عدد رقم 5 لسنة 2013
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الموقف الصحيح من البيت الكبير  

«إن طهر أحد نفسه من هذه يكون إناء للكرامة مقدسًا»
(2تي 21:2)
   رأينا كيف تحول بيت الله، «الذي هو كنيسة الله الحي، عمود الحق وقاعدته» (1تي15:3)، إلى «بيت كبير» (2تي20:2) اختلطت فيه أواني الكرامة مع أواني الهوان.  إنه يُمثل دائرة الاعتراف المسيحي ككل، ونظرًا للضعف العام الذي يسود، وطابع لاودكية الذي يطغى في الأيام الأخيرة، «لست باردًا ولا حارًا، هكذا لأنك فاتر»، فإنه من الصعب أن تُميِّز بين المؤمن الحقيقي والمُزيف، وفقط «يعلم الرب الذين هم له» (2تي19:2)، ولم تعد المسألة مؤمن وغير مؤمن بل أمين وغير أمين.

   ولا شك أن الأمناء في الأيام الأخيرة هم عملة نادرة وثمينة في نظر الرب، فهم الذين يبحثون، لا عن أنفسهم ومجد ذواتهم ومكان لهم في كنيسة الله، بل عن مجد المسيح وراحته وإكرامه وسلطانه في كنيسته.  إنهم يقفون في صف الرب، وشعارهم مع المعمدان الذي قال: «ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص» (يو30:3).

   ووسط التشويش العام والمبادئ المختلطة والشرور التي تملأ البيت الكبير، لا يجد المسيح مكانه اللائق به وراحته، وكأنه غريب في بيته.  إن لاودكية استبعدته وأغلقت الباب في وجهه، ومع ذلك فهو لا يزال يقف على الباب ويقرع (رؤ20:3).  واليوم عندما تدخل معظم الكنائس فإنك تجد لكل شخص مكان إلا المسيح، والمحزن أن أحدًا لا يشعر بالخسارة! والأمين يقول مع المجدلية: «أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه»!!

   إن البيت الكبير هو أشبه بالقصر الكبير ولكنه مع الأسف مهجور، ومع السنين تراكمت بداخله النفايات، وامتلأ بالأتربة والقاذورات، وتعرض للتصدعات والانهيارات.  وعندما تدخل إليه وتتجول فيه لا تجد مقرًا لرجلك ولا مكانًا لتستريح.  ومع ذلك، ووسط كل هذا الخراب المزعج، قد تستقر عينك على أوان ذهبية ثمينة وجميلة، ويا للعجب! وهنا يأتي السؤال: أيمكن أن يجد الرب راحته وسروره في هذا الجو، وهو القدوس الذي يسكن في نور لا يُدنى منه، وإلى ملائكته ينسب حماقة؟! حاشا وكلا.  ومع ذلك فإنه لم يترك البيت، ولم يرفضه حتى الآن، مثلما حدث مع الهيكل الأرضي في أورشليم في أيام جسده، الذي كان قد تحول إلى ”بيت تجارة“ (يو16:2) ثم إلى ”مغارة لصوص“ (مت13:21)، ومع ذلك كان يعترف به ويدعوه: ”بيت أبي“، و”بيتي“، لكنه أخيرًا رفضه قائلاً: «هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا» (مت38:23)! كذلك الآن هو على استعداد أن يبارك ويُخلِّص نفوسًا هالكة، ويعزي ويشجع ويُطعم، ويستخدم كل شيء ليحقق البركة لشعبه المسكين.  هذا لا يعني مصادقته على هذه الشرور وهذا الشويش.  إنه يتسامى فوق الأخطاء والجهالات ويبارك لأنه يُسر بالبركة.  ولا بد أن نُميِّز بين كونه يعمل ويبارك ويُخلِّص، وبين حضوره وسروره حيث يجد راحته في وسط قديسيه الذين يجتمعون حوله في زينة مقدسة وفي ترتيب بديع كما يريد هو، ويعطونه مكانه كالرأس والرئيس، وينقادون بروحه وهدفهم مجده وإكرامه.  إنهم يتسمون بروح الخشوع والخضوع والطاعة والتقوى والمحبة والتكريس والاتضاع والوداعة.  هؤلاء المساكين بالروح كل مسرة الرب بهم، ليتنا نكون كذلك.

والآن فيما يخص البيت الكبير وموقفنا منه بعد أن دب فيه الخراب، هناك ثلاثة أسئلة: 
1. هل يمكن إصلاح البيت الكبير ككل؟ إن كل شخص مُخلص ترتسم أمامه هذه الصورة المشوشة التي وصل إليها البيت الكبير بالمفارقة مع الصورة المثالية التي حددها الكتاب لما ينبغي أن يكون عليه بيت الله، لا يجد صعوبة في إدانة ورفض هذا الوضع، ولا شك أنه يقتنع باستحالة المصادقة الإلهية عليه، وأن الرب لا يمكن أن يستريح في هذا الجو.  ولأنه شخص مُخلص وراغب أن يتصرف حسنًا في كل شيء باحثًا عما يفرح الرب ويرضيه، سيحاول جاهدًا إصلاح البيت الكبير، ولكنه سرعان ما سيفشل ويكتشف استحالة هذا الأمر وتغيير كل الأنظمة في المسيحية.

2. هل يمكن الخروج من البيت الكبير الذي استشرى فيه الخراب طالما لا يمكن إصلاحه؟ وهل يمكن أن نعمل بيتًا صغيرًا مُرتبًا بعيدًا عن هذا البيت الكبير؟ الجواب: قطعًا لا.  ببساطة لأن ترك البيت الكبير يعني ترك المسيحية بالكامل.

3. هل يمكن التعايش مع شرور البيت الكبير وترك الأمور للمسؤولية الفردية طبقًا لحساسية الضمير؟ الجواب أيضًا: لا.  لأن هذا يعني أن الرب لن يجد راحته في بيته مرة أخرى، وإذا تركت الأمور ستزداد سوءًا وبسرعة.

   إن العلاج الصحيح لهذه الحالة كما حددته كلمة الله هو الانفصال المقدس إلى الرب (2تي21:2) عن كل أواني الهوان وكل الشرور الأدبية والتعليمية والكنسية، ليصبح الشخص إناءً للكرامة مقدسًا نافعًا لخدمة السيد ومستعدًا لكل عمل صالح، والعودة إلى مبادئ كلمة الله التي ترسم ملامح بيت الله لكي يجد الرب راحته ويأخذ مكانه كالرأس الوحيد، ويكون الروح القدس هو القائد والمحرك لكل الأعضاء، ويكون الساجدون في زينة مقدسة وخشوع وتقوى.
  وإذا رجعنا لتشبيه البيت الكبير بالقصر الكبير المهجور الذي لا يمكن إصلاحه ككل، فإن التصرف الصحيح هو إصلاح جناح من هذا القصر، وتطهيره وتنظيفه وترتيبه طبقًا لتذوق صاحب البيت ورب البيت والابن على البيت، وليس طبقًا لاستحسان الناس.  وعندئذ يمكن أن تُسمَّى هذه الجماعة "الجزء المُرتب من البيت الكبير"، وهناك فقط يجد الرب راحته وسروره.

وللحديث عن كنيسة الله بقية إذا شاء الرب 
                                                                     

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com