عدد رقم 5 لسنة 2016
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
اجلسي ... حتى  

«اجلسي يا بنتي حتى تعلمي كيف يقع الأمر، لأن الرجل لا يهدأ حتى يتمم الأمر اليوم» (را 3: 18)

   إن التسليم لله هو أعظم ما يقوم به الإنسان، إنه الاتكال على الله ووضع الثقة القلبية البسيطة فيه.  إنه الاعتماد على أمانته وصدق كلمته، والإيمان في الله الحي القدير. ثق أنه ليس خمولاً أن تنتظر عمل الله.  اجلس واهدأ ولا تستعجله، فإن استعجالك لله يعيق عمله.  «اجلس حتى تعلم كيف يقع الأمر».

   استمع لحكمة الجلوس، تقول نعمي: «لأن الرجل لا يهدأ حتى يتمم الأمر اليوم».  نحن نجلس وننتظر لأنه هو يضع يده الإلهية على أمورنا البسيطة والصغيرة كما على الأمور الهامة والكبيرة.  إنه يديرها بإتقان ويحولها جميعًا إلى ما فيه مجده وفائدتنا أيضًا.  «الرجل لا يهدأ».  أي رجل؟ «الإنسان يسوع المسيح» (1تي2: 5).  كن متأكدًا بأن نهاية كل أمر يتعهده هذا الإنسان المبارك لا بد وأن تكون نهاية ناجحة.

   يا نفسي «اجلسي ... حتى»، حتى تعلمي قصده السامي فيما منعه عنك.  اجلسي حتى يزيل الغيوم.  حتى يبدد الضباب الكثيف.  حتى يزيح الجبال ويكسر الحواجز.  حتى يبدد الظلمات ويحل العقد.  حتى يجيبك بالسلام.  حتى نراه وجهًا لوجه.  حتى نكون مثله.  حتى نعرف كما عُرفنا.  حتى يفيح النهار وتنهزم الظلال.  حتى يأتي ذلك الصباح المُرتقَب.  ويا له من رجاء مبارك ربما يتم اليوم!

   يا نفسي اجلسي، اخضعي لمشيئة الله المرضية وانتظري وقته الذي فيه يحل عقدك وينير لك طريقك، وعندئذ ستعرفيه بصورة أفضل.  حقًا إن فرح الاتكال عليه بعزم القلب، فرح السكون في محبته وسط الظروف الصعبة، يعمق مستوى الثقة فيه.

   اجلسي حتى .. حتى متى؟ «حتى يتمم الأمر».  يوجد تتميم للأمر، دعه يسير في الأمر حتى إتمامه.  وماذا تكون النهاية؟ قد تكون بحسب الظاهر فشلاً.  قد تظهر كأنها انهيار لكل مشروعاتنا، وهدم لآمالنا وتوقعاتنا، أو ضياع لحياتنا.  ولكن النهاية ليست هنا وليست هكذا في نظره.  ما يُحسب هنا في الأرض خسارة، يُحسب هناك في السماء ربح.  هناك ينقلب الهوان إلى مجد، والصليب إلى إكليل، والحزن إلى فرح، والأنين إلى ترنيم، والتعب إلى راحة.  في ذلك اليوم سنشكره لأجل نعمته الكاملة الغنية التي مكنتنا من أن نجلس حتى أتم الأمر.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com