عدد رقم 3 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكاني  

أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديد من بابكم "لو كنت مكاني"

في هذا العدد سوف نتعرف على رسالة وصلت إلينا من صديق المجلة( باسم) الذي كتب قائلاً:

"أنا اسمى باسم. أعتقد أنه تم تسميتي بغرض أن يكون طابع حياتي هو البسمة والسرور، وقد كان.  فأنا الابن الوحيد لوالديً بعد انتظار دام خمسة عشر عامًا. لذلك حصلت على جرعات مضاعفة من التدليل والاهتمام. ثم زادت مساحة ابتساماتي بعدما قبلت الرب مخلصًا شخصيًا وأنا في الصف الثالث الثانوي، ثم بعدها التحقت بالجامعة، إلى أن حدث ما غير حياتي إلى النقيض تمامًا.  فلقد أصيبت أمي بمرض نادر شرس قضى عليها وحرمنى من نطق أحلى كلمة في الوجود وهي كلمة "ماما".  ثم بعد ذلك بأقل من شهرين تعرض والدي لسطوٍ مسلح وهو يقود سيارته حاول خلالها بعض المتشددين دينيًا إجبار أبي على إنكار المسيح فرفض بأعلى صوته، وقبل أن يكمل كلامه كان الأشرار قد ذبحوه وسرقوا سيارته.  وهكذا حُرمت من أبي أيضًا.  وهكذا ذهبت الابتسامة ولم تعد.

إن عقلي حائرٌ ونفسي محطمة.  لماذا هذه الألام؟  ولماذا يتألم المؤمنون في هذه الحياة وكأنهم بلا إله؟ أين الله عندما ننسحق تحت رحى الآلام؟

                                                                                      المُحطم: "باسم"

عزيزي وأخي المحبوب باسم.

استلمت رسالتك وقرأتها عدة مرات وأنا استشعر أنات قلبك ودموعك بين سطورها.  فرسالتك معبرة تعبيرًا بليغًا عن جرحك العميق وحيرتك الشديدة.  وسأحاول بنعمة الرب باحثًا في كلمته أن أساعدك في الوصول للإجابة على أسئلتك، ولا سيما أنني شخصيًا قد شربت من نفس كأس الآلام التي تشربها أنت وإن كانت بطريقة مختلفة.

لماذا يتألم المؤمنون؟

سؤال يتردد عبر العصور منذ بدء استفحال الشر على الأرض عندما قتل قايين الشرير أخاه هابيل البار والرب قال له: «صوت دم أخيك صارخٌ إليً من الأرض» (تك4: 10)، وسيمتد هذا حتى صراخ أنفس شهداء الضيقة بعد اختطاف الكنيسة الذين سيقتلون من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة قائلين: «حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض»؟ (رؤ 6: 10). 

 في الحقيقية إن قصة حياة المؤمن تتكون من فصلين متتابعين.  الفصل الأول هو الآلام والفصل الثاني هو الأمجاد، تمامًا كما كانت حياة المسيح كابن الإنسان: «الآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها» (1بط1: 11)، مع الفارق بين أسباب آلام المسيح وأسباب آلام المؤمنين التي سنتكلم عنها بعد قليل.  لكن أهم ما يميز هذين الفصلين من القصة أن فصل الآلام يأتي أولاً ثم يعقبه فصل الأمجاد.  هذا ما نراه في الخليقة «وكان مساء وكان صباح» (تك1)، أو كما قال المرنم: «عند المساء يبيت البكاء وفي الصباح ترنم» (مز30: 5).

والآن دعني أقدم لك بعضًا وليس كل أسباب آلام المؤمنين في العالم:

1-   يتألم المؤمنون آلام السقوط الكونية (رو8: 22)

2-   يتألم المؤمنون آلام التنقية والتزكية (1بط1: 6-8؛ 4 : 12)

3-   يتألم المؤمنون آلام النضوج والترقية (مز105: 17 -21؛ يع 1 : 2-4)

4-   يتألم المؤمنون آلام الحفظ والتقوية (2كو12: 7)

5-   يتألم المؤمنون آلام الاستخدام للتعزية (2كو1: 3)

6-   يتألم المؤمنون آلام الانتساب والتبعية (1بط1: 20 -21؛ 3: 13-17)

7-   يتألم المؤمنون آلام التسيب المخزية (1بط4: 15)

وسأتكلم معك باختصار عن خمسة أسباب فقط من الأسباب السبعة.

