عدد رقم 1 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أجمل الذكريات  

«وتتذكر كل الطريق» (تث2:8)
   في شهر مايو عام 1952، احتفلت سيدة من قرية باور بجنوب أفريقيا بعيد ميلادها المئة والعاشر.  اختبار يحدث بنسبة 1 لكل مئة مليون شخص.  ولا عجب أن تكتب عنه كبرى صحف جنوب أفريقيا.  وحدث أن أرسلت إحدى هذه الصحف صحفيًا ليهنئ هذه السيدة، على أمل أن يسمع منها شيئًا يستحق النشر.  فسألها أربعة أسئلة تقليدية: هل لا زلت تبصرين جيدًا؟ هل لا زلت تسمعين جيدًا؟ هل لا زلت قادرة على الأكل جيدًا؟ هل تنامين جيدًا؟ ثم ألحق هذه الأسئلة بسؤال آخر في غاية الأهمية: أيمكنك أن تذكري شيئًا عن فترة شبابك وماضيك البعيد وخبراتك؟ 

   وهنا، وعلى عكس توقعات الصحفي، تحول الحديث تحولاً رائعًا إذ انبهر الصحفي بتلك الجملة الواحدة التي قالتها السيدة، فقد أجابت ذات المئة وعشر سنين قائلة: "لقد طلبت من الرب أن يمحو كل ذكرياتي القديمة وما فعلته أنا لكي أنشغل به وحده وما فعله معي عبرالسنين".  يا لها من إجابة لم تنشر مثلها على صفحات الجرائد من قبل! هل تُقدِّر قلوبنا شخص المسيح بهذا القدر؟ هل معه لا نريد شيئًا في الأرض؟ هل ننسى أنفسنا ونفكر فيه؟ وهل نستطيع أن نجيب هذه الإجابة في مثل هذه المناسبة؟

   عزيزي القارئ: إن يعقوب عند موته، وكان شيخًا متقدمًا في الأيام وقد بلغ 147 سنة، تذكر أمانة الله الذي ظهر له في لوز وباركه قبل سبعين سنة، وتذكر يده المنعمة التي حفظته عبر السنين وأنه حقق كل ما وعده به، وتذكر يوم ماتت عنده راحيل فدفنها في طريق أفراتة، وكيف أن الرب عزَّاه وقوَّاه وعوَّضه ببنيامين، وشهد عن الله الذي رعاه منذ وجوده إلى هذا اليوم، الملاك الذي خلَّصه من كل شر (تك48).
  وموسى في نهاية حياته وهو ابن مئة وعشرين سنة، ما الذي كان في جعبة ذاكرته؟ لقد قال وهو يودع الشعب: «ليس مثل الله يا يشورون ... الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت»! (تث33).  ويشوع بعده وهو ابن مئة وعشر سنين شهد أيضًا عن أمانة الله الذي كان معه وكيف أنه لم تسقط كلمة من كل الكلام الصالح الذي تكلم به عن إسرائيل، بل الكل صار (يش24).

   هل ننسى كل حسناته؟ هل ننسى مراحمه في كل أيام حياتنا وحتى الآن؟ هل ننسى أمانته رغم تغيرنا نحن؟ هل ننسى يده التي امتدت وقت الأزمات وحفظت ورفعت وأنقذت وحملت وشفت الجراح؟ هل ننسى اختبارات الماضي وكيف سدد كل احتياج مالئًا، وفاض منه نبع حب هادرًا؟ هل ننسى نعمته التي احتملتنا في ضعفنا وسترتنا في أخطائنا؟ هل ننسى أنه كان مصدر كل نجاح في حياتنا؟
   عزيزي: عندما يمضي كل شيء، سيبقى الرب بكل حلاوته يزداد لمعانًا أمام عيوننا، وستبقى كلمته ومواعيده هي مصدر العزاء والسلام كلما نلهج فيها، وسيبقى ما فعل الله هو الشