عدد رقم 1 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
لو كنت مكاني  

أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديٍد من بابكم "لو كنت مكاني" 
   كنا قد طرحنا في عدد سابق رسالة وصلتنا من صديقة المجلة (ريهام) تشكو فيها من كتاب مجهول المصدر كان يوزع على الشباب، يطعن في جوهر التعاليم المسيحية وصحة الكتاب المقدس، والذي أزعجها بالأكثر هو رد فعل الشباب المسيحي الذي يكشف ضحالة التعليم والسطحية التي يعاني منها عموم المسيحيين تجاه الحقائق الأساسية في إيماننا المسيحي. 

   وكنا قد تناولنا ردودًا ثلاثة في الأعداد السابقة ناقشنا فيها بالحجة والبرهان: صحة وحي الكتاب المقدس وعدم تحريفه، ووحدانية الله وثالوث أقانيمه، وكذلك لاهوت الرب يسوع المسيح.  لكننا في هذا العدد سنركز الحديث عن تجسد المسيح في عدة نقاط هامة على النحو التالي:
1- الله لديه الرغبة في التواصل مع الإنسان.
2- ظهورات الرب في العهد القديم قبل التجسد.
3- شروط الفادي. 
4- منطقية ظهور الله في الجسد.
5- أسباب ظهور الله في الجسد.
6- الأدلة الكتابية على ظهور الله في الجسد.
7- الأدلة المنطقية على أن من ظهر في الجسد هو الله.

أولاً: الله لديه رغبة في التواصل مع الإنسان
لقد ظن البشر عبر السنين وما زالوا يظنون أن الله بعيدٌ عن البشر وأوجاعهم ومشاكلهم، ولا يمكن الوصول إليه مطلقًا (أعمال17: 27)، لكن الكتاب المقدس يخبرنا أن الله هو الذي كان يبادر بالتواصل مع آدم وحواء في الجنة، وهو الذي أتى إليه بعدما أخطأ ليكفر عن خطيته ويستر عريه، وهو الذي أوصى موسى أن يبني خيمة الاجتماع لكي يجتمع مع شعبه ويسكن في وسطهم على أساس الذبيحة.  كذلك هو الذي كلم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة (عبرانين1:1).  لكن بالرغم من كل هذا لم يكن في الإمكان أن يتواصل الله مع البشر تواصلاً كاملاً ويعلن ذاته للإنسان إعلانًا كاملاً بسبب وجود الخطية التي تفصل الإنسان عن الله. 

ثانيًا: ظهورات الله في العهد القديم.
   كانت المقاصد الإلهية في الأزل أن يأتي أقنوم الإبن ظاهرًا في الجسد في ملء الزمان.  لكن قلب الله المملوء بالرغبة في التواصل مع الإنسان جعله يظهر نفسه للإنسان قبل التجسد في بعض الظهورات المعجزية، على سبيل المثال:

ظهوره لإبراهيم مع الملاكين (تكوين18: 1): "وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَقْتَ حَرِّ النَّهَارِ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لِاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ."  إن عبارة "وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ" تتكلم عن ظهور مرئي، وتتكلم عن الله، دون أي تشكيك، لأن الكلمة المستخدمة لـ "الرب" هي "يهوه".

ظهوره لموسى: وهنا نرى أقنوم الابن، ليس بشكل إنسان بشري مثلنا، بل بلهيب نار من وسط العليقة، ويسميه الوحي "ملاك الرب"، في نفس الوقت الذي يسميه "الله".  فيقول الوحي في خروج 3: 1 "وَأَمَّا مُوسَى فَكَانَ يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيهِ كَاهِنِ مِدْيَانَ، فَسَاقَ الْغَنَمَ إِلَى وَرَاءِ الْبَرِّيَّةِ وَجَاءَ إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ. 2 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ فَنَظَرَ وَإِذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ! 3 فَقَالَ مُوسَى: أَمِيلُ الآنَ لأَنْظُرَ هَذَا الْمَنْظَرَ الْعَظِيمَ. لِمَاذَا لاَ تَحْتَرِقُ الْعُلَّيْقَةُ؟ 4 فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: «مُوسَى مُوسَى». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». 5 فَقَالَ: «لاَ تَقْتَرِبْ إِلَى هَهُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَة".  إن كلمة الرب الأولى في النص أعلاه هي "يهوه"، وكلمة "الله" الثانية هي كلمة "إلوهيم"؛ فلا يمكن أن تطلقا تلك الكلمتان إلا على الله وحده.

