عدد رقم 4 لسنة 2018
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
إليك يُسلِّم المسكين أمره  

«إليك يُسلَّم المسكين أمره، أنت صرتَ مُعين اليتيم» (مز10: 14)
   يُحكَى أن فتاة يتيمة، ليس لها أحد في 
الدنيا بعد الله سوى أمها.  فتزوجها ابن عمها، وكان ظالمًا، شديد القسوة.  وكان يسيء معاملتها هو وجميع أهله،
 وجعلوها كخادمة تعمل ليل نهار لخدمتهم.  ومع هذا لم تكن تَسلم من الشتائم والضرب في كثير من الأحيان.  وكانت هذه الفتاة كلما ضاقت بها الدنيا، تلجأ لأدفأ مكان وهو حضن أمها .. وتشكو لأمها كل ما حدث لها، وتبكي معها، ثم تعود إلى زوجها.  وكانت الأم ضعيفة مُقعدة لا حول لها ولا قوة، سوى أن تشارك ابنتها ألمها بالبكاء معها.  وظل الأمر هكذا عشر سنين، وكل يوم يسوء الوضع أكثر، حتى قرب الأجل وحان وقت رحيل الأم. 
 فبكت الابنة وانهارت وأمها تحتضر، وقالت لها: "أمي لمن أشكو بعد رحيلك، لمن أحكي مأساتي؟ أمي لا تتركيني وحيدة".  فقالت لها الأم: "ابنتي إن مُت وضاقت بك السبل، تعالي إلى هنا، وصلي إلى الرب، واحكي له كل ما يعكر صفوك، واشكي له همومك وأحزانك".  وماتت الأم، ومر أسبوع، وضاقت الدنيا على البنت، فأخذت نفسها وذهبت إلى بيت أمها، وعملت بنصح أمها فأحست براحة شديدة.  واستمر الأمر هكذا لمدة شهر، كل أسبوع تذهب إلى بيت أمها تمكث ساعات، ثم تعود وهي مبتسمة.  لاحظ أهل زوجها هذا، فأدخلوا الشكوك في قلب زوجها، وقالوا له: من المؤكد أن زوجتك تخونك، فهي تذهب كل أسبوع إلى بيت أمها وهي باكية، ثم تعود بعد ساعات وهي فرحانة.
 فقرر أن يراقب زوجته، وذهب قبل الموعد إلى بيت أمها، واختبأ في مكان بحيث يراها وهي لا تراه.  فذهبت الزوجة كالعادة، وصلَّت وهي ساجدة، وانفجرت باكية، وأخبرت الرب بكل همومها، وبما يعمل بها أهل زوجها، وطلبت لزوجها الخير والسلام، وتوسلت إلى الله أن يصلح حاله ويُغيِّره لأنها تحبه رغم كل شيء.  وظلت تبكي وتبكي، وهو يسمع ويبكي معها، متأثرًا بما يرى ويسمع .. وعندما أنهت صلاتها إذا بها ترى زوجها يبكي ويحتضنها ويعتذر لها بشدة عن كل الجروح التي سببها لها، ويعدها أن يعوضها عن كل ما عانته، وأن الله استجاب لدعائها.   وفي تلك الليلة لم يعودا إلى بيت أهله، وباتوا في بيت أمها.  وفيما هي نائمة رأت شخصًا يقول لها: "عشر سنوات تشتكي لأقرب الناس إليك، وما نفعك بشيء، وشهر واحد فقط تشتكي إلى لله، فغير الله حالك"، لا تشكي لأحد لا يملك غير المواساة والدموع، بل احكي مع الله الذي قال: «ادعني في وقت الضيق ٲنقذك فتمجدني».

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com