عدد رقم 1 لسنة 2015
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
دروس من سقوط الحكيم  


   لاشك أن سقوط حكيم الأجيال المدوي بهذا الشكل المريع كما هو مدون في سفر الملوك الأول أصحاح 11 يحمل لنا الكثير من الفوائد.  فلقد تزوج ب 1000 امرأة، منهن 300 سرية، كلهن وثنيات، وإمعانًا في إرضائهن عبد آلهتهن.

   ألا يحمل لنا هذا تحذير كلمات الكتاب: "إذًا من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط" (1كو10: 12)؟ وكلمات التحذير عن الخطية أنها "طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء" (أم7: 26)؟ وسنتناول في عجالة بعض المبادئ الكتابية التي لا نجد تطبيقًا لها أكثر مما نجده في سقطة سليمان لكي نتعلم ونتحذر:

المبدأ الأول: المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة (1كو15: 33): من نبوة حجي نفهم أن ارتباط المُقدَّس بالمُنجَّس لا ينقل القداسة إلى النجس بل العكس هو الذي يحدث وكم تنجس سليمان بارتباطه بالوثنيات، فما أصعب القول "لأن نساءه أملن قلبه"! (1مل11: 4 ).

المبدأ الثاني: باطلة هي الملاجئ الأرضية:  يُقال إن إحدى أسباب ارتباط سليمان بالنساء كان سببًا سياسيًا، حيث أنه ارتبط بالنساء الأجنبيات الشريفات لكي يكون في سلام مع الأمم.  هذا أقصى ما أوصلته إليه حكمته وذكاؤه، لكن تم فيه ما قيل: "كما إذا هرب إنسان من أمام الأسد فصادفه الدب، أو دخل البيت وضع يده على الحائط فلدغته الحية" (عاموس5: 19).  فلكي يحمق الرب خطته أقام له من ذات الأماكن خصومًا، منهم هدد الأدومي ولم يشفع له في ذلك زواجه بالأدومية.

المبدأ الثالث: "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا": ربما ظن سليمان أن بإكثار الزوجات سيشبع، لكن تم فيه ما قاله الرب للسامرية التي أكثرت هي الأخرى الأزواج، وإن كان سليمان فاقها في العدد كثيرًا، "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا" (يو4: 13 ) أي يزداد عطشًا، فالبئر التي أعطاها يعقوب لهم شرب منها هو وبنوه ومواشيه، فهي نظير بئر الغرائز التي يشترك فيها الإنسان والحيوان ولا تشبع القلب غير المكتفي.

المبدأ الرابع: "مالك روحه خيرٌ ممن يأخذ مدينة" (أم16: 32): كم اتسعت دائرة ملك سليمان! لكنه للأسف لم يكن مالكًا روحه فهو لم يعرف أن يقول لنفسه: لا، فكم دلل رغباته وسار وراء شهواته! "ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما" (جا2: 10).  فمسؤولية الإنسان في المقام الأول عن نفسه: أن يطهرها (2تي2: 21)، ويمتحنها (1كو11: 28)، ويحكم عليها (1كو11: 31) قبل أن يُحكم عليه.  لكن كم من الخطوره أن ينشغل الانسان عن عيوبه، في الوقت الذي يهتم فيه بعيوب الآخرين.  تقول العروس: "جعلوني ناطورة الكروم أما كرمي فلم أنطره" (نش1: 6).

المبدأ الخامس: "الحسن غش والجمال باطل" (أم31: 30): كتب سليمان عن صفات المرأة الفاضلة في أمثال 31: 10 لكن لم يذكر منها الجمال، بل كلها صفات تنم عن الحكمة واللطف وروح الخدمة والتضحية والمبادرة والمساعدة والمصداقية وأنها تصنع خيرًا لا شرًا كل أيام حياتها وتراقب طرق أهل بيتها ... إلخ.  أما الجمال فقال عنه: "الحسن غش والجمال باطل، أما المرأة المتقية الرب فهي تُمدح" (أم31: 30).  وواضح أن سليمان كتب هذا بعد تجربته مع الحياة، لقد فتش وبحث عن المرأة الفاضلة ولم يجدها، كانت بالطبع موجوده فلا يخلو زمان من وجود الفضليات، لكنه لم يجدها بين النوعيات التي ارتبط بهن.  لقد كان شغله الشاغل في البحث هو جمال الجسد والوجه، وأهمل جمال الروح.  لقد فتش عن النسب والحسب كما يقولون، وأهمل مخافة الرب، حيث النساء التقيات المتوكلات على الرب.

المبدأ السادس: "الذي يحبه الرب يؤدبه": لقد دعا الرب سليمان "يديديا" (2صم12: 25)  أي المحبوب من الرب، لكن وقوعه في هذا الخطأ لم يعف المحبوب من القضاء والتأديب (عب12: 6).  فأقام الرب بنفسه خصمًا لسليمان تلو الآخر (1مل11: 14؛ 23) لكي يرجع عن شره ويستفيق قبل فوات الآوان.

المبدأ السابع: طوبى لمن سمع وعمل وعلَّم: كم كانت الوصايا كثيرة للملك بأن لا يُكثر النساء ولا الفضة ولا الخيل (تث17: 16، 17).  لكن يبدو أن سليمان لم يحفظ هذه الوصايا، والأكثر من ذلك أنه عبد آلهة غريبة، وهذا كان سبب قضاء الرب على المملكة حسبما أرسل الرب نبوة بيد أخيا الشيلوني ليربعام، وكم كانت النتيجة وخيمة حيث انتهت مملكته بعد ملك 40 سنة فقط وانتهت حياته مبكرًا ولم يبلغ 60 سنة، لقد مات قبل الآوان.

   ليت مبادئ كلمة الله يكون لها احترامها في داخلنا ولنحرص على العيشة بمقتضاها فنتمتع برضى الرب ومصادقته.

        

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com