عدد رقم 1 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ (1)  

«لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ» (2كو2: 11).

     ما زال عدو كل بر، يسعى جاهدًا لإفساد سبل الله المستقيمة (أع13: 10).  ومن مساعيه القوية إبعاد شعب الله عن المسار الصحيح والعبادة الصحيحة المطابقة لفكر الله.  وهذا ما نراه جيدًا في حيل فرعون الأربعة، التي استعملها قديمًا مع موسى عند خروجهم من مصر.  وبنفس الأسلوب، ما زال حتى الآن يسعى جاهدًا، بطريقة أو بأخرى، لإبعاد المؤمنين عن تقديم السجود الحقيقي، الذي يشبع قلب الله.  فلننظر معًا إلى حيل وأفكار الشيطان، كما كانت في رأس فرعون.

الحيلة الأولى (الذبح في أرض مصر).

«فَدَعَا فِرْعَوْنُ مُوسَى وَهَارُونَ وَقَالَ:«اذْهَبُوا اذْبَحُوا لإِلهِكُمْ فِي هذِهِ الأَرْضِ» (خر8: 25).

   كان قصد فرعون أن يذبح الشعب للرب إلههم في أرض مصر، وبذلك يكون للشعب مظهر التدين الخارجي فقط، فالأرض هي أرض مصر، التي تشير إلى العالم الذي يسود عليه الشيطان.  وكان رد موسى عليه قاطعًا، «نَذْهَبُ سَفَرَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْبَرِّيَّةِ وَنَذْبَحُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا كَمَا يَقُولُ لَنَا» (خر8: 27).  وفي السفر ثلاثة أيام، نرى العبادة المؤسسة على موت وقيامة الرب يسوع المسيح، وهذه التقدمات هي المقبولة عند الله بيسوع المسيح (1بط2: 4، 5).  وقد نجح الشيطان في تتميم مقصده من هذه الحيلة في كنيسة ثياتيرا، التي تمثل البابوية في العصور الوسطى حيث صارت الكنيسه الاسمية مرتبطة بأعماق الشيطان (رؤ2: 24)، وتميزت بالعبادة التقليدية والممارسات الشكلية والذبيحة المتكررة وعدم الاعتراف بذبيحة الجلجثة كالأساس الوحيد لغفران الخطايا.  هذا الشكل لا علاقة لها بالعبادة المؤسسة على السفر ثلاثة أيام، أي موت وقيامة الرب يسوع المسيح من الأموات، واتحادنا معه في موته، الذي يفصلنا عن هذا العالم، ويحررنا من سيادة العدو، ويدخلنا إلى دائرة جديدة مركزها المسيح.  فالفداء والانفصال عن العالم يرتبطان معًا.  والمسيح بذل نفسه لأجلنا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير (غل1: 4).  والصليب قد قطع العلاقة بيننا وبين العالم (غل6: 14).  العبادة في مصر تعني المبادئ المشتركة مع العالم، كأن شعب الرب مثل المصريين، ويهوه مثل آلهة المصريين.  ولا شيء يهيج العدو مثل الانفصال لتقديم عبادة صحيحة بعيدة عن العالم ونظامه، والانفصال هو قوة الشهادة ضد العالم.  إن ديانة العالم هي اختراع شيطاني يخدر الضمير ويبعد الإنسان عن العلاقة الصحيحة مع الله.  ونحن نتذكر أن المتدين الأول كان هو قايين الذي قدم قربانه ثم ذبح أخاه.     

الحيلة الثانية (العبادة عن قرب).

فَقَالَ فِرْعَوْنُ: «أَنَا أُطْلِقُكُمْ لِتَذْبَحُوا لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَلكِنْ لاَ تَذْهَبُوا بَعِيدًا» (خر8: 28).

   ليس أحد يقدر أن يضع أساسًا، غير الذي وُضع، الذي هو المسيح.  فهذا أساس عبادتنا وتقدماتنا، وهذا ما أعلنه الرب لموسى في السفر لمدة ثلاثة أيام.  لكننا نرى فرعون يريد أن يؤسس مبدأ "العبادة عن قرب"، "لا تذهبوا بعيدًا".  وبذلك يجمع بين مصر والبرية، ويصبح الرجوع إلى مصر سهلاً.  فتكون العين على الرب وعلى العالم أيضًا.  وفي ذلك نرى المبادئ التحررية واتساع الأفق وعدم التقيد بالمبادئ الإلهية الكتابية، وقبول كل الأفكار والتوجهات بغض النظر عن مطابقتها لكلمة الله.  إنها العروج بين الفرقتين، مثل لاودكية لست باردًا ولا حارًا (رؤ3: 14).  والعدو يفرح إذا أقنع المسيحي بالدين العصري الذي يقبل كل شيء، ويعيش في المنطقة الرمادية.  ولنا أمثلة على من يريد أن يسلك في هذا الطريق: عُرفة (را1: 14)، والشاب الغني (مت19: 22)، وأفتيخوس الشاب، الذي جلس في الطاقة عندما كان بولس يعظ في ترواس.  فالطاقة تمثل النافذة على العالم الخارجي، فهو أراد أن يجمع بين الداخل والخارج،  فكانت النتيجة أنه تثقل بالنوم وسقط من الطبقة الثالثة، وحُمل ميتًا (أع20: 7ـ 12)، فلا يمكن الجمع بين الأمرين.  كما نرى ذلك بوضوح في ديماس الذي أحب العالم الحاضر، وترك الرسول بولس وانطفأت خدمته (2تي4: 10).  وقد نجح الشيطان في تتميم مقصده من هذه الحيلة، في كنيسة ساردس، التي بدأت بداية صحيحة، في انفصالها عن ثياتيرا والديانة التقليدية، لكن سرعان ما انغمست في العالم، على المبدأ الفرعوني "العبادة عن قرب"، فيقول لها الرب: «أن عارف أعمالك أن لك اسمًا أنك حي وأنت ميت» (رؤ3: 1).  لقد اكتفت بالشكل والنظام الخارجي والعبادة المُنمقة دون الجوهر، وصارت لها صورة التقوى مع إنكار قوتها (2تي3: 5).  إن عدم الذهاب بعيدًا عن مبادئ مصر هو أخطر على الشهادة من البقاء في مصر.  فالتراجع سيفقد التأثير على ضمائر النفوس، وسيروا كأن الأرضيات هي الأفضل، وهذا سيضع عثرة أمام الصغار الذين يبحثون عن الحق الصحيح.

وللحديث بقية عن مراوغات فرعون الأخرى إذا شاء الرب

                          

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com