عدد رقم 4 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أربع نظرات إلى سدوم (4)  

النظرة الرابعة: نظرة إبراهيم
«وبكَّر إبراهيم في الغد إلى المكان الذي وقف فيه أمام الرب» (تك27:19).

   لقد وقف إبراهيم في ذات المكان الذي وقف فيه أمام الرب، عند بلوطات ممرا في حبرون، مكان الشركة حيث تمتَّع بالحديث السري مع خليله، ثم هو أيضًا مكان الشفاعة حيث تشفَّع من أجل سدوم
.
من هذا المكان المرتفع تطلَّع إبراهيم نحو سدوم ونحو كل أرض الدائرة، ونظر وإذا دخان الأرض يصعد كدخان الأتون.  وهذا ما سيحدث قريبًا عندما يصل المؤمنون إلى السماء، ومن هناك سيشاهدون الأرض والمصنوعات التي فيها وهي تحترق.  إن العالم في جهله لا يعرف مصيره المحتوم وكيف أنه سيزول بالحريق، ولكن المؤمنين يعرفون ذلك يقينًا من الإعلان الإلهي في المكتوب.  وهذه الحقيقة ينبغي أن تنشئ فينا سلوكًا سماويًا تقويًا كما قال الرسول بطرس:«تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها.  فبما أن هذه كلها تنحل، أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوى» (2بط 11:3)

في صباح اليوم التالي كانت النيران ما زالت مشتعلة في سدوم، وربما ظلَّتْ هكذا أيامًا، فإن الله قد «رمَّد مدينتي سدوم وعمورة وحكم عليهما بالانقلاب، واضعًا عبرة للعتيدين أن يفجروا» (2بط6:2).

وقد فهم إبراهيم الدرس أن الله عادلٌ وبار، وأن كل تعدٍ ومعصية نالا مجازاة عادلة، ومن المستحيل أن يتهاون في اعتبارات قداسته أو يرجع في كلامه.  ولكن من الجانب الآخر كان يثق في أمانة الله، فحاشا له أن يُهلك البارَ مع الأثيم، فيكونُ البارُ كالأثيم، رغم أنه يقينًا لم يعرف بالتحديد ما حدث للوط. 

وهذا ما قاله الكتاب هنا: «وحدث لم أخرب الله مُدن الدائرة أن الله ذكر إبراهيم وأرسل لوطًا من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط» (تك 29:19).

لقد ذكر الله إبراهيم، فقد كان شيئًا عزيزًا وكريمًا في عينيه أن يراعي مشاعر إبراهيم خليله الذي وقف أمامه مُتشفِّعًا ومُتضرِّعًا لأجل لوط، من أجل هذا قرَّر أن ينقذه ويخرجه سالمًا من وسط الانقلاب والحريق المدمر.                                                                                                  

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com