عدد رقم 1 لسنة 2015
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكاني  


  أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديد من بابكم "لو كنت مكاني"

في هذا العدد سوف نتعرف على رسالة وصلت إلينا من صديقي وصديقككم (ف . ف) والتي  كتب  فيها يقول: "أنا قررت أدرس الكتاب المقدس من خلال مشاهدة أرشيف حلقات برنامج "كل الكتاب"، وبدأت بإنجيل متى.  أنا الآن وصلت لحلقة رقم 5 من إنجيل متى، وفي نصف الحلقة لما الأخ يوسف بيتكلم عن التوبة والارتباط بالإيمان أنا الصراحة خفت وشكيت في نفسي وفي إيماني.

أنا مؤمن بالمسيح واعترفت للمسيح بخطاياي وقبلته مخلص وملك لحياتي، ومؤمن أنه حي دلوقتي في السما وقريب جاي تاني.  بس مشكلتي في موضوع التوبة والإيمان لأني أنا بسقط في الخطية كل يوم .. كل يوم أكيد بقع في خطايا متنوعة .. مع إني بطلب من الرب كتير إنه يساعدني علشان أتخلص منها.

مثلاً في بعض الأحيان في الشغل مع زملائي ممكن تخرج كلمة مني، عارف إني المفروض مكنتش أقولها.  كمان بتعصب على بعض أفراد أسرتي في البيت، وغير كده كتير.  يعني مفيش يوم بيعدي ومش بعمل فيه خطية.  بس الحاجة اللي أنا بعملها في نهاية كل يوم أو لما أحس بغلطي إني بطلب من الرب الغفران وإنه يرجع ويغسلني من تاني بدمه.

هل معنى كده إنى محصلتش على الغفران؟ أو أن إيماني مجرد معلومات عن موت المسيح كما قال الاخ يوسف رياض؟؟ أنا خايف يطلع إيماني ده مجرد معلومات اتعودت أسمعها في مدارس الأحد واجتماعات الشباب والمؤتمرات وكده.  أعرف إزاي أن إيماني مش مبني على حاجات اتربيت عليها؟ أنا صليت بس لحد دلوقتي ربنا ما كلمنيش بحاجة.  وأنا أهم حاجة عندي أني أكون مطمن من جهة أبديتي وأني أكون مع المسيح لما يجي تاني.

من فضلك ساعدني.  شكرًا

                                                                               (ف . ف)

أخي العزيز المحبوب ( ف. ف)

دعني في البداية أشكرك لأجل رسالتك والتي  قبل أن تطرح فيها مشكلتك قد عبرت فيها عن رغبتك في  دراسة الكتاب المقدس بجدية، الحق يقال إنها رغبة مقدسة.  فليس في الحياة ما هو أثمن ولا أبقى من الغوص في أعماق كلمة الله واستخراج اللآلئ المخبوءة فيها.

ثم بخصوص مشكلتك - والتي هي بالحقيقة مشكلة متكررة من شباب كثيرين- فإني  أحاول بنعمة الرب أن أوضح لك بعض الأمور التي ربما تساعدك في فهم ما أنت عليه وما يجب أن تكونه.

فكلام الأخ يوسف في الحلقة كان بخصوص ارتباط الإيمان بالتوبة.  وهذا ما يعلمه لنا الكتاب عن صنف الإيمان الذي يُخلِّص.  فلا يكفي أن تقول إنك مؤمن، وقد قبلت المسيح مخلصًا وأنت ما زلت تعيش في فسادك وشرورك كما أنت.  إنما الإيمان الحقيقي في القلب هو الذي يصاحبه ترك الشر وإنتاج الثمر الذي يتناسب مع الحياة الجديدة التي ننالها بالولادة من الله.

