عدد رقم 5 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
الشركة مع الآب ومع ابنه  


(1يو1)

   إن كل من يؤمن بالرب يسوع ليس فقط ينال غفران الخطايا، لكنه ينال أيضًا حياة جديدة تمامًا بواسطة الولادة الجديدة.  إنه يولد من الله (يو1: 13) ولذلك يمتلك حياة إلهية، كما يمتلك الطبيعة الإلهية (2بط1: 4).  والحياة في أسمى صورها تُسمى «الحياة الأبدية»، وهي ذات حياة الله، وبدونها لا يمكن أن نتوافق مع الله ونكون في شركة معه.  والرب يسوع نفسه بكل كماله الذي ظهر على الأرض، هو حياتنا (كو3: 4).  هذه الحقيقة لها نتائج دائمة وأبدية بالنسبة لنا.  فنحن قد أُنعم علينا في المحبوب (أف1: 6)، وقد نُقلنا إلى ملكوت ابن محبته (كو1: 13).  لذلك نحن نقف أمام الله في كل قبول ذاك الذي يدعوه الله «المحبوب».  لقد صرنا متحدين معه، «من أجل هذا لا يعرفنا العالم لأنه لا يعرفه»، «وكما هو (الآن في السماء) هكذا نحن أيضًا (ونحن) في هذا العالم» (1يو4: 17).  و«سنكون مثله (عندما يأتي لاختطافنا)، لأننا سنراه كما هو» (1يو3: 2).  إننا «نعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق» (أو لنعرف الذي هو الحق) (1يو5: 20).  وهذا في الواقع يشمل كل شيء.  عند خُلق آدم أعطاه الله فهمًا أو إدراكًا، وفي هذا يكمن الاختلاف بين الإنسان والحيوان.  لكن فهم الإنسان وإدراكه كان أرضيًا، ولذلك استطاع أن يدرك فقط الأشياء الأرضية.  والملائكة أيضًا لا يستطيعون أن يعرفوا الله أو يكونوا في شركة معه، رغم أنهم ينتمون إلى خليقة أسمى رتبة من الإنسان.  إنهم خدام أقوياء يقفون دائمًا على استعداد لتنفيذ مشيئة الله.  لكنهم يشتهون أن يطلعوا على تلك الأشياء التي أعلنت لنا (1بط1: 12).

   أما الآن فإنه لخطاة هالكين كانوا قبلاً أعداءه، لكنهم قبلوا الرب يسوع، فقد أعطاهم ابنه كحياتهم الجديدة، وفي نفس الوقت قد نالوا فيه وبواسطته إدراكًا وفهمًا، به يعرفون الله.  نحن نستطيع أن نرى مجده المعلن الآن بالإيمان، كما سيراه العالم قريبًا عندما يأتي الرب يسوع على السحاب ليظهر على هذه الأرض ثانية بالمجد والقوة، حينما تراه كل عين (رؤ1: 7).  كما أننا نرى مجده الأدبي وهذا المجد يملأ قلوبنا.  كما أن لنا أفكارًا ومشاعر مشتركة مع الله.  إنه يفتح قلبه لنا ويتحدث إلينا عن الأشياء التي تشغل قلبه، ونحن نستطيع أن نفهم كلماته ونستطيع أن نشاركه مشاعره، إذ لنا شركة مع الآب ومع ابنه.

   ما الذي يشغل قلب الآب؟ أليس الابن وكل مجد شخصه المبارك وعمله؟ عندما كان الابن هنا على الأرض «فيه سُر أن يحل كل الملء» (كو1: 19).  وفي بداية خدمة الرب الجهارية (لو3: 22)، وكذلك قرب نهاية هذه الخدمة (مت17: 5) قال الآب وأعلن من السماء: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت».   وبعد هذا أتى عمل الجلجثة!

   ما هو تقدير الآب لهذا العمل؟ قال الرب يسوع: «لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا» (يو10: 17).  نعم، إن الآب يحبه – يحب ذلك الشخص الذي ذهب إلى الصليب طوعًا واختيارًا، الشخص الذي مات ليمجد الله ولكي يعمل مشيئته، والذي لأجل هذه الغاية «حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة» (1بط2: 24).  جُعل خطية لأجلنا (2كو5: 21)، واحتمل الدينونة والترك من الله لكي يحقق رغبته أن يأتي بأبناء كثيرين إلى المجد.  وفي كل هذا كان كاملاً «الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب» (عب9: 14).  إن الآب يخبرنا «هذا هو ابني الحبيب»، ونحن نجيب: نعم وهو مخلصنا الحبيب.  والآب يقول: إنه بسبب محبته لي قد احتمل كل الآلام على صليب الجلجثة (خر21: 5).  ونحن نجيب: الذي أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا.  إن نفس هذا الشخص الذي يملأ قلب الآب يملأ قلوبنا أيضًا.  إن الآب يرينا مجد ابنه، ونحن نحدث الآب عن كل ما وجدناه في هذا الابن المبارك.  هذه هي الشركة: مشاعر مشتركة، أفكار مشتركة، تقدير مشترك، رغائب واهتمامات مشتركة، أفراح ولذة مشتركة.

