عدد رقم 5 لسنة 2015
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
في يوم خوفي  

   لاشك أننا كمؤمنين نجتاز في موافق صعبة وضغوط تجعلنا نخاف ونضطرب  لكوننا أوانٍ خزفية، لكن داود تغني في مزمور 3:56 وقال للرب: "في يوم خوفي أنا عيك أتكل".  وكم هو رائع لنا كمؤمنين في يوم الخوف والاضطراب العظيم أن نتحول عن أنفسنا وضعفنا، وعن  الظروف المحيطة بنا، ونرفع أعيننا نحو السماء، ونتكل علي الرب ونتعلق به، ونثق في كل وعوده ومحبته، فنطمئن وتتبدد كل مخاوفنا، لأن المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج (1يوحنا18:4). ولنا في كلمة الله بعض الأمثلة لأشخاص في يوم خوفهم اتكلوا علي الرب فأنقذهم. 

1)     يعقوب:

   يعقوب وهو راجع من آرام، من عند خاله لابان، بعد عشرين سنة تيهان، اختبر فيها الذل والظلم والمرار، وفي طريقه لملاقاة عيسو، أرسل الجواسيس قدامه، لكنهم عادوا بخبر أن عيسو قادمٌ ومعه نحو أربعمئة رجل.  "فخاف يعقوب جدًا وضاق به الأمر" (تك 7:32).  فماذ فعل يعقوب في يوم خوفه؟ لقد لجأ إلى الرب واتكل عليه وتعلق به وصلى وقال للرب: "يا إله أبي إبراهيم وإله أبي إسحاق ... صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة التي صنعت إلى عبدك ... نجني من يد أخي من يد عيسو، لأني خائف منه أن يأتي ويضربني الأم مع البنين، وأنت قلت إني أحسن إليك، وأجعل نسلك كرمل البحر الذي لا يُعد" (تك32: 9 - 12).  لقد تعلق يعقوب بالرب وفي يوم خوفه عليه اتكل، فاستجاب له الرب ونجاه من يد عيسو وبسط له لطفًا وحوَّل المرارة إلى السلامة.  كانت هذه أول صلاة سجلها الكتاب ليعقوب، وقد عبَّر فيها عن احتياجه وضعفه وعدم استحقاقه وثقته في وعود الرب له.  والرب لا يُفشِّل الإيمان الذي يتعلق به.

2)     داود:

داود وهو مطارد من شاول هرب إلى أرض الفلسطينين إلى أخيش ملك جت.  فقال عبيد أخيش له: "أليس هذا داود ملك الأرض"؟  فوضع داود هذا الكلام في قلبه وخاف جدًا من أخيش ملك جت.  فغيَّر عقله وتظاهر بالجنون (1صم 11:21)، وفي هذه المناسبة كتب كلمات مزمور 34 وقال: "طلبت إلى الرب فاستجاب لي، ومن كل مخاوفي أنقذني ... هذا المسكين صرخ والرب استمعه، ومن كل ضيقاته خلَّصه" (ع4، 6).  فلم يكن اتكاله على الحكمة والحيلة البشرية بل على الله الحي.  وكتب أيضًا مزمور 56 وقال للرب: "في يوم خوفي أنا عليك أتكل" (ع3).  وقال أيضًا: "علي الله توكلت فلا أخاف، ماذا يصنعه بي الإنسان" (ع11).  فكانت النتيجة الرائعة أن الرب أنقذه من يد الأعداء، فقال في نهاية المزمور: "لأنك نجيت نفسي من الموت" (ع13).  كذلك عندما كان داود في صقلغ، وجاء العمالقة وسبوا كل من فيها وأحرقوها بالنار، فبكى داود والشعب الذين معه حتى لم تبق لهم قوة للبكاء، والشعب أرادوا رجم داود، أما داود فتشدد بالرب إلهه ولجأ إليه، وطلب الأفود من أبياثار الكاهن ليسأل الرب، والرب شجعه ووقف معه فرد كل ما أخذه عماليق (1صم30).  ليتنا نتعلم من داود أننا في يوم خوفنا نتكل علي الرب العظيم الذي لنا.  

3) يهوشافاط:

هذا الملك التقي أتى عليه بنو مواب وبني عمون لمحاربته، "فخاف يهوشافاط وجعل وجهه ليطلب الرب، ونادى بصوم في كل يهوذا" (2أخ20: 3).  وهذا الضيق الذي جاء عليه لم يكن ندون سبب، لكنه كان نوعًا من المعاملات الإلهية التأديبية على يهوشافاط لأنه صاهر أخآب الشرير، وحارب معه، وشارك في مشروعات تجارية مع ابن أخآب.  كان يهوشافاط يملك خمس فرق حربية قوامها حوالي مليون جندي محارب لكنه لم يتكل عليها.  ولم يكن الخوف فقط من كثرة الأعداء الذين جاءوا عليه، لكن الأهم أنه فهم أن هذا نوعٌ من التأديب فارتعد.  لكن ماذا فعل في يوم خوفه؟ لم يهرب من الهرب بل اتكل عليه وصلى، وقال: "يارب إله آبائنا أما أنت هو الله في السماء وأنت المتسلط على جميع ممالك الأمم، وبيدك قوة وجبروت، وليس من يقف معك" (2أخ 6:20).  لقد عرف من هو الله، واسترجع الاختبارات القديمة، وذكَّره بأنهم نسل إبراهيم خليله (ع7)، وختم صلاته بالكلمات المشجعة وقال للرب: "ليس فينا قوة أمام هذا الجمهور ... ونحن لا نعلم ماذا نعمل ولكن نحوك أعيننا" (2أخ20: 12).  فكانت النتيجة أن الرب تدخل بطريقة عجيبة وأنقذه من يد الأعداء، حيث جعل الأعداء يُهلكون بعضهم بعضًا، وفي النهاية رجع بغنيمة كثيرة،  وفي اليوم الرابع اجتمعوا في وادي بركة لأنهم هناك باركوا الرب (ع26).  ليتنا نتعلم هذا الدرس الرائع، درس الاتكال على الرب والصلاة بروح الانكسار والاتضاع أمامه فيخلصنا، ونثق في مواعيده لأنه طيب وصالح وإلى الأبد رحمته.

       


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com