عدد رقم 5 لسنة 2013
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
مجرد سؤال  

   إنها أسئلة ساذجة جدًا تخص أبسط مبادئ حياتنا المسيحية؛ أسألها لنفسي كثيرًا، ورأيت أنه ربما يفيدك أنت أيضًا يا عزيزي القارئ أن أسألك إياها لعلنا نصل معًا إلى إجابات بأسباب واضحة مقنعة نقنع بها أنفسنا ونقدمها كأعذار لإلهنا المحب عن فشلنا الذريع في الكثير من أوليات ومبادئ الحياة المسيحية، أو ربما إذا اكتشفنا أننا بلا إجابات مقنعة أو حتى أعذار وهمية لعلنا نتوب لنبدأ في أن نعيش بالصدق والحق اختباريًا الحياة المسيحية الحقيقية في ملئها لتتحول حياتنا من مجرد الكلام واللغو والثرثرة الفارغة غير المصحوبة بالحياة (وبالتالي الخالية من أي تأثير أو بركة لنا وللآخرين)، إلى حياة مختبرة مؤثرة مستمتعة.  فها إليك سؤالي الأول:

لماذا لا نُصلِّي؟

نحن مقتنعون تمامًا بأهمية الصلاة.
نحن نقول إننا نؤمن أن الله يستجيب الصلاة.
نحن نعظ كثيرًا عن بركات الصلاة.
نحن نشجع الآخرين على الصلاة.
نحن نطلب من الآخرين أن يصلوا لأجلنا كثيرًا.
لكننا وعلى الرغم من كل هذا لا نُصلي حقًا إلا قليلاً.
نحن نطيل الصلوات في اجتماعات الصلاة العلنية لكننا قليلاً ما نختلي في مخادعنا للصلاة.

بالطبع لا أقصد بالصلاة مجرد ترديد عبارات محفوظة أو مكررة في أوقات محددة أو عندما يتوفر الوقت، لكن ما أقصده بالصلاة هو ما علَّمه لنا المسيح: «فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ» (متى 6: 6) – انسكاب النفس بتذلل ومسكنة قدام الله القدير لكي يتحنن ويجود – أحيانًا بكلمات وأحيانًا بدون كلمات، ولكنها دائمًا مصحوبة بقلب متذلل، ربما يكون معها أنين أو صراخ، وقد تصل في كثير من الأحيان إلى حد ذرف الدموع.
ألا نمتلك الوقت؟ – وماذا عندما كان عندنا الوقت لكننا أضعناه فيما لا يفيد؟ وما الذي يمكن أن نعمله في أوقاتنا أثمن من أن نسكب أنفسنا أمامه مستمدين المعونة منه؟

أليست هناك احتياجات لنضعها قدام الرب؟ ألا ننوء بسبب كثرة ما نحمل من هموم واحتياجات روحية ومادية تخصنا وتخص الآخرين؟ هل يجب أن يكسرنا الرب أكثر من هذا لكي نتضع ونُصلي؟

هل نعاني من اليأس بسبب إحباطات سابقة ناتجة عن صلوات غير مستجابة؟ هل صليت ولم يستجب لك في مرة أو في مرات؟ هو عنده إجابة واضحة وسديدة لكل سؤال محير في اختبارنا معه، وهذه إحدى هذه الأسئلة الصعبة: (لماذا لا يسمع؟ لماذا لا يستجيب؟ لماذ يبدو صامتًا أو بعيدًا؟ وحتى متى؟) لكنه لا يستطيع (بسبب قصورنا ومحدوديتنا) أن يعلن كل الإجابات في وقت واحد، وهو لا يحتاج أن يبرر نفسه أو يعطي تفسيرًا لكل ما يعمله.  «لِمَاذَا تُخَاصِمُهُ؟ لأَنَّ كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا» (أيوب33: 13).
 والإيمان الحقيقي ليس فقط ينتظره في الاستجابة، لكنه يستمر واثقًا فيه أنه ما زال صالحًا ومحبًا حتى عندما لا يستجيب؛ الإيمان يبرره ويثق أنه سمع وعدم استجابته لم تكن إلا تعبيرًا عن حكمته الصالحة التي جعلته يختار استجابة مختلفة أو طريقة مختلفة أو توقيت مختلف.  وما أدراك فربما الاستجابة آتية بأروع مما تتخيل ولكن في توقيته كما فعل مع زكريا وأليصابات.  الإيمان الحقيقي يستمر يطلبه وينتظره في كل أمر من أمور الحياة حتى نهاية الرحلة مهما كانت الصعوبات التي يواجهها.

ومقابل اختبار عدم الاستجابة أو تأخرها – ألا يوجد عندك أيّ صموئيل (سألته من الرب) في حياتك؟ ألم تختبر ولا مرة روعة استجابة الصلاة؟ – أن تسأل شيئًا فيعطيك إياه فتذهب شاكرًا فضله ليس فقط في العطاء بل لأنه أصغى إلى صراخك الضعيف ثم استجاب.

