود الفعل التي تكشف عن ضحالة التعليم والسطحية التي يعاني منها عموم المسيحيين تجاه الحقائق الأساسية الأولية موضوع هجوم المشككين. 
                                                                                                                                                                        ريهام 
***
   وكنا قد تحدثنا في العدد السابق عن الأسباب التي أدت إلى اهتزاز الكثيرين أمام الشبهات التي تطعن في صحة الكتاب، وأشرنا إلى مصدر الكتاب ومعنى الوحي ودلائل صحة الكتاب ورد الشبهات التي تدعي بتحريفه (أرجو الرجوع للعدد السابق لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع).
لكننا في هذا العدد سنحاول أن نجيب على السؤال الخاص بوحدانية الله: هل يعبد المسيحيون الله الواحد أم ثلاثة آلهة؟ وللرد نقول:
الله عظيم لا يُقاس ولا يُفحَص.

   ينبغي علينا أن نعرف قبل كل شيء أن الله عظيم بما لا يُقاس.  ومن الجهل والعبث أن نُخضِع الله العظيم لعقولنا للبحث والفحص.  نحن نؤمن تمامًا أن كل ما يتعلق بالله ليس ضد العقل ولكنه فوق العقل.  لذلك فإن عجز العقل عن فهم وإدراك كُنه الله فهذا بكل تأكيد يرجع إلى قصور العقل البشري.  فإن كان يتعذر على عقولنا أن تفهم كل شيء عن الكون والخليقة، فكيف يمكننا أن نفهم الخالق؟ إنه من المنطقي أن يكون الله فوق العقل، فإذا أمكننا أن نستوعب إلهًا بعقولنا لا يكون هو الله.  نعم، فالله لم يعطنا العقل لنفهم به الخالق بل لنفهم به الخليقة. "أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي؟ هو أعلى من السماوات فماذا عساك أن تفعل أعمق من الهاوية فماذا تدري؟" (أيوب7:11-8)، "هوذا الله عظيم ولا نعرفه" (أيوب26:36).

الله أعلن عن نفسه 
   بما أن الله لا يُدرك بالحواس، وهو أسمى من العقل، إذًا لا مفر من أن الله يتنازل هو ويعلن عن نفسه بنفسه.  وهذا ما حدث بالضبط في الكتاب المقدس عندما تكلم الله وعرفنا بنفسه.  فلقد وردت عبارة "تكلم الله" و"قال الله" بكل صورها في الكتاب المقدس حوالي 2500 مرة.  أي أن الله تكلم وعبَّر وأعلن عن نفسه في كتابه.  فلقد أعلن عن وحدانيته في الكتاب المقدس بعهديه، وهذه بعض الآيات: 

"اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا ربٌ واحد" (تثنية 4:6)، "لا إله غيري" (إشعياء 6:44).  انظر أيضًا (تثنية 39:4؛ 39:32)، (إشعياء 21:45؛ 9:46).  لكن ربما يقاطعني أحدهم قائلاً: إن المشكلة ليست في العهد القديم فاليهود موحدون بالله، وإنما المشكلة في العهد الجديد لأنه يُعلِّم بوجود الآب والابن والروح القدس، فهل توجد آيات في العهد الجديد تؤكد وحدانية الله؟ الإجابة نعم بكل تأكيد.  فعلى سبيل المثال لا الحصر: 

 "بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه" (مرقس32:12) ، وأيضاً "أنت تؤمن أن الله واحد حسنًا تفعل" (يعقوب19:2)، وغيرها كثير مثل (لوقا 19:18)، (يوحنا 44:5)، (رومية30:3)، (1كورنثوس 4:8-6، 5:12-6) ، (غلاطيه 20:3)، (أفسس5:4-6).  وربما تسألني: إن كان العهد الجديد أيضًا يُعلِّم بوحدانية الله، فماذا عن الآب والابن والروح القدس؟ 

نوع الوحدانية  
لقد قلنا إن الكتاب المقدس بعهديه يؤكد أن الله واحد، لكننا عندما نقرأ عن هذه الوحدانية نكتشف أن لها طابع مختلف عن الوحدانية البسيطة المجردة.  فمثلاً "اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد" (تثنيه4:6) ، (مرقس29:12)، وكلمة "واحد" في العبرية تعني وحدانية جامعة، ففي العبرية توجد كلمتان تعبران عن الوحدة:

