عدد رقم 1 لسنة 2015
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
سلطان الله على الأحداث  


«حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته» (أف1: 11)

   إن الله يتحكم تحكمًا سياديًا في كل الأحداث حتى ما يبدو مأساويًا، فلا شيء يحدث بالصدفة في عالم تحت السيطرة الإلهية.  فهو العلي المتسلط في مملكة الناس.  وهو عنده السبب والحكمة في كل ما يسمح به.  وقد لا نفهم هذا السبب الآن، لكننا نثق ونطمئن أنه يعرف ما يفعله، إذ مكتوب: «علم ما هو مزمع أن يفعل» (يو6: 6).  ولنتذكر القول: «لأن أفكاري ليست أفكاركم، ولا طرقكم طرقي ... لأنه كما علت السماء عن الأرض، هكذا علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم» (إش55: 8، 9).  وإن كنا لا نفهم لماذا يسمح بالكوارث أو تفاقم الشر لكننا لا نشك لحظة في أنه مطلق الصلاح (لو18: 19).  فسواء كانت الأحداث المأساوية دينونة مباشرة أو غير مباشرة من الله أو كانت معاملات للتدريب والتنقية أو غير ذلك، فهو صاحب السلطان ويملك الزمام، ويستطيع أن يجعل «كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله» (رو8: 28).  ولنعلم أنه ليس هو مصدر الشر، فهو نبع الخير والصلاح، «الله نور وليس فيه ظلمة البتة» (1يو1: 5)،  لكنه قد يسمح بالشر ويتحكم فيه ليخدم مقاصده كاملة الإتقان.  وهذا ما نراه في قصة يوسف حيث قال لإخوته: «أنتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا» (تك50: 20).  وأعظم استعراض للكيفية التي انتصر بها الله على الشر كانت في مأساة الصليب.  هناك وصل شر الإنسان المتعمد وعداوته إلى الذروة حيث صلبوا رب المجد معلقين إياه على خشبة، وهناك أيضًا ظهرت محبة الله المطلقة التي انتصرت على الشر في أسمى صورة.  فلم تفسد مخططات الله أبدًا بسبب شر الحكومات أو عداوة وشراسة الشيطان، بل تحققت أعظم النتائج لمجد الله وبركة الإنسان بركة أبدية من خلال الصليب.  «ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء! لأن من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرًا» (رو11: 33، 34).

   «لأن الله أعظم من الإنسان. لماذا تخاصمه؟ لأن كل أموره لا يجاوب عنها» (أي33: 12، 13).  ولا يصح مطلقًا أن نتعامل مع الله الند للند أو نحاجج الله ونحاكمه.  وعلينا أن نتأكد أن ديان كل الأرض يصنع عدلاً، وأنه بار في كل طرقه ورحيم في كل أعماله.

   ليس غريبًا أن نرى صورًا متعددة للمآسي والكوارث، فهي حصاد الخطية التي دخلت إلى العالم عندما سقط الإنسان، وعلى أساس عمل الصليب ستُرفع خطية العالم وتزول كل الآثار المحزنة التي ترتبت على ذلك.

إثر الخطايا ينمحي، والشر سيغيب، وفي النهار الأبدي نساكن الحبيب

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com