عدد رقم 4 لسنة 2018
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
مَثل الشبكة المطروحة في البحر  

   «أيضًا يشبه ملكوت السموات شبكة مطروحة في البحر وجامعة من كل نوع.  فلما امتلأت أصعدوها على الشاطئ وجلسوا وجمعوا الجياد إلى أوعية.  وأما الأردياء فطرحوها خارجًا.  هكذا يكون في انقضاء العالم.  يخرج الملائكة ويفرزون الأشرار من بين الأبرار. ويطرحونهم في آتون النار.  هناك يكون البكاء وصرير الأسنان» (مت13: 47- 50).
   هذا المثل السابع من أمثال ملكوت السموات الواردة في متى 13 يتكون من 5 عناصر رئيسية:

1- الشبكة: نحن نقرأ في هذا المثل عن شبكة مطروحة في البحر من قِبَل الصيادين، ثم جامعة ليس كل الأنواع بل «من كل نوع»، ثم لما امتلأت، أصعدها الصيادون إلى الشاطئ، وجلسوا لفرز الجياد من الأردياء.

   ترى ماذا تُمثل الشبكة هنا؟  إنها تُمثل الإنجيل المكروز به لكل الخليقة التي تحت السماء (كو1: 23).  فبعد القيامة، أمر المسيح تلاميذه بالكرازة بالإنجيل للعالم أجمع (مر16: 15).  فالإنجيل يُذاع الآن في كل العالم بمختلف أجناسه وثقافاته ولغاته.

2- البحر: البحر هنا يشير إلى الأمم الخطاة، فقيل عن الأشرار: «أما الأشرار فكالبحر المضطرب، لأنه لا يستطيع أن يهدأ وتقذف مياهه حمأة وطينًا.  ليس سلام قال إلهي للأشرار» (إش57: 20، 21).  إلى البشر المساكين المضطربين، الغارقين في طين الشهوات واللذات، والمحرومين من السلام، لهؤلاء يُقدم الله إنجيله، وأنت عزيزي القارئ واحد منهم، فهل استفدت من إنجيل الخلاص؟ 

3- الصيادون: لهم الدور البارز في هذا المثل، فهم الذين قاموا بطرح الشبكة في البحر، وهم يمثلون المبشرين الذي يقدمون الإنجيل للنفوس لربحها للمسيح، ثم جذبها إلى الشاطئ، ثم فرز الجياد من الأردياء، وهم هنا يمثلون دور الرعاة الذين يميزون بين المؤمنين الحقيقيين والمعترفين فقط بالمسيح، ثم وضع الجياد في الأوعية، وهم هنا يمثلون دور المعلمين الذي يحفظون المؤمنين الحقيقيين في حالة الثبات الروحي من خلال تقديم كلمة الله لهم وشرحها لتثبيتهم في الحق.

 وهذا يذكرنا بكلام الرب يسوع لتلاميذه الأوائل: «هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس» (مت4: 19).  ولقد طرح بطرس شبكة الإنجيل فربح ثلاثة آلاف نفس من اليهود (أع2)، ثم ربح من الأمم أيضًا (أع10).

والصيادون (المبشرون) يجب أن يتصفوا بالتواضع والاختباء حتى يربحوا نفوسًا للمسيح، تمامًا كما يحاول أن يخفي الصياد ظله حتى لا يهرب منه السمك.  كذلك يجب أن يتحلى المبشر بالصبر وهو يقدم كلمة الله للنفوس، لذلك نقرأ عن الصيادين هنا أنهم "جلسوا" (ع 47).

4- السمك: في هذا المثل نوعان من السمك داخل الشبكة، الجياد والأردياء - وكما قلنا- هذان النوعين يمثلان نوعين من البشر وصلهم الإنجيل، فريق عملت فيه كلمة الله فتاب وآمن وخلص، والآخر ظل كما هو، له صورة التقوى لكنه منكر قوتها، وأنت أخي القارئ: من أي الفريقين؟ وكونهم داخل الشبكة يعني أنهم معًا داخل دائرة ملكوت السموات أي دائرة الاعتراف المسيحي الآن.
يذكر موسى في الناموس أن السمك الطاهر (الجيد) لا بد أن يتوفر فيه شرطان، وجود الزعانف للسير نحو الهدف المنشود رغم الظروف المحيطة وضد التيار (مثل موسى ودانيال)، الحراشف للحماية من فساد الوسط المحيط (مثل يوسف)، وفي هذين الشرطين نرى المؤمن الحقيقي الذي يعيش للرب ويتكرس له رغم الظروف المعاكسة الموجودة في هذا العالم، بل يعيش منفصلاً وفي مأمن من تأثيرات العالم الشريرة من خلال الشركة مع الله، فليحفظنا الرب في حالة كهذه.

5- الملائكة: دور الملائكة الآن ينحصر في خدمة المؤمنين من خلال أعمال الحفظ والعناية «أليس جميعهم أرواحًا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص» (عب1: 14). أما في انقضاء الدهر، عند ظهور المسيح، سيقوم الملائكة بدورهم في فرز الأشرار من بين الأبرار وطرحهم في بحيرة النار والكبريت. 

كلمات موجهة:
في ختام الحديث عن هذا المثل نوجه كلمات- ليت الرب يستخدمها لبركة كل من يقرأها- لكل من: 
أيها البعيد غير التائب: الله يعلن لك عن محبته ورحمته من خلال إنجيله، فهل ترجع إلى الرب تائبًا ومؤمنًا بصليب ابنه؟
أيها الكارز: يا من تقدم كلمة الله للنفوس، لا تفشل حتى لو لم يظهر الثمر الآن، فقط ارم خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة (جا11: 1).

   وهناك صورة نبوية في هذا المثل، ففي الشبكة الجامعة يمكننا أن نرى شبكة الكرازة وسط الأمم بعد الاختطاف، في فترة الضيقة العظيمة، حيث ستصل بشارة الملكوت للأمم والشعوب، بواسطة بقية أمينة من الأمة اليهودية، وستأتي بجمع عظيم لم يستطع أحد أن يعده (رؤ7).
   والعمل كبير، مُمثل في هذه الشبكة الكبيرة.  والصيد سيتم هنا عن طريق الشبكة الجامعة.  والامتحان مُحدد لتثبيت حقيقة الإيمان: هل يقبل المرء الكارزين بالملكوت؟ هل الإنسان يقبل إخوة الرب الأصاغر (مت25)؟ وكما لم تحدث كرازة قديمًا لراحاب، بل كان قبولها للجاسوسين برهانًا على صحة إيمانها، هكذا سيكون هنا.

   وما أن يتم جمع السمك الكثير من كل نوع في الشبكة الجامعة، حتى يتم الفصل بينه في انقضاء الدهر. فلن يتم الفصل بين الجياد والأردياء إلا في النهاية، عندما تمتلئ الشبكة.  صورة لما سيحدث بعد ظهور المسيح مباشرة في دينونة الأحياء (انظر متى 25: 31-46).                                                                         


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com