الأولى: كلمة "آخاد" التي تستخدم في الوحدة المركبة مثل عنقود العنب وهي المستخدمة هنا،
والثانية: "ياخيد" وهي التي تدل على الوحدة البسيطة.  
وعلى هذا المنوال نجد أن الإشارات الكثيرة إلى وحدانية الله تشير إلى الوحدة والجمع أي الوحدانية الجامعة مثل:
"في البدء خلق( فعل مفرد) الله (إلوهيم، فاعل بالجمع) السموات والأرض" (تكوين1:1). 

"سمعت صوت السيد قائلاً: من أرسل (بالمفرد) ومن يذهب من أجلنا (الوحدانية الجامعة)" (إشعياء 8:6).

لكن ربما يعترضني أحدهم قائلاً: إن لغة الجمع هنا هي الجمع للتعظيم.
لكننا نؤكد أن اللغة العبرية لا تعرف الجمع للتعظيم، فهناك ملوك عظماء في الكتاب قالوا: "أنا فرعون" (تكوين 44:41)، "أنا نبوخذنصر" (دانيال 34:4) بالفرد، ولو كانت اللغة العبرية تعرف التعظيم لعظم هؤلاء الملوك ذواتهم بلسانهم، بل الله نفسه مرة يتكلم بالمفرد "أنا الله القدير" (تك1:17)، ومرة بالجمع فقال الله: "نعمل الإنسان على صورتنا ..." (تك26:1)، "هوذا الإنسان قد صار كواحد منا" (تك22:3)، "هلم ننزل ونبلبل" (تك7:11). 

وهذه الوحدانية الجامعة هي الصنف الوحيد اللائق بالله لأنه أيضًا يحل ألغاز المنطق الحائرة. فأي مفكر لا بد أن يجيب عن هذه الأسئلة: 

 ما الذي كان يفعله الله الواحد الأزلي قبل خلق السماء والأرض والملائكة والبشر؟ هل كان يتكلم ويسمع ويحب؟ أم كان صامتًا وفي حالة سكون؟ إن قلنا إنه لم يكن يتكلم ويسمع ويحب، إذًا فقد طرأ تغيير على الله إذ هو السميع المجيب، كما أنه يحب إذ أنه الودود.  نعم إن قلنا إنه كان ساكنًا لا يتكلم ولا يسمع ولا يحب ثم تكلم وسمع وأحب فقد تغيّر؛ والله جل جلاله مُنزه عن التغيير والتطور.  وإن قلنا إنه كان يتكلم ويسمع ويحب في الأزل، قبل خلق الملائكة أو البشر، فمع من كان يتكلم؟ وإلى من كان يستمع؟ ومن كان يحب؟ إنها حقًا معضلة، فوحدانية الله ليست وحدانية مجردة أو مطلقة، بل هي وحدانية جامعة مانعة- جامعة لكل ما هو لازم لها، ومانعة لكل ما عداه.  وبناء على ذلك فإن الله منذ الأزل وإلى الأبد هو كليم وسميع، محب ومحبوب، ناظر ومنظور ... دون أن يكون هناك شريك معه، هذا يقودنا إلى النقطة الأخرى وهي أقانيم اللاهوت 
كلمة أقنوم، وهي ليست كلمة عربية، بل سريانية، تدل على من له تمييز (distinction) عن سواه بغير انفصال عنه.  وهكذا أقانيم اللاهوت؛ فكل أقنوم، مع أن له تميز عن الأقنومين الآخرين، لكنه غير منفصل عنهما.  وبذلك يمارس الله أزلاً وأبدًا كل الصفات والأعمال الإلهية بين أقانيم اللاهوت.  وبذلك كان يمارس صفاته في الأزل قبل وجود المخلوقات، وبغض النظر عن وجودها، إذ أنه - نظرًا لكماله - مكتفٍ في ذاته بذاته.  فإن العقل والمنطق يرفض الفرض بأن صفات الله كانت عاطلة في الأزل ثم صارت عاملةً عندما خلق، لأنه لو كان الأمر كذلك يكون الله قد تعرض للتغيير والتطور، وهو منزه عن كليهما مطلقًا.  ويمكننا أن نرى اٌقانيم اللاهوت الثلاثة مجتمعة في بعض الأجزاء الكتابية مثل:

"أما أنا (الآب) فقد مسحت ملكي على صهيون ... إني (الابن) أخبر من جهة قضاء الرب قال لي: أنت ابني أنا اليوم ولدتك ... اعبدوا (الروح القدس) الرب بخوف" (مزمور2 : 6 -12).  

