عدد رقم 4 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
رفقة ... عروسٌ مُزَيَّنَةٌ لإسحاق (تكوين24)  
                                                                      
                                 
إذا كان هذا الأصحاح الع م (تك24) يتضمَّن الكثير من التطبيقات الرمزية الروحية، لكن لا يجوز لنا أن نغفل التطبيق الأدبي لا سيما في أمور الزواج.  ومن ضمن هذه التطبيقات أن في رفقة (العروس) توافرت كل الصفات الروحية والأدبية الرائعة التي تجعل منها عروسًا تليق بإسحاق (العريس) الذي أظهر كمال التكريس والطاعة والخضوع والمحبة لأبيه.  وهي في هذا نموذج يليق أن تنسج على منواله كل فتاة تتهيأ للارتباط، وأيضًا يليق أن يُصلي من أجله كل رَجُل تقي يبحث عن «مُعِينًا نَظِيرَهُ» (تك2: 18).  فلقد كانت رفقة:

(1)    مؤمنة ...
(2)    مُعيَّنة ...
(3)    مُخصَّصة ...
(4)    مُزيَّنة ...
(5)    متواضعة ..
.
فدعونا – أيها الأحباء – نتناول هذه الصفات بالتأمل:

(1)    رفقة المؤمنة ...
ينبغي ملاحظة أن رفقة كانت من عشيرة إبراهيم، وموجودة في عائلة الإيمان (تك24: 4).  وهذا ما قصد الروح القدس تأكيده لنا في تكوين 22: 20-24:
* فعندما وقف العبد على عين الماء – التي هي رمز لكلمة الله في قوتها الحية – هناك وُجدت رفقة أيضًا (ع11)، فقد كانت لها البئر قبل أن قبلت الدعوة لتكون عروسًا لإسحاق في كنعان.

ابنتي الشابة: هل تحبين كلمة الله التي تمدك بالمشورة وقت الحيرة، وأنتِ في مفترق الطرق، ووسط الخوف والقلق، وفي زمن الاحتياج والعوز.  فكلمة الله هي مُعلِّمة ومُرشدة، وهي تحدد المواقف، وهي الفصل النهائي لحسم كل اختيار وكل خلاف وكل موقف؟ هي سراج في الليل، ونور في النهار، ولذة في كل الأوقات «سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي» (مز119: 105). هل لسان حالك: «أَيْضًا شَهَادَاتُكَ هِيَ لَذَّتِي أَهْلُ مَشُورَتِي» (مز119: 24).  إن حكمتك وفطنتك هي في طاعتك لكلمة الله التي فيها الأمان، بل وأساس كل عظمة أدبية حقيقية.

* كما أن العلامة الصحيحة التي حدَّدها العبد، لتتوفر في العروس، هي التحلي بروح النعمة والخدمة.  فقد صلَّى وقال: «فَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي أَقُولُ لَهَا: أَمِيلِي جَرَّتَكِ لأَشْرَبَ فَتَقُولَ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضًا، هِيَ الَّتِي عَيَّنْتَهَا لِعَبْدِكَ إِسْحَاقَ.  وَبِهَا أَعْلَمُ أَنَّكَ صَنَعْتَ لُطْفًا إِلَى سَيِّدِي» (ع14).  وكل هذا يتطابق مع عمل الروح القدس، بالنعمة، في الذين هم «مُخْتَارِونَ بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ» (1بط1: 1، 2).

* ولقد تهيأ البيت والإمداد في البيت لعبد إبراهيم، فأُعطيتْ له الفرصة للتحدث عن إسحاق، ليربط عواطف رفقة به ويقودها إليه.  فعندما سأل رفقة: «هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ؟»، كان جواب رفقة على الفور: «عَِنْدَنَا تِبْنٌ وَعَلَفٌ كَثِيرٌ، وَمَكَانٌ لِتَبِيتُوا أَيْضًا» (ع23، 25).  ولابَان أيضًا قال بدوره للعبد: «ادْخُلْ يَا مُبَارَكَ الرَّبِّ. لِمَاذَا تَقِفُ خَارِجًا وَأَنَا قَدْ هَيَّأْتُ الْبَيْتَ وَمَكَانًا لِلْجِمَالِ؟» وهكذا نقرأ «فَدَخَلَ الرَّجُلُ إِلَى الْبَيْتِ وَحَلَّ عَنِ الْجِمَالِ» (ع31، 32).  والروح القدس جاء ليأخذ مما للمسيح ويخبرنا (يو16: 14).  وكل مؤمن يجب أن يُهيئ مكانًا للروح القدس في قلبه وفي بيته.

* وفي رفقة وُجِدت بساطة الإيمان، فقد صدقت الأخبار التي قيلت لها عن شخص لم تره، وإذ لم يكن عند الرسول المُخبِّر تعويق، فلم تطلب هي أيضًا أن تتعوَّق (ع58 قارن 1بط1: 8).
وكل هذا يؤكد أن رفقة كانت من عشيرة إبراهيم وموجودة في عائلة الإيمان.

أيها الأحباء:
إن الكتاب المقدس – من أوله لآخره – يحذرنا من الزواج بغير المؤمنين فيقول: «لا تُصَاهِرْهُمْ. بْنَتَكَ لا تُعْطِ لاِبْنِهِ، وبْنَتَهُ لا تَأْخُذْ لاِبْنِكَ.  لأَنَّهُ يَرُدُّ ابْنَكَ مِنْ وَرَائِي فَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى» (تث7: 3، 4؛ خر34: 15، 16)، «لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟» (2كو6: 14، 15).

ويجب ألا نتعجَّب من تكرار هذه الأوامر القوية المشددة، فإن الزواج بغير المؤمنين أو بغير المؤمنات مصدر مستمر للتعاسة والشقاء.  ولا يمكن أن توجد زيجة من هذا الصنف وتُنتج سعادة حقيقية؛ فالمؤمنون بهذا الارتباط لا يربحون أقرانهم غير المؤمنين إلى المسيح، ولكنهم – مع الأسف الشديد – دائمًا ينزلون هم أنفسهم إلى مستواهم الأدبي المتدني، وبذلك يجلبون على أنفسهم الشقاء، ويلتحفون بالخزي والعار.  «أَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ أَخْطَأَ سُلَيْمَانُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الأُمَمِ الْكَثِيرَةِ مَلِكٌ مِثْلُهُ؟ وَكَانَ مَحْبُوبًا إِلَى إِلَهِهِ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ مَلِكًا علَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. هُوَ أَيْضًا جَعَلَتْهُ النِّسَاءُ الأَجْنَبِيَّاتُ يُخْطِئُ» (نح13: 26).

وكم من فتاة مؤمنة تزوجت بشاب غير مؤمن وهي تأمل أن تربحه للمسيح، ولكنها سرعان ما ندمت أشد الندم، بعد فوات الأوان، عندما أدركت كيف أن تأثيرها الروحي قد ذبُل وتضاءل.  إن الروح القدس لا يُقدِّس مجهوداتنا إن كانت مؤسسة على كسر صريح لإحدى وصايا الكتاب المقدس الصريحة.
                                          (يتبع)                         

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com