عدد رقم 1 لسنة 2017
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
البقية في الأيام الأخيرة (1)  

مقدمة وتمهيد

 

لاشك أن الحديث عن البقية في الأيام الأخيرة يُعتبر حديث الساعة الحاضرة، إذا تحدثنا عن بلوغنا ككنيسة مشارف النهاية في رحلتنا على هذه الأرض كغرباء لسنا منها، ونزلاء وطننا هو السماء.  وهو نبويًا حديث ما «هو عتيد أن يصير بعد هذا» والذي أصبح قريبًا جدًا عندما تُرفع الكنيسة من المشهد بالاختطاف، ونجد بقية من الشعب القديم ترجع إلى مسياها بتدريبات الضيق والفرح والتوبة، فيجدون فيه لهم ملجأً وسط الضيقة العظيمة، وملاذًا وقت التجارب المتنوعة العتيدة.  وخلاصهم النهائي سيتم عندما يظهر المسيح بالمجد والقوة في نهاية سبع سنوات الضيق التالية لاختطاف الكنيسة بوقت قصير، لينقذهم من أعدائهم ويملك عليهم ويحقق لهم المواعيد.

على أننا في البداية نتوقف لنسأل: وما هي «البقية»؟  لغويًا عندما نتحدث عن بقية فنحن نتحدث عن مجموعة صغيرة نسبة إلى الكل.  إنها بقية من مجموع أكبر.  وروحيًا ارتبطت فكرة البقية منذ أن وجد في التاريخ المقدس «شعب» للرب «يهوه»، يرتبط به ويعبده.  فعندما تحيد الأغلبية عن السبيل المستقيم، وتضل عن الطريق الصحيح تبرز في المشهد "البقية" التي وإن لم تكن أغلبية، إلا أنها تقية تنفصل أدبيًا ودينيًا عن كل شر وشبه شر لتكون لرب المجد خاصة له فعليًا لا كلاميًا.

ولعلنا يمكن أن نلاحظ أول أقلية في التاريخ انفصلت "كبقية" صغيرة من وسط شعب دنسه هارون بعجله الشهير وقت غياب موسى فوق جبل سيناء، تلك الجماعة التي خرجت من بين شعب الله المدنس بخطيته الشنيعة استجابة لنداء موسى "رجل الله" خارج المحلة «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ. فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي» (خر32: 26).  وصولاً إلى آخر بقية سترجع تاريخيًا إلى الرب مستقبلاً من نفس هذا الشعب بعد اختطاف الكنيسة كما أشرنا في البداية.  وبطول التاريخ المقدس وجدت «بقية» أمينة للرب مخلصة له، تحبه، وتقدر كلمته، وتسعى جاهدة لتعيش بالتقوى وسط غالبية إما فاسدة أو مستهترة.

أما" الأيام الأخيرة "، فإن دارسي الكتاب المقدس يعرفون أن لها أكثر من معنى أو مدلول حسب القرينة.

·        فبالارتباط بالشعب القديم (إسرائيل)، الأيام الأخيرة هي آخر أيام اليهودية قبيل مجيء المسيح وبداية المسيحية.  وهو ما نقرأ عنه بوضوح في افتتاحية الرسالة إلى العبرانيين «اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاء َبِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، 2كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ» (عب 1: 1، 2).

·        وهي بالارتباط بنا الآن ككنيسة نحن نعيش في الأيام الأخيرة (2تي3: 1؛ يع5: 3) التي تسبق مجيء الرب الثاني لأخذنا إليه.

·        وأخيرًا بالارتباط بالبقية من الشعب القديم مستقبلاً نقرأ في النبوات تعبير «في آخر الأيام» أو «الأيام الأخيرة» (دا10: 14، حز38: 16، دا2: 28، أع2: 17) وهي تشير إلى آخر زمان الضيقة قبيل ظهور المسيح العلني للعالم والدينونة.

--

ونحن في "رسائلنا" هذه سنركز عمليًا على واقعنا الحاضر ككنيسة، وبالأخص نرى هل هناك "بقية" في الكنيسة؟  وبالأخص في «الأيام الأخيرة»؟  وما الذي يميزهم؟  وما هي نظرة الرب لهم، وكيف يدعمهم؟  وما هي مكافآتهم؟ ..الخ.  ولكننا في سبيل ذلك سنتتبع أمثلة رائعة للبقية من العهد القديم، إذ سنتبع قول الكتاب: «لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا» (رو15: 4).  وأيضًا «فَهذِهِ الأُمُورُ جَمِيعُهَا أَصَابَتْهُمْ مِثَالاً، وَكُتِبَتْ لإِنْذَارِنَا نَحْنُ الَّذِينَ انْتَهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ الدُّهُورِ» (1كو10: 11)

                               --

فسنتوقف بمعونة الرب أمام بعض الرسائل المختصرة التي نتعلمها في إيجاز من فكرة البقية عمومًا، وفي الأيام الأخيرة خصوصًا . إذ سنتناول إن شاء الرب وعشنا في قادم الحلقات التالي من المحطات:

v    البقية في أيام إرميا النبي.

v    البقية في أيام زربابل وعزرا.

v    البقية في أيام نحميا.

v    البقية في أيام حجي وزكريا وملاخي.

v    البقية داخل البقية قبيل مجيء المسيح الأول

v    البقية الأمينة في تاريخ الكنيسة بحسب الرسائل السبع الموجهة إلى السبع الكنائس التي في أسيا (رؤ2، 3).

v    البقية التقية من الشعب الأرضي مستقبلاً في ضيق الأزمنة.

     --

وثقوا – أحبائي الشباب – أننا في كل من هذه المحطات سنلتقط لأنفسنا غذاء وعزاء.  تعليمًا وتشجيعًا، تحريضًا وإنذارًا، كل منها هو بمثابة «طعام في حينه» ورسالة في أوانها.  كيف لا؟  أوليست هذه هي كلمة الله الحية الباقية إلى الأبد؟  علمًا بأننا – بالتأكيد – سنتجاوز الكثير من الحقائق التعليمية، والمعلومات الكتابية القيمة بلوغًا مباشرًا لهدفنا من هذه التأملات ورغبة منا في توجيه رسائل عملية يوجهها روح الله القدوس من خلال الكلمة المقدسة إلى الضمائر والقلوب فتعيننا على فهم ما يجري حولنا وبيننا بوعي، وتساعدنا على استكمال مسيرة غربتنا بأمانة وتجذبنا إلى المسيح وحقه الصريح وسط كم هائل من التعاليم الغريبة، أنتجت حصادًا مريرًا من حياة عقيمة أو فاشلة.

وقبل أن أترككم أعزائي الشباب والشابات اسمحوا لي أن أوجه سؤلاً إلى ضمائرنا كلنا:

إلى أية درجة نهتم كمؤمنين اليوم بأن نكون مرضيين عند الرب؟  إنه بهذا القدر عينه سيكون اهتمامنا بدراسة هذا الموضوع الهام في مستقبل حلقات مجلتكم إن شاء الرب.

وللحديث بقية


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com