   وذات الشيء مع الابن أيضًا، لقد أعلن الآب لنا، وقال في صلاته: «عرَّفتهم اسمك وسأعرفهم» (يو17: 26)، وسمعناه يخاطبه: «يا أبا الآب» (مر14: 36)، ونحن أيضًا بروح التبني نخاطب الآب بنفس الألفة والقرب: «يا أبا الآب» (رو8: 15).  كان شعار حياته المكرسة «ينبغي أن أكون في ما لأبي» (لو2: 49)، ونحن أيضًا نشاركه هذه الأشواق التكريسية لمجد الآب.  لقد سمعناه قبيل الصليب يقول: «ليفهم العالم إني أحب الآب، وكما أوصاني الآب هكذا أفعل» (يو14: 31).  ونحن أيضًا نحب الآب ونطيعه بسرور مهما كانت الكلفة.

   أليس هذا بالحقيقة أسمى الامتيازات، ليس فقط أن نتمتع ببركات الله وعطاياه بل بالله نفسه.  وإذا أدركنا هذا واختبرناه عمليًا سندرك معنى الفرح الحقيقي، وهذا ما قاله الرسول يوحنا: «ونكتب إليكم هذا ليكون فرحكم كاملاً» (1يو1: 4).

   «الله نور وليس فيه ظلمة البتة» (1يو1: 5): هذه الشركة مع الآب ومع ابنه يجب أن تكون في توافق مع طبيعة الله.  وحيث أن الله نور لذلك يجب أن نكون نحن في النور لكي يكون لنا شركة معه.  إننا نسلك في النور، لذلك لنا شركة بعضنا مع بعض.  ودم يسوع المسيح ابن الله هو هناك كالقاعدة أو الأساس لمركزنا، وكبرهان على صحته وشرعيته.

   في (1يو1: 7) نجد أن الأمر لا يختص بكيف نسلك، لكن أين نسلك؟ وعندما يكون الحديث عن سلوك متوافق مع النور، فواضح أنه يتعلق بسلوكنا العملي، لكن الأمر هنا يتعلق بأين نسلك؟ إن كل شخص وُلد ثانية وأُنقذ من سلطان الظلمة، وأصبح مؤهلاً لشركة ميراث القديسين في النور (كو1: 12، 13) هو يسلك في النور، أي في دائرة طابعها هو النور الإلهي.  وكبرهان على أني في مكاني اللائق، يوجد الدم الذي يطهر من كل الخطايا بشكل دائم.  لتوضيح ذلك أقول: طالما أنا أشتغل بيدي في دلو به ماء مخلوط بصابون فلا يمكن ليديَّ أن تتسخا.  لماذا؟ لأن فاعلية الماء الممتزج بالصابون، الذي جعل يدي نظيفتين في البداية، تجعل من المستحيل أن تصيرا قذرتين.  هكذا فإن قوة الدم الذي يسود هناك في النور، هو البرهان على أنني في توافق مع ذلك النور.  والنور الذي سيكشف أقل خطية، سيكشف أيضًا فاعلية الدم المطهر.  لكن هذا لا يغير الحقيقة بأن طبيعتي القديمة لا زالت موجودة هناك.  إذا كنت أنكر هذا وأقول إنه ليس لي خطية أخدع نفسي وليس الحق فيَّ.  وإذا قلت إنني لم أفعل أبدًا أشياء خاطئة، أي لم أخطئ أبدًا، أجعل الله كاذبًا لأنه قال: «الجميع أخطأوا».

   لنلاحظ ما جاء في 1يو1: 10 فإن الكلمة لا تقول إن قلنا إننا لا نخطئ، بل تقول «لم نخطئ»، مستخدمة صيغة الماضي.  فالكتاب المقدس لا يفترض أبدًا أنه من اللازم أن يخطئ المؤمن.  نحن لنا طبيعة جديدة لا تستطيع أن تخطئ، ولنا قوة إلهية في داخلنا أي الروح القدس الذي يجعلنا مؤهلين للسلوك طبقًا للحياة الجديدة.  إن سلوكنا هو في النور، حيث نستطيع أن نرى بوضوح كل ما هو غير متفق مع النور.

   لكن بكل حزن يجب أن نعترف جميعًا أننا «في أشياء كثيرة نعثر جميعنا» (يع3: 2) لكن لا يوجد عذر لنا في ذلك.  وعلى أي حال إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب هو يسوع المسيح البار الذي يرد شركتنا إذا انقطعت.

                    

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com