لذلك سوف ألخص كلامي لك في ثلاثة أفكار هامة وهي:

1-  الامتلاك   2-  الارتباك  3- الانفكاك

أولاً:  الامتلاك:

 وأقصد به امتلاك الطبيعة الجديدة بالولادة من الله.  وهذا يحدث عندما يجاهد الروح القدس معي مُستخدمًا كلمة الله، ويجعلني أفتش قلبي فأراه «أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ» (إر17: 9)، وأفتش ذهني فأكتشف أنه «ذِهْن مَرْفُوض» (رو1: 28)، وأفتش ذاتي فأرى «أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ ... شَيْءٌ صَالِحٌ» (رو7: 18).  وهنا يقودني الروح القدس للتوبة بمعناها الحقيقي وهو تغيير فكري بخصوص ذاتي فأدين نفسي وأفعالي، وأقبل حكم الله عليَّ، فأؤمن أنني خاطئ لا أستحق سوى الهلاك (وهذه هي التوبة).  وهي إدانة للنفس وما عليها من فساد، وأيضًا رفض وترك لطريق وحياة الشر، "ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران"  (إش 55 : 7).

  ومع وصولي للتوبة الحقيقية يغير الروح القدس فكري بخصوص الله أيضًا (وهذا هو الإيمان).  فأرى في موت المسيح الوسيلة الوحيدة لخلاصي من خطاياي ومن حالتي الفاسدة، وأرى في دم المسيح الطريق الوحيد لتطهيري، وأرى الله كالآب المُحب الذي يقبل ابنه الضال بفرح عظيم وغفران كامل، ويحصل الشخص بهذا الإيمان على كل بركات الله العظمى مثل التبرير وغفران الخطايا والمصالحة والفداء والتبني والحياة الأبدية.

على أن هذه الولادة الثانية لها مظاهر تميزها عن أي ادعاء كاذب، فكما أن الكائن الحي تظهر عليه ملامح الحياة مثل الأكل والشرب والحركة والتنفس فيعلم الكل بحياته، كذلك الإيمان الحقيقي يعبر عن نفسه بمظاهر ملموسة محسوسة، وهذه المظاهر إن غابت من شخصٍ يدعي الإيمان سيكون إيمانه مجرد إيمان ميت، ولا يعبر عن نوال الحياة الجديدة، ومن ضمن هذه المظاهر ما يلي:

·        التغيير.  إن التغيير في السلوك والعادات لهو من أقوى الدلائل على حقيقية إيمان الشخص وولادته من الله.  فالكتاب يقول "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ.  الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ.  هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا (2كو5: 17).  انظروا إلى زكا والسامرية وسجان فيلبي والمولود أعمى ومريم المجدلية، كيف كانوا وماذا أصبحوا.  فالإيمان الحقيقي لا بد أن يُغيِّر.

·        الاشتياق الدائم لله ولمحضره ولكلمته.  فالإيمان يربط النفس بالله كمن هو مصدر الحياة فيصير القرب منه تعالى لذة، وتختبر النفس المرار في البعد عنه.  "كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ" (مز 42: 1) .

·        الاشتياق إلى حياة القداسة وكراهية الشر.  فالمؤمن الحقيقي أصبح منتميًا لله القدوس بنواله الحياة الجديدة وسكنى الروح القدس.  لذلك تجده دائمًا يكره الشر ويهرب من الفساد ويحب جو القداسة، "كأولاد الطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم، بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة، لأنه مكتوب: كونوا قديسين لأني أنا قدوس" (1بط 1 : 14-16).  هذا لا يمنع أنه قد يسقط وينغلب من الخطية.

·        الشهادة للمسيح.  فالإيمان الحقيقي ينشئ في النفس دوافع حارة لمشاركة الآخرين عن الرب وخلاصه، وهذا ما فعلته السامرية «هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَانًا قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟» (يو4 : 29).