أولاً: يتألم المؤمنون آلام السقوط الكونية (رو8: 22)

فالكتاب يعلمنا أنه بسقوط رأس الخليقة الأول آدم، سقطت الخليقة كلها معه، وأُخضعت للبُطل.  فأنتجت الأرض الشوك والحسك، وارتبط العرق والتعب بالحصول على قوت الحياة، وأعطت الخطية الساكنة فينا جواز سفرٍ للأمراض لكي تأتي على أجسادنا، بل أخضعت الخطية أجسادنا لسيادة الموت.  إلى أن تأتي أزمنة رد كل شيء  وتعتق الخليقة من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله (رو8: 21).  ولكوننا من ضمن هذه الخليقة المتألمة فنحن نتألم أيضًا ونئن متوقعين التبني فداء أجسادنا (رو8: 23).

ثانيًا: يتألم المؤمنون آلام التنقية والتزكية (1بط1: 6-8؛ 4: 12)

كل المؤمنين لديهم أخلاقيات وأدبيات سماوية لأنهم امتلكوا طبيعة إلهية وسكن فيهم روح الله.  لكنهم بسبب وجود الطبيعة القديمة فيهم، والميل للعالم بشهواته وإغراءاته، فإن الله يسمح لهم بنيران التجارب والتمحيص للتنقية حتى تحترق الشوائب ويلمع الذهب، ويتبرهن جودة المعدن ودقة الصائغ.  فيقول بطرس: «الذي به تبتهجون، مع أنكم الآن - إن كان يجب - تحزنون يسيرًا بتجارب متنوعة، لكي تكون تزكية إيمانكم، وهي أثمن من الذهب الفاني، مع أنه يُمتحن بالنار، توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح» (1بط1: 6، 7).  وكذلك فإن الغصن المثمر ينقيه الكرام ليأتي بثمر أكثر، وهذا ما نراه في يوسف.

ثالثًا: يتألم المؤمنون آلام النضوج والترقية (مز105: 17 -21؛ يع1: 2-4)

إن للرب خطة لكل واحد من أولاده، وكما قال أحدهم: "إن الله لديه ابنٌ وحيدٌ بلا خطية، لكن ليس لديه ابنٌ بلا ألم".  فإن مدرسة الألم هي التي تؤدي إلى النضوج والترقية.  ويكفيك أن تقرأ ما فعلته الآلام في حياة يعقوب وكيف ارتقى في النهاية إلى أعلى قمة، ويوسف أيضًا كيف تأهل للوصول إلى عرش مصر، وكذلك داود الذي كان رجلاً حسب قلب الله.  فاخضع يا حبيبي لدروس الألم مصغيًا لقول يعقوب: «احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة، عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرًا.  وأما الصبر فليكن له عمل تام، لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء» (يع1: 2-4).

رابعًا: يتألم المؤمنون آلام الاستخدام للتعزية (2كو1: 3)

قال سبرجن رجل الله: "إن الرب يستدعي أفضل جنوده من جبال الألم".  حقًا إن الرب يستخدم الآلام كمركز تدريب للمؤمنين لتجهيزهم للاستخدام العظيم.  فيقول بولس لمؤمني كورنثوس: «مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، أبو الرأفة وإله كل تعزية، الذي يعزينا في كل ضيقتنا، حتى نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله» (2كو1: 2، 3).  فالرب الحكيم يجيزنا في آلام  لتدريبنا، لكنه لا يتركنا بلا تعزية.  ثم بعدها يستخدمنا لتعزية من يجتازون في نفس آلامنا بذات التعزية التي عزانا بها.  

خامسًا: يتألم المؤمنون آلام الانتساب والتبعية (1بط1: 20 -21؛ 3: 13-17)

أتى المسيح إلى هذا العالم كالنور فأبغضه العالم، ولم يكتف العالم ببغضته بل قتلوه معلقين إياه على خشبة.  وإذ ينال المؤمن ذات حياة وأدبيات المسيح ويعلن انتسابه جهارًا وسلوكًا للمسيح فإن العالم الذي رفض المسيح يرفض أيضًا أتباع المسيح.  وقد يؤدي رفض أتباع المسيح إلى القتل أيضًا.  لذلك صرح المسيح بهذا القول: «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني» ( لو9: 23).  ويقول بطرس:«أيها الأحباء لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة لأجل امتحانكم كأنه أصابكم أمر غريب.  بل كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضًا مبتهجين.  إن عيرتم باسم المسيح فطوبى لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم، أما من جهتهم فيُجدف عليه، وأما من جهتكم فيُمجد» (1بط4: 12-14).

والرب معك

إذا كان لديكم مشاركة أو تساؤل أو استفسار في أي موضوع، يمكنكم مراسلتنا على البريد الالكتروني: ayad.zarif@gmail.com أو على صفحتنا facebook/lawkontmakany

                                                                                    

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com