عدد رقم 1 لسنة 2015
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
افهم دورك – علاقة الزوج والزوجة بالأهل   من سلسلة: الأسره المسيحيه..


  أخي وأختي أعضاء العائلة المسيحية:

   في هذا العدد سوف نتكلم عن علاقة الزوج والزوجة ككيان جديد بالأهل من كلا العائلتين، وإني أشعر أنه كم يستخدم الشيطان هذا الأمر بقوة لخلق مشاكل تبدأ وتزداد مع الأيام بين العائلات الكبيرة والعائلات المتكونة حديثًا.

   في البداية أود أن أوكد أن الرب من سفر التكوين يوضح أن العلاقة الزوجية علاقة متميزة في عمقها ونوعها بحيث لا يمكن أن تضاهيها أي علاقة أخرى، وهذا واضح من تكوين2: 24 "لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا".  فلا يذكر هذا التعبير على أي علاقة من العلاقات الأخرى غير الزواج وذلك لما لهذه العلاقة من خصوصية وعمق، فلذلك لا بد لأي زوجين ألا يسمحا لأي علاقة أخرى مهما كانت أن تؤثر بأي شكل على علاقتهما الزوجية معًا.

   دعونا نفكر في بعض جذور المشكلة والتي تكمن في التفكير الخاطئ من بعض أو كل الأطراف:

1.       يعتقد الوالدان أن أبناءهم قليلي الخبرة في الحياة وأنهم هم أصحاب الخبرة الكبيرة لذلك يجب على أبنائهم الاستفادة منها للتمتع بحياه سعيدة.  وهذا صحيح لكن ما يتبع ذلك هو إبداء آرائهم في كل شيء وإقناع العائلة الجديدة به مما يسبب المتاعب.

2.       يخاف بعض الوالدين على صورة العائلة أمام الآخرين لذلك يحاولون تشكيل منزل أبنائهم بالصورة التى يريانها تليق بوضعهما الاجتماعي المتميز.

3.       أحيانًا يسيطر على بعض الوالدين الخوف من سيطرة شريك الحياة على الطرف الآخر والتحكم فى حياته فيتدخلان بدعوى تبصيرهم للتصرف الصحيح لحمايتهم وإثبات وجودهم.

4.       ربما يكون قد عانى أحد الوالدين من حياة عائلية فاشلة أو تعرض للقهر من شريك حياته، لذلك يتصرف برد فعل عكسي على الابن أو الابنة بدعوى حمايتهم من السقوط في نفس المشكلة والدخول في نفس الحياة العائلية الفاشلة.

5.       أحيانًا الزوج أو الزوجة في العائلة الجديدة يلجأ إلى عائلته لاستشارتهم في أشياء خاصة داخل بيته -  بالتأكيد لاغبار إذا كان ذلك في حدود ضيقة وبموافقة الطرفين لكن تكرار استشارتهم في أشياء كثيرة أو بدون علم الطرف الآخر لا بد أن يجلب المشاكل.

6.       أحيانًا يكون لدى الآباء أو الأمهات التفكير بأن الابن أو الابنة لا يزالون تحت حكم الطاعة لهم حتى بعد الزواج، ويبدأ لديهم الإحساس بأن ارتباطه بزوجته يجعله يعصى أوامرهم، وهذا فكر مخالف للكتاب.  فالكتاب يوضح أن الابن قبل الزواج يجب عليه الطاعة المطلقة والخضوع غير المشروط لوالديه، وأما بعد الزواج فلا يذكر الطاعة مطلقًا بل الإكرام والتوقير والاعتناء كما هو واضح في الآيات التالية:

·        أف6: 2 «أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ»، الَّتِي هِيَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ بِوَعْدٍ،

·        1تى5 :4 وَلكِنْ إِنْ كَانَتْ أَرْمَلَةٌ لَهَا أَوْلاَدٌ أَوْ حَفَدَةٌ، فَلْيَتَعَلَّمُوا أَوَّلاً أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ وَيُوفُوا وَالِدِيهِمِ الْمُكَافَأَةَ، لأَنَّ هذَا صَالِحٌ وَمَقْبُولٌ أَمَامَ اللهِ.