ثانيًا : الارتباك

يصاحب الولادة من الله وسكنى الروح القدس في قلب المؤمن حالة من الفرح والبهجة لا يضاهيها فرح. فيصير المؤمن سعيدًا محبًا للرب وللمؤمنين وللكلمة وللاجتماعات.  ويظن أن طبيعته القديمة الخاطئة قد قضي عليها ونزعت منه وما عاد يسكن داخله إلا الطبيعة الجديدة والروح القدس.  لكن مع مرور الوقت يفتر المؤمن ويُفاجأ أنه عاد يسقط في بعض خطاياه القديمة أو بدأ ينجذب تجاه خطايا أخرى.  وهنا يبدأ الارتباك والشك والتخبط، ويتساءل الشخص إن كان مؤمنًا أم مخدوعًا، وهل هو بالفعل تغير ونال حياة جديدة أم أنه موهوم.  فإن كان قد خلص فلماذا هذا السقوط مرة أخرى؟

الحقيقة أن الكتاب يعلمنا أن الإنسان عندما يجيء للرب بالتوبة القلبية وبالإيمان القلبي، فإنه ينال حياة الله ويسكن فيه الروح القدس فور إيمانه مباشرة (أف 1 :13)، لكنه ما زال يحتفظ بين جنباته بكيانه الفاسد الساقط المُمثل في الطبيعة القديمة (رو 7: 17)، والتي تظل كامنة مقهورة أمام قوة الحياة الجديدة، لكنها تظل تتحين الفرصة التي يضعف فيها المؤمن ويهمل اتصاله بوسائط النعمة المغذية له مثل قراءة الكتاب أو حضور الاجتماعات أو الصلاة أو الشركة مع المؤمنين، والتي إن أهملها المؤمن يضعف روحيًا وتنقض عليه طبيعته القديمة الساكنة فيه طارحة إياه أرضًا، تاركة إياه في ارتباك وحيرة متسائلاً إن كان ما زال مؤمنًا أم أنه مخدوع وموهوم.  "لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى تفعلون ما لا تريدون" (غل 5 : 17).

ثالثًا: الانفكاك

المؤمن الساقط المنطرح من جراء فعل الخطية الساكنة فيه ومن جراء عبث إبليس بأفكاره، عليه أن يكف عن الصراع مع نفسه والنظر في داخله، ويثبت نظره على المخلص ويترك المجال للروح القدس الساكن فيه، فيبدأ في الانفكاك من سلطان الخطية الساكنة فيه والتحرر من أهوائه وشهواته الداخلية.

على المؤمن أن يشبع بالرب وبكلمته كل يوم "فالنفس الشبعانة تدوس العسل".  وأن يتواصل يوميًا مع الرب في الصلاة فيقطع الطريق على إغراءات العدو.

وعليه أن يسلك بالروح ويكون في مجال عمله، "اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد" (غل 5 : 16).

نصيحة ختامية

افحص نفسك يا صديقي في ضوء ما كتبته لك من علامات الولادة الثانية.  هل تظهر فيك هذه العلامات أم ليس هناك فرق في حياتك؟ إن كنت لا تجد مظاهر الولادة الجديدة واضحة فعليك إذًا أن تطلب الرب بتوبة قلبية طالبًا منه أن يمنحك تغييرًا ملحوظًا.

لكن إن كان يوجد في حياتك أي مظهر من مظاهر التغيير والولادة من الله، فعليك إذًا أن لا تعتمد على مشاعرك، فالمشاعر متغيرة، لكن اعتمد على قول الرب في كلمته المقدسة: "كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا" ( يو 6 : 37 ).  صدق كلام الرب فيملأ اليقين قلبك وتختبر شهادة الروح داخلك أنك من أولاد الله " اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ" (رو 8 : 16).

والآن نأتي لرسالة العدد القادم والتي وصلتنا من الأخت ( رانيا ) تقول فيها:

أخ عياد، بعد التحية

أعاني من حالة استياء شديدة بسبب والدي.  فهو شيخ متقدم في الكنيسة ولكن حياته في البيت لا تمت للروحانية بصلة.  في الكنيسة مقدام وفي البيت هدام ونمام وشتام.  أنا متعثرة جدًا – أرجوك أرشدني أعمل إيه؟

                                                                                    (رانيا)

   إذا كان لديكم مشاركة بخصوص مشكلة رانيا أو مشكلة أو تساؤل أو استفسار في أي موضوع، يمكنكم مراسلتنا على البريد الالكتروني:   ayad.zarif@gmail.comأو على صفحتنا facebook/kolelketab        

النعمة معكم

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com