عدد رقم 3 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
إرهاب دولي وعمل إلهي  

   يشهد التاريخ أن منطقة الشرق الأوسط تنزف ألمًا منذ زمن طويل، وعانت دمارًا ومرارًا عبر العصور بصورة لم تتذوق مثلها أي بقعة أخرى على هذا الكوكب المُعذب.  لكن في الفترة الأخيرة لا أشك أن الصدمات المتتالية والأحداث الصعبة التي سمح بها الله على مستوى الأمم والأفراد، وإن ازدادت جدًا وسبَّبت أحزانًا يعجز عنها الوصف، وشتَّتت الكثيرين خارج أراضيهم، فحتمًا لها بُعدٌ أبدي في قصد الله الصالح.  لأنه «حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا».  ذات المنطقة الملتهبة التي يكثف فيها الشيطان شره، نجد أن الرب يعمل أيضًا فيها بقوة ليظهر محبته وعطفه للبائسين.  فمهما كانت خطط الشرير، فإن خطة الله تسير.

   وإن كانت قوى الشر تسعى لتحقيق مرادها الأثيم، وحكومات الأرض عجزت عن أن تسيطر،  لكن الله لم يزل مسيطرًا،  وله كل السلطان عندما يمنع الشر أو يسمح به.  وبالرغم من صعوبة الأحداث ومرارتها، فالرب الصالح في مراحمه يضع حدودًا لها، ويشرف على نتائجها بحكمة فائقة وإتقان مقتدر ليتمم بها مسرة صلاحه.   يوجد جانب آخر من الصورة لا نراه، فنحن عادة نركز أنظارنا على الخسائر الصعبة والفادحة زمنيًا، لكن الأرباح  المحققة مباركة ومفرحة أبديًا.  هذا ليس معناه أن الطريق سهلٌ على الإطلاق، ولا يمكن لإنسان له مشاعر وقلب أن يُهوِّن من رهبة وقسوة الأحداث، لكن الذي يُهوِّن علينا كل أثقال وآلام الزمان كمؤمنين، هو النظر بمنظار الإيمان لنرى الصورة الكاملة من فوق بعين الله، فنرى نصرة النعمة في النهاية، ومستقبل الشيطان والأشرار، كما نرى مستقبل الكنيسة في المجد العتيد.

 

   إن خلاص المسيح للخطاة لم يكن أبدًا قاصرًا على المسيحيين، بل الله «يريد أن جميع الناس يخلصون».  خلاصه إلى أقصى الأرض، ونعمته تفتقد من كل شعب وقبيلة ولسان وأمة.  مشروع الخلاص الإلهي لم يكن فكرة أحد الرسل أو الأنبياء، ولم ينبع من قلوب المسيحيين بل ينبع من قلب الله من خلال المسيح الذي هو «مخلص العالم»، وقد رسمه في مقاصد الأزل، وصنعه في الزمان بموت ابنه على الصليب، وهو يشرف على إتمام كل مقاصده المباركة ليأتي بأبناء كثيرين إلى المجد.  وكل قوى الجحيم مع أعوانهم على الأرض لا يمكن أن تمنعه أن يشرق بنور إنجيله في قلوب التائبين.  المسيح لا يُجبر أحدًا لكي يقبله، لكنه بمحبة وطول أناة يرحب بكل إنسان، والرب له عمل صامت فيمن حولنا، سواء رأينا ذلك أو لم نرَ، فالرب له طريق وسط الفوضى التي يصنعها أعوان الظلام، أولئك الذين سيدينهم الله إن لم يتوبوا.  الله يتأنى على الخطاة، ويتكلم بوضوح وبقوة وبأكثر من طريقة، لكي لا يكون لأحدٍ عذر.  فالرب يفتح بصيرة كل من يتجاوب مع صوت نعمته ويحرره من سلطان الظلمة وينقله إلى نوره العجيب، ويجتذب كل يوم المعينين للحياة الأبدية.    

   الله له قصد مبارك وراء كل حدث جلل، ألا وهو أن يلتفت الخاطي إليه لكي يخلص.  المسيح  يتكلم  لكل العالم  بكل أجناسه وخلفياته وثقافاته من خلال الأحداث المتنوعة، وبصوت النعمة لم يزل ينادي قائلاً: «التفتوا إليَّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض»، «وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة».  سكان الأرض يقتربون من الفصل الأخير من فصول التاريخ، وإن كنا اليوم نعاصر أحداثًا رهيبة غير مسبوقة، وأزمات متنوعة لكن هذه سوف تتفاقم حدتها سريعًا وتزداد عُقدها ويتسع مداها وسينفجر بركان الضيق بحممه الفائرة على سكان هذا الكوكب بعد رحيل الكنيسة من العالم.  ولا رجاء ولا خلاص من الغضب الآتي، إلا بالإيمان بالمسيح المخلص الوحيد الآن. 

 

   عزيزي القارئ ... إن كان الله قد تكلم لقلبك بصورة ما، ولم تتجاوب معه حتى هذه اللحظة، بسبب خوفك على منصبك أو ممتلكاتك أو ميراثك أو سمعتك، فماذا ستستفيد إن ربحت العالم كله وفي النهاية خسرت نفسك إلى الأبد؟ اعلم هذا، أنه إن كنت عمدًا ترفض المسيح باعتباره مخلصًا لك الآن، ففي يوم الدينونة الرهيب قسرًا ستقف أمام عرشه كالديان.  لا تستهن بالأمر، فالأمر جدٌ خطير، ولا تجازف بأبديتك وخسارة نفسك الخالدة.  إن رفضت المسيح باعتباره مخلصًا بإرادتك، لن ينفعك أو يشفع لك إنسان مهما كان عندما تقف أمامه كالديان.  افتح له قلبك اليوم قبل أن تضيع الفرصة إلى الأبد.

   أحبائي العابرين في دروب الألم ... نعلم أن أشواك البرية زادت وانتشرت، نمت واستفحلت، وخزت وأدمت، جرحت وقتلت، طالت اليمامة الوديعة، جرحت السوسنة الرقيقة، سحقت المساكين والأطفال البسطاء.  الدموع سالت والقلوب ذابت، لكن قريبًا ستنتهي الآلام وتختم الأحزان والشر يغيب.  فيا أحبائي صبرًا وعزاءًا قريبًا سيأتي الحبيب.  فخلاصنا من عالم الشرور والأوجاع والدموع بات قريبًا جدًا، فلنتمسك بمرساة الرجاء «منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية».  لتطمئن قلوبنا ولنتشجع ونتعزى بمواعيد الرب الأمينة ولنعمل معه ما تبقى من العمر، ونشهد له وننتظره دقيقة فدقيقة، لأنه قريب على الأبواب.

      

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com