·        1تى5 :8  وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ.

 

1.    ما الذى يزيد المشكلة تعقيدًا؟

عند حدوث أي مشكلة بين الزوجين يلقي أحدهم باللوم على الطرف الآخر بالقول: أبوك أو أمك هى السبب، أي هى ليست مشكلتى أنا بل مشكلتك أنت.  لكن فى الواقع أي طرف غير مسؤول بأي شكل من الأشكال عن أخطاء أبويه، فهو لم ولن يشترك في تربية أبويه.  والكتاب يعلمنا أننا كزوجين صرنا واحدًا، فوالدها مثل والدي تمامًا، وبناء على ذلك ما يحدث من والديها هي مشكلتنا وليست مشكلتها هي فقط، وعلينا أن نفكر معًا في حلها، وهذا يعطي الطمان ويحرر من المذنوبية.  وفي اللغة الإنجليزية يدعون الحماة والحمى Father & Mother in law أي أن أبو وأم زوجتي هما أبي وأمي أيضًا.

2.    الترتيب الكتابى الصحيح للعلاقات الزوجية

المبدأ الكتابي الذي يذكره الله وهو يضع أساس أول عائلة على الأرض في تكوين 2: 24 "لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا." ويتكرر هذا المبدأ ثلاث مرات أخرى في العهد الجديد وهي:

مت19: 5 "وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا"، وهي بلسان الرب نفسه ويشير فيها إلي ما حدث في البدء.

مر10: 7 "مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ".

أف5: 31 «مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا».  وهنا نجد إشارة إلى أن ارتباط الرجل بامرأته مثل ارتباط المسيح بالكنيسة فنحن معه واحد، "لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ" (عدد30).

إليك عزيزي القارئ بعض التأملات في هذه الآيات:

·        يجب أن نلاحظ أنه في الأربع آيات السابقة يوجه الروح القدس أنظارنا إلي ثلاثة أفعال هامة هي: يترك – يلتصق – يكونان جسدًا واحدًا.

·        الآيات المذكورة تتكلم عن الرجل لكن بدون شك هذا ينطبق أيضًا على المرأة كما على الرجل، "اسمعى يابنتى وانظري وأميلي أذنك وانسي شعبك وبيت أبيك" (مز45: 10).

·        ترتيب هذه الأفعال فى ورودها: يترك أولاً ثم يلتصق ثانيًا ثم يكونان جسدًا واحدًا ثالثًا.  أي أنه لا يتم الوصول إلي الخطوة التالية إلا عندما تتحقق الخطوة السابقة لها، ومن هنا يتضح لنا أهمية الترك وهي الخطوة الأولي في تتميم العلاقة الزوجية بالطريقة الكتابية الصحيحة والتي أشعر أن الشيطان يضرب فيها بكل قوة لكي لاتتحقق في بيوتنا فيكون قد نجح في عدم تحقيق الوحدة الزوجية الصحيحة.

·        لاحظ أن الكتاب يتكلم عن الرجل والمرأة وليس الشاب والشابة ولا الفتى والفتاة.  إنه يريد أن يؤكد لنا أن الترك قرار إرادي يحتاج لنضوج من الطرفين.

