عدد رقم 2 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكاني  

أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديٍد من بابكم ”لو كنت مكاني“              

   وكنا قد عرضنا على حضراتكم في العدد السابق رسالة وصلتنا من الأخ (و.ج) يقول فيها: 
" أنا شاب مؤمن وأحب الرب يسوع جدًا، بعد انتظار وبحث كبير التحقت بوظيفة محاسب في إحدى شركات الأجهزة الكهربائية.  صاحب الشركة له تعاملات مع الجمارك والضرائب،  لكنه أيضًا في كثير من الأحيان يُكلفني أن أسجل في الحسابات فواتير وهمية للتهرب من الضرائب، وأيضًا يُكلفني بتسجيل بضائع كثيرة مضروبة على أنها ماركات عالمية. إني أشعر بتأنيب الضمير وبكوني أشترك في جريمة بشعة، لكني أخشى أن اعترض فأجد نفسي في الشارع، وأنت تعلم أن ظروف البلد في هذه الأيام صعبة جدًا.  من فضلك ساعدني، ماذا أفعل؟

وفور نشر هذه الرسالة ورد إلينا عددٌ من مشاركات الشبان والشابات تجاوبًا مع مشكلة صديقنا (و.ج)، وسأسرد هنا بعضًا مما وصلنا:

إنجي داود – كفر الدوار:
" أنصحك أخي أن تتبع صوت الروح القدس داخلك وتأخذ قرارك بناء علي كلمة الرب وليس على الظروف المحيطة، فالظروف وتغير الأحداث لن يغير فكر الرب من ناحية القداسة والأمانة.  والله لن يبيت مديونًا لك بل سوف يكرمك بكل تأكيد، وسوف تكون شهادة حية عملية علي الأمانة الحقيقية أمام الناس".

جينا الضابط -  شيكاغو - أمريكا
" أنا رأيي إنه طالما حضرتك شايف إن دي جريمة مايصحش إن مؤمن يعملها يبقى ترفض تعمل كده.  وبكده تثبت شهادتك عن الرب قدام زملائك في العمل إنك مختلف علشان إلهك علَّمك إنك تكون أمين.  طبعًا الأمانة مُكلفة لكن ثق إن إلهنا إله الأمانة لما بيكافئ أمانتنا بيكافئها مكافأة عظيمة".

أفرايم يوسف 
" أحب أن أشجعك يا أخي وأقول لك إن كل الذين رفضوا الخطأ في الكتاب المقدس نالوا مجازاة أرضية عظيمة.  مثال: موسي عندما رفض خزائن مصر جعله الرب قائدًا لشعب عظيم، ويوسف الذي رفض الشر جعله الرب على عرش مصر، ودانيال أصبح رئيس وزراء ..ألخ، وأنت عندما ترفض سترى الأمور مدبرة من قبل الرب فلا تخف من أن ترفض الشر".

      رشا صفيان حبيب – دير الجنادلة – أسيوط
      عزيزي (و.ج)، إن تأنيب ضميرك هذا يدل على أن الروح القدس الساكن فيك يوبخك على ما تفعله، فارفض ما يطلبه منك صاحب العمل بأدب، ومهما كانت النتائج سيئة ثق أنك إن كنت أمينًا في القليل سيقيمك الرب على الكثير، ولا تنسى أن الله يعتني بطيور السماء فكم بالحري نحن أولاده؟
***

   أما أنا فلي إليك فيما يلي بعض الكلمات القليلة والنصائح العملية عن الأمانة في العمل وحدود الخضوع للمديرين والرؤساء.

   أولاً : العمل هو دور من أدوار المؤمن على الأرض.
   يمر المؤمن عزيزي (و.ج) خلال حياته على الأرض بأدوارٍ مختلفة، فقد يكون ابنًا ثم يصير زوجًا وأبًا، وقد يكون موظفًا مرؤوسًا ثم يصير صاحب عمل ورئيسًا، وهو في كل هذه الأدوار يؤثر ويتأثر بمن يتعامل معهم، لذلك فالسؤال الهام هو: لماذا وضعني الرب في هذا الدور بالتحديد الآن، وكيف أترك تأثيرًا مباركًا لمجد المسيح؟ 
   أعتقد أنك تتفق معي يا صديقي أنه ليس هناك في حياة المؤمن صدفة على الإطلاق، سواء كانت طريقة نشأتك أو مكان سكنك أو طبيعة عملك ، فكل هذه الأمور تخضع لخطة الله الحكيم القدير ضابط الكل الذي يقول عنه الكتاب: «وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ» (أع17: 26).  لذلك فالله القدير الحكيم قد رتب أيضًا لك طبيعة ومكان عملك المحدد هذا، وغايته من وراء كل هذا أن تكون مثمرًا لله.
   ولذلك فالعمل بالنسبة للمؤمن ليس فقط وسيلة للعيش وكسب المال وإنما مجال للشهادة لمجد الله.  «وتشتغلوا بأيديكم كما أوصيناكم، لكى تسلكوا بلياقة عند الذين هم من خارج» (1تس4: 11، 12).   