                       إذا استجبت طلبتي             أو شئت ربي الامتناع
                       في كل حال أشكر             إكرامك    والاستماع 

هل صدقنا كذب الشيطان بأن صلواتنا ليس لها أي تأثير فهي لا تغير شيئًا إذ أن الله في كل الأحوال سيفعل مشيئته؟ (إني أتعجب أن الكثيرين يرددون هذا العذر في نقض واضح لكل وصايا الكتاب بأن نصلي كثيرًا) آه يا لها من خدعة شيطانية! فلقد صور لنا هذا الكذاب أن صلواتنا ليس لها قيمة مكذبًا وبشكل مباشر ذلك الصادق الذي وعد أنه سيسمع وسيستجيب «بِصَوْتِي إِلَى الرَّبِّ أَصْرُخُ، فَيُجِيبُنِي مِنْ جَبَلِ قُدْسِهِ» (مز3: 4)، ونحن صدقنا كذبه فتوقفنا عن الصلاة سواء بسبب إدراك واع بأن صلواتنا لن تؤثر (وهذا كذب وضلال) أو حتى دون أن نعي فلقد زرع فينا البذرة بأن الله لا يأبه ولا يهتم بصلواتنا لذلك، ودون أن ندري توقفنا عن الصلاة بحرارة وباهتمام إذ أنها لن تفرق شيئًا ولن تحدث تغييرًا.  ألا يكفينا قول ذاك الذي هو صادق وأمين «إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً» (يو16: 24) – هل تصدق أنك لم تأخذ الكثير من البركات لسبب واحد فقط هو أنك لم تطلب؟ إنه يتمم مشيئته فينا ولنا من خلال صلواتنا.

لعل السبب يكون أننا قد استسلمنا لحروب الشيطان ضد الصلاة من الشعور بالملل والنعاس والتعب بمجرد أن نصلي؟ هل تتعب من الجهاد في الصلاة والانسكاب أمام الرب؛ آه لكننا نتعب أكثر كثيرًا بسبب قلة الصلاة وقلة الانسكاب أمام الرب.

وربما نكون قد هجرنا مخادعنا لأننا فقدنا القداسة العملية؟ قد يكون السبب الحقيقي في ابتعادنا عن الصلاة الحقيقية أنها تستحضرنا في محضر ذاك الذي هو قدوس مع كوننا ملوثون ومنجسون بالخطية ونحن لا نستطيع أن نتواجد في محضره وأن نصلي بشكل حقيقي إلا بعد أن يقودنا إلى توبة حقيقية ورجوع حقيقي عن كل طريق باطل نسير فيه وهذا ثقيل جدًا على نفوسنا؟ «فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلَّوْا وَطَلَبُوا وَجْهِي، وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيةِ فَإِنَّنِي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ» (2أي7: 14).  إن كان هذا هو السبب يا أخي الحبيب؛ أليست بركة حقيقية من بركات الصلاة أن يكشف لي في محضره عن كل شيء لا يرضيه في حياتي أم أننا راضون عن حياتنا ولا نريد التغيير حتى لو كانت هناك طرق في الحياة لا ترضيه؟

دعني أسألك وأسأل نفسي من الناحية الأخرى وأرجو أن تجتهد وتفكر وتجيب بأمانة:

ماذا يمكن أن يحدث لو صلينا أكثر؟؟

تخيل أي فارق يمكن أن تصنعه الصلاة اليومية الحقيقية في حياتك الشخصية روحيًا وزمنيًا؟
تخيل أي فارق يمكن أن تصنعه الصلاة اليومية الحقيقية في حياة أسرتك روحيًا وزمنيًا؟
تخيل أي فارق يمكن أن تصنعه الصلاة اليومية الحقيقية في خدمتك؟
تخيل أي فارق يمكن أن تصنعه الصلاة اليومية الحقيقية في كنيستك المحلية؟
تخيل أي فارق يمكن أن تصنعه الصلاة اليومية الحقيقية في حياة إخوتك المتألمين والمحتاجين؟ 
تخيل أي فارق يمكن أن تصنعه الصلاة اليومية الحقيقية في عمل الله وفي بركة خدام الله وفي التأثير على النفوس؟
تخيل أي فارق يمكن أن تصنعه الصلاة اليومية الحقيقية في أحوال بلدك روحيًا وزمنيًا؟

ما هي حدود روعة مشيئة الله التي يمكن أن نختبرها في حياتنا عندما نجاهد في الصلاة كما قيل عن جهاد أبفراس في الصلاة من أجل إخوة تسالونيكي «مُجَاهِدٌ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ بِالصَّلَوَاتِ، لِكَيْ تَثْبُتُوا كَامِلِينَ وَمُمْتَلِئِينَ فِي كُلِّ مَشِيئَةِ اللهِ» (كولوسي4: 12)
ألا تؤمن أن الله هو صانع الأحداث في حياة الأفراد وفي حياة الأسر وفي حياة الشعوب؛ فهو وحده يصنع التاريخ, وهو شخصيًا يطالبك بالصلاة بأن تطلب منه ليغير وليعمل وليعطي.  إن كنت تؤمن فعليك أن تصلي ومن ثم تتوقع وتنتظر تغييرًا حقيقيًا على جميع المستويات كاستجابات صلاة.                                                                           

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com