3.    ماهو الترك؟ وكيف يكون بطريقة صحيحة؟

·        الترك هو خروج العائلة الجديدة من العائلتين بطريقة صحيحة أي دون وجود أى آثار سلبية أو رواسب لأي من الأطراف مثل جرح الآباء بأي شكل أو الخروج بأي مبادئ أو أفكار خاطئة من عائلة الوالدين وتطبيقها في البيت الجديد، وعلى سبيل المثال زوجات يعقوب (راحيل وليئة) لم يخرجن بطريقة صحيحة من بيت لابان – لاحظ المرارة التي خرجت من أفواههم عندما أعلن يعقوب الرحيل وترك البيت: فَأَجَابَتْ رَاحِيلُ وَلَيْئَةُ وَقَاَلتَا لَهُ: «أَلَنَا أَيْضًا نَصِيبٌ وَمِيرَاثٌ فِي بَيْتِ أَبِينَا؟ أَلَمْ نُحْسَبْ مِنْهُ أَجْنَبِيَّتَيْنِ، لأَنَّهُ بَاعَنَا وَقَدْ أَكَلَ أَيْضًا ثَمَنَنَا؟ إِنَّ كُلَّ الْغِنَى الَّذِي سَلَبَهُ اللهُ مِنْ أَبِينَا هُوَ لَنَا وَلأَوْلاَدِنَا، فَالآنَ كُلَّ مَا قَالَ لَكَ اللهُ افْعَلْ».

·        الترك يكون:

1.    عاطفيًا: ويعني وقف الاعتماد النفسي على الأبوين أي عدم اللجوء إليهم في كل مشكلة صغيرة أو كبيرة.  إن استمرار هذا النوع من الاعتماد بعد الزواج يعني عدم وجود خصوصية داخل البيت الجديد وهذا يشعر الطرف الآخر بعدم الأمان.  ممكن وجود اعتماد نفسي حتى على بعد آلاف الكيلومترات، وكذلك يمكن تطبيق الاستقلالية حتى لو كان السكن قريبًا من الأبوين.

2.    ماديًا: فى حالة الأهل ميسوري الحال، لا غبار على مساعدتهم ماليًا للعائلة الحديثة الزواج لكن لا يستغل ذلك كمدخل لمعرفة تفاصيل أكثر والتحكم في قرارات الأسرة الحديثة.

4.    متى يبدأ تطبيق مبدأ الترك؟ وما هو اللازم فعله عند إدراك هذا المبدأ متاخرًا؟

البداية من فترة الخطبة باتفاق الخطيبين على الحفاظ على خصوصياتهما كأسرة جديدة باتزان، أما عند إدراك هذا المبدأ متأخرًا، يتم البدء في تطبيقه ولكن قد يحتاج إلى جهد ووقت وصبر والتزام من الزوجين أكثر بكثير مما لو تم تطبيقه من البداية.

5.    ما هى خطورة أخذ آراء الوالدين في كل شيء؟

·          لا مانع من سماع رأيهما للدراسة والمناقشة وليس للتنفيذ الفوري على أن يكون ذلك بموافقة الزوجين.

·          لا بد من تفهم الزوجين جيدًا أن كلاً منهما هو نصف كيان فالرأي الذي يروق لأحد الطرفين لا يصلح تطبيقه إلا بعد أن يناقش ويوافق عليه من الطرف الآخر فينبغي علينا أن نسمع ونستقبل آراءهم بصدر رحب ثم نغلق بابنا ونناقش الفكرونطبق ما نراه يصلح لنا كأسرة بعد الصلاة واستشارة الرب.

·          ينبغي التعامل بنضوج ووعي مع الأفكار التى تعرض علينا منهم ودون رفض كل ما يقال لمجرد أنه منهم فدافعهم فى معظم الأحيان هو المحبة ومثال ذلك موسي ورأي حميه في خر18: 17 فلقد كان رأيه صائبًا.

أصلي من كل قلبي لأجل أسرتي وأسرتك عزيزي القارئ حتى يقوم كل طرف منا بواجبه ناحية الأهل فيتمجد اسم فادينا ومخلصنا ربنا يسوع المسيح.

***

إذا كان لديك أي استفسار أو سؤال يمكنك مراسلتنا على البريد الالكتروني: seldabaa@gmail.com


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com