   ثانيًا: ما هو مفهوم الأمانة في العمل؟
   إن من ضمن مفاهيم الأمانة هو الصدق وعدم الكذب، وعدم السرقة أو النهب، وعدم الغش أو التزوير، والوضوح وعدم التلون أو الرياء، والوفاء وعدم الخيانة أو اللعب في الخفاء.  لذلك فالمؤمن الموظف الأمين هو الذي لا يسرق ولا يكذب بتغيير الحقائق والأرقام ولايزور في الفواتير مهما كان الإغراء أو التهديد.  فهو وكيل مؤتمن على وكالة، ومن أهم مؤهلات الوكيل هي الأمانة (1كو4 :2).  كما أن الكتاب علَّمنا أن المراقب لأعمالنا هو الرب،  لذلك ينبغي على الموظفين المؤمنين أن تكون أمانتهم في أعمالهم غير مرتبطة فقط بمراقبة الرؤساء أو أصحاب الأعمال بل بمراقبة الرب شخصيًا، «لا بخدمة العين كمن يرضى الناس، بل كعبيد المسيح عاملين مشيئة الله من القلب، خادمين بنية صالحة كما للرب» (أف6:6). 

   ثالثًا: تكلفة الأمانة 
   تعلمنا كلمة الله أن طريق الأمانة مُكلف جدًا، فالمؤمن الذي امتلك حياة الله هو غريب عن أنظمة العالم، كما أنه قد أصبح في مواجهة مع مملكة إبليس بسبب أمانته.  لكن بالرغم من الخسائر المتوقعة في طريق أمانته إلا أن ما ينتظره من تعويض ومكافآت وإكرام من الرب زمنيًا وأبديًا لا يمكن لأحدٍ أن يتخيله.  تذكر يا عزيزي ما حدث مع يوسف في بيت فوطيفار وكيف كلفته أمانته لله أن يلقى ظُلمًا في السجن، لكن أمانة الله تجاهه رفعته إلى أعلى سلطة في البلاد، وتذكر مردخاي الذي كلفته أمانته لله أن يُهدد بالقتل هو وكل اليهود ويلبس المسوح في التراب صارخًا،  لكن أمانة الله تجاهه رفعته فوق فرس وعرش النبلاء في مملكة أحشويروش، فالرب يُكرم الذين يكرمونه.

   رابعًا: ما هو الخضوع للرؤساء وما الفرق بينه وبين الخنوع؟ 
   الخضوع هو موقف إيجابـي متـزن بين موقفين متناقضين هما التمرد والخنوع، فإن التمرد هو الثورة على السلطة وعدم طاعتها أو قبول أوامرها، والتمرد ينبع من قلب متكبر وإرادة عاصية.  أما الخنوع فهو الامتـثال والاستسلام في مذلة لاستجداء رضى الناس وخاصة أصحاب السلطة ولو على حساب المبادئ والقيم ووصايا الرب.
   ولقد رسم الكتاب المقدس ملامح العلاقة بين الموظف وصاحب العمل كما يلي:
1- «أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح.  لا بخدمة العين كمن يرضى الناس بل كعبيد المسيح ... خادمين بنية صالحة كما للرب» (أف5:6-8).
2- «أيها الخدام كونوا خاضعين بكل هيبة للسادة ليس للصالحين المترفقين فقط بل للعنفاء أيضا لأن هذا فضل إن كان أحد من أجل ضمير نحو الله يحتمل أحزانًا متألمًا بالظلم» (1بط18:2).

   خامسًا: ماهي حدود الخضوع لرؤساء العمل؟
   يظل المؤمن في كل أطوار حياته يتحلَّى بالخضوع الذي هو نتاج طبيعي للحياة الجديدة، فالابن المؤمن يخضع لوالديه، والزوجة المؤمنة تخضع لزوجها، والموظف المؤمن يخضع لرئيسه في العمل.  لذلك فالمؤمن في عمله مطالب بأن يكون أمينًا متفانيًا دقيقًا صبورًا مبتكرًا محتملاً مسلمًا أموره لله الذي يقضي بعدل، لكن عليه أن يكون حريصًا حذرًا فيما يخص وصايا الله وسلطاته العليا التي يجب أن تطاع أكثر من الناس.  فالكتاب المقدس الذي أوصانا بالخضوع للرؤساء لم يجعل هذا الخضوع خضوعًا مطلقًا وإنما وضع شرطًا هامًا هو تعارض أوامر وقوانين الرؤساء مع وصايا الله، وعندئذٍ «ينبغي أن يطاع الله اكثر من الناس» (أع29:5) مهما كانت النتائج. 