ثالثًا: شروط الفادي.
بعدما دخلت الخطية وأفسدت كل شيء كان لا بد من العلاج ووجود الفادي.  ولكن بما أن الخطية وجهت ضد الله غير المحدود، فلا بد لمن يفدي أن يكون معادلاً لله غير المحدود ليرد له حقه، وكان لا بد له أيضًا أن يكون مساويًا للإنسان ليحل محله في عقوبة الموت التي هي أجرة الخطية.  لكن يشترط أن يكون هذا الإنسان خاليًا من الخطية لأنه لو وجد فيه خطية لاحتاج هو لمن يفديه.  أخيرًا يجب أن يكون غير مخلوق حتى يضع نفسه باختياره، فالمخلوق نفسه ليست ملكه بل ملك خالقه.  إذًا الفادي يجب أن يكون إنسانًا بلا خطية، وفي ذات الوقت يكون معادلاً لله، وهذا الإنسان غير مخلوق.  ومن هنا كانت الحاجة لظهور الله في الجسد.

رابعًا: منطقية ظهور الله في الجسد 
يعترض الكثيرون على فكرة التجسد دون تفكير أو تبرير قائلين حاشا لله أن يأتي للأرض في هيئة بشر.  لكننا هنا نطرح سؤالاً بديهيًا بسيطًا: 
هل الله قادرٌ على كل شيء؟ الإجابة: نعم. 
هل هو كلي الحرية والإرادة كما هو كلي القدرة؟ الإجابة: نعم.
هل إذا أراد أن يأتي للأرض ويظهر للبشر يستطيع؟ الإجابة: نعم.
هل له مطلق الحرية في أن يختار الطريقة التي يظهر بها للبشر؟ الإجابة: نعم.
هل إذا أراد أن يأتي للأرض يستطيع إنسان أن يمنعه؟ الإجابة: لا.
هل ظهر الله في القديم لموسى في عليقة ( شجرة ) مشتعلة وتكلم مع موسى من على جبل يضطرم بالنار؟ الإجابة: نعم.

إن كان الله كلي القدرة وكلي الإرادة ويستطيع أن يفعل أي شيء دون مانع، فإذا أراد أن يأتي للبشر فأي طريقة تليق به؟ الشجر أم الحجر أم صورة الإنسان؟  الإجابة بكل تأكيد هي صورة الإنسان لأنها أرقى من الشجر والحجر.

خامسًا: أسباب ظهور الله في الجسد  
لدفع عقوبة الخطية وهي الموت: فكان لا بد لله أن يظهر في الجسد لكي يحل مشكلة الخطية ويدفع عقوبتها وهي الموت.  فلم يكن أبدًا يتوافق مع عدل الله أن يعفو عن الإنسان دون دفع عقوبة عصيانه.  وبما أن الله لا يموت فكان لا بد له أن يأتي في الجسد لكي يموت بالجسد. "وَلكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، (أي ظهر في جسد إنسان أقل من الملائكة في رتبة الخلق) يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ" (عب2: 9).

لكي يهزم إبليس ويسحق رأس الحية بموت الصليب (باعتباره نسل المرأة): "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ¬ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ¬ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ" (عب2: 14).

لكي يختبر أتعابنا ومشاكلنا ويكون لنا رئيس كهنة يعيننا : "مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيمًا، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِينًا فِي مَا ِللهِ حَتَّى يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ. لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ" ( عب 2 : 17 و 18)

سادسًا: الأدلة الكتابية على ظهور الله في الجسد
"في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله...والكلمة صار جسدًا وحل بيننا ورأينا مجده" (يوحنا1:1، 14).
"وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ"  (1تيموثاوس3 :16).

سابعًا: الأدلة المنطقية على أن من ظهر في الجسد هو الله
إذا تبرهن لنا أن  شخص المسيح قام بأعمال وبمعجزات لا يعملها إلا الله، فهذا دليلٌ قوي على أن المسيح كان هو الله الظاهر في الجسد. ومن ضمن هذه البراهين:
1- كان في مؤخر السفينة نائمًا لأنه إنسان كامل، يتعب وينام، لكنه في ذات الوقت قام وانتهر الريح والبحر فصار هدوء عظيم لأنه الله (مرقس4).
كان عند قبر لعازر باكياً لأنه إنسان كامل، لكنه نادى الميت فأقامه من الأموات لأنه هو الله (يوحنا11). 
عطش وطلب ماءً من السامرية ليشرب لأنه إنسان كامل، لكنه علم خفاياها وكشف أسرارها وأعطاها الماء الحي لأنه هو الله (يوحنا 4)
إلى هنا عزيزي القارئ نكون قد ألقينا ضوءًا بسيطًا على حقيقة تجسد المسيح، وإلى اللقاء في العدد القادم لنتكلم عن " كفارة المسيح".
 إن كان لديكم  مشكلة أو رأي أواستفسار في أي موضوع أو مشاركة، يمكنكم إرسالها إلينا، ونحن سنعرض في عدد قادم ما نراه مناسبًا.
برجاء ألا تزيد المشاركة عن خمسة أسطر أو 80 كلمة.  ويمكنكم مراسلتنا على:
 البريد الالكتروني   ayad.zarif@gmail.com    
أو انضم إلى الجروب lawkontmakany على الـ Facebook 
أو أرسل لنا رسالة قصيرة SMS الى 01006650876                                                      

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com