كذلك "منذ وجوده أنا هناك (الابن) والآن السيد الرب (الآب) أرسلني وروحه (الروح القدس)" (إشعياء 16:48).

 وأيضًا في مشهد المعمودية نرى الثلاثة أقانيم موجودة (مرقس 1 : 9-11)، وفي المعمودية المسيحية قال الرب "عمدوهم باسم (وليس بأسماء) الآب والابن والروح القدس" (متى 19:28).

 بالإضافة إلى الكثير من الأجزاء الكتابية مثل: (2كونثوس 14:13) ، (لوقا35:1)، (يوحنا 14: 12-17)، (أعمال 29:4-31)، (1كونثوس4:12-6)، (أفسس4:4-6)، (عبرانيين 9:10-15)، (يهوذا 20)، (رؤيا4:1-5).

وهل يعقل أن يساوي الثلاثة واحد؟
أليس أبسط قواعد الحساب أن 1 + 1 + 1 = 3. نقول لهم نعم، لكن أيضًا 1 × 1 × 1 = 1 وهذا هو الحال بالنسبة للأقانيم.  لقد قال المسيح: "ألست تؤمن أنى أنا في الآب والآب فىَّ" (يوحنا 14 : 10)، وعن الروح القدس ورد في الكتاب أنه روح الآب (متى 10 : 29)، وأنه روح الابن (غلاطية 4 : 6) وهذا معناه أنه في الآب وفي الابن، وإليك المزيد:

الخليقة تشهد 
كل مهندس أو فنان يترك بصمة شخصيته وذوقه في ما يصممه.  كذلك الله الفنان الأعظم مثلث الأقانيم ترك بصمته الثلاثية في الخليقة مثل:
الإنسان كائن ثلاثي (روح – نفس -جسد)
وجوهر الأشياء على ثلاث صور: جماد ـ نبات ـ حيوان.
وصور الحياة ثلاثة: في البر – في البحر – في الجو.
والمادة لها ثلاثة أحوال: صلبة ـ سائلة ـ غازية.
و قواعد اللغة لا يخرج الكلام عن أحد الضمائر الثلاثة: المتكلم والمخاطب والغائب.
ثم الزمن كله هو واحد من ثلاثة: ماضي وحاضر ومستقبل. 
ويلزم لكل جسم أن يكون له أبعاد ثلاثة : الطول والعرض والارتفاع.
والألوان الرئيسية ثلاثة: أحمر – أصفر - أزرق

وغير ذلك الكثير، ولكننا لا يمكن أن نشبه الله في طبيعته بشيء من الخليقة مهما كان، وإنما نقول أن بصمته تُرى بوضوح في خليقته، فما أمجده! 

وسنستكمل حديثنا في العدد القادم بمشيئة الرب حول رد الشبهات عن لاهوت المسيح.

ولمزيد من التفاصيل حول هذه الموضوعات يحسن الرجوع إلى كتاب: ثلاث حقائق أساسية للأخ الفاضل يوسف رياض.
***
 إن كان لديكم  مشكلة أو مشاركة أو سؤال أواستفسار عن أي موضوع، يمكنكم إرسالها إلينا، ونحن سنعرض في العدد القادم ما نراه مناسبًا.
برجاء ألا تزيد المشاركة على خمسة أسطر أو 80 كلمة.  ويمكنكم مراسلتنا على:
 البريد الالكتروني   ayad.zarif@gmail.com    
أو انضم إلى الجروب  lawkontmakany على الـ Facebook 
أو أرسل لنا رسالة قصيرة SMS إلى 01006650876
                                                               

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com