عدد رقم 4 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الفرح الحقيقي  

«نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِكَ» (نش1: 4)
الناس يبحثون عن الفرح في مباهج الحياة هروبًا من الواقع الأليم الذي يعيشونه، ويلهثون وراء شيء يُضحكهم لثوانٍ أو دقائق أو ساعات.  وسليمان، حكيم الدهور، بحث باجتهاد عن الفرح في الأمور الحسِّية الجسدية الأرضية، فوجد أن الكلَّ باطلٌ وقبض الريح ولا منفعةٌ تحت الشمس.  ليس هذا هو الفرح الحقيقي.  و«القلبُ الفرحان يجعلُ الوجهَ طَلِقًا» (أم15: 13) وليس العكس.  وقد تمتلئ أفواهُنا ضحكًا حين يُعَظِّم الرب العمل معنا، ولكننا لا نبحث عن الضحك لكي نفرح!  فالضحك ليس هو الفرح، ولو أنه قد يكون إحدى علاماته.

إن الفرح الحقيقي هو الفرح في الرب؛ بمعنى أن الرب هو سببه ومصدره، وهو موضوعه وغايته.  فمهما تكُن الظروف مُحبطة، تستطيع أن تقول مع حبقوق: «فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي» (حب3: 18)، وإن كُنَّا في «اختبار ضيقة شديدة»، يمكن أن يفيض الفرح بوفرة، فهكذا كان مؤمنو فيلبي (2كو 2:8).  والوصية الواضحة هي: «افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا: افرحوا!» (في4: 4).  وقد كان هذا اختبار بولس نفسه عندما كان في السجن.  فنسمعه يقول لأغريباس الملك: «إني أحسب نفسي سعيدًا أيها الملك أغريباس»، وفي سجن فيلبي نسمعه يصلي ويسبح الله نحو نصف الليل.  فقد عاش اختبار الفرح رغم قسوة الظروف.

والفرح في الرب فرحٌ ثابت لا يتغيَّر؛ لأن مصدره شخصٌ ثابت لا يتغيَّر، فقد قال الرب بنفسه: «كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويُكمَل فرحكم» (يو15: 11).

نحن نفرح بالرب لأجل خلاصه (إش61: 10؛ مز21: 1)، وهذا اختبار الخصي الحبشي الذي بعدما حصل على السلام مضى في طريقه فرحًا، وسجان فيلبي الذي تهلَّل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله.  وكذلك نفرح لأجل رحمته (مز31: 7)، ولأجل كلمته (مز119: 162؛ إر15: 16).  ولنا أن نفرح لأن أسماءنا مكتوبة في السماوات (لو10: 20)، وعندما نوجد في محضر الرب البهي (مز16: 8، 9؛ 122: 1).  ونفرح في الرجاء بمجيئه القريب لاختطافنا (رو 12:12).  فليس هناك فرحٌ أعظم من أن نفكر في السعادة الأبدية مع المسيح في المجد.

هذا لا ينفي أن أولاد الله قد يشعرون بالانزعاج أو القلق أو الحزن، فهي مشاعر عادية جدًّا لكونهم أوانٍ خزفية، وهم يعبرون في وادي البكاء، وهي مشاعر عابرة وقتية، «تُحزنون يسيرًا» (1بط1: 6)، ولا تُعَبِّر عن طابع حياتهم.  فالوصية الواضحة هي أن نحسبه كل فرح حينما نقع في تجارب متنوعة (يع1: 2)، وعندما نشترك في آلام المسيح (1بط4: 13)، لأننا سنفرح عند استعلان مجده.

والفرح الحقيقي أيضًا هو من ثمر الروح (غل5: 22).  فعندما نمتلئ بالروح القدس، ويسيطر الروح على أفكارنا ومشاعرنا، يصبح تمتعنا بالفرح المستمر أكيدًا.  فليتنا لا نُحزن الروح الذي يستحضر لقلوبنا أفراح السماء.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com