   سادسًا: كيف تعبر عن رأيك ورفضك للسياسات الخاطئة؟
   دعنا نتفق على أن الكتاب علَّمنا الحكمة واللياقة في عرض أفكارنا وآرائنا بما يجنبنا الوقوع في خطية التصلف والكبرياء.
   هل تذكر كيف كان دانيال ورفقاؤه في نفس موقفك أمام أمر الملك لهم بالأكل من أطايب الملك وخمر مشروبه؟! وحتمًا كان دانيال ورفقاؤه يحترمون الخط الأحمر الخاص بوصايا الله فلم يتهاونوا في الحفاظ على قداستهم لله، لكن كان اعتراضهم على قرار الملك حكيمًا لائقًا، فسجلوا اعتراضهم لكنهم قدموا البديل، فَقَالَ دَانِيآلُ لِرَئِيسِ السُّقَاةِ: «جَرِّبْ عَبِيدَكَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. فَلْيُعْطُونَا الْقَطَانِيَّ لِنَأْكُلَ وَمَاءً لِنَشْرَبَ. وَلْيَنْظُرُوا إِلَى مَنَاظِرِنَا أَمَامَكَ وَإِلَى مَنَاظِرِ الْفِتْيَانِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ مِنْ أَطَايِبِ الْمَلِكِ. ثُمَّ اصْنَعْ بِعَبِيدِكَ كَمَا تَرَى» (دا 1: 8-14).

   سابعًا: نصائح عملية ختامية
   أخي المحبوب:
كن أمينًا في عملك وكن أمينًا أيضًا لوصايا إلهك مهما كانت النتائج. 
اقض وقتًا في الصلاة وأعلم أباك السماوي بأبعاد مشكلتك وهيِّئ ذهنك لاستقبال إرشاد الروح القدس. 
اذهب تكلَّم مع مديرك بروح الاحترام وليس التعالي، شاركه عدم راحتك بما تقوم به مخالفة لضميرك ومبادئك.
اعرض عليه أن تقدم خدماتك للشركة بكل تفانٍ، لكن في قسم آخر بعيدًا عن هذا القسم الحساس.
استمر مصليًا واترك النتائج للرب الذي وعد أن يكرم الذين يكرمونه. 
***

   والآن أصدقائي الشباب أعرض عليكم رسالة جاءتنا من الأخت (ل. ي)

   أعزائي المسؤولين عن باب "لو كنت مكاني" 
   نحن أسرة صغيرة مكونة من زوج وزوجة مؤمنين، ورزقنا الرب ببنت عمرها 3 سنوات وولد عمره سنة، كانت حياتنا تسير على ما يرام، من العمل للمنزل ومن المنزل للاجتماع والشركة مع المؤمنين.  إلى أن اضطر زوجي إلى تغيير عمله بعد ثورة 25 يناير إلى عمل في مجال التسويق، فأصبح كثير الغياب عن المنزل، وبالتالي انقطع عن حضور الاجتماعات وهجرنا المذبح العائلي لأنه كثيرًا ما يعود إلى المنزل في ساعات متأخرة من الليل.  بدأت أشعر بتغير معاملته لي من الرقة والاهتمام إلى القسوة والإهمال.  الحقيقية إنني كنت ألتمس له العذر لظروف عمله، لكن المشكلة الكبرى أنني اكتشفت بطريق الصدفة أنه على اتصال بامرأة أخرى، ويقضي معها أوقاتًا طويلة بالليل على التليفون يُسمعها أحلى كلامٍ بأسلوب رومانسي لا يليق إلا بين حبيبين في إطار الزواج.
أرجوكم ساعدوني فبيتي ينهار.
                                                   أختكم المخلصة لزوجها وأولادها (ل. ي)

 أصدقائي الشبان والشابات: 
إن كان لديكم مشاركة أو رأي أو نصيحة مقدمة إلى الأخت (ل. ي)، يمكنكم إرسالها إلينا، ونحن سنعرض في العدد القادم ما نراه مناسبًا لمساعدتها.
برجاء أن لا تزيد المشاركة عن خمسة أسطر أو 80 كلمة.  أيضًا لو كان لديكم  مشكلة أو تساؤل أو استفسار في أي موضوع، يمكنكم مراسلتنا على:
 البريد الالكتروني   ayad.zarif@gmail.com    
 أو انضم إلى الجروب   lawkontmakany على الـ facebook 
 أو أرسل لنا رسالة قصيرة SMS إلى 01006650876

                                                                    المحب في المسيح 
                                                                                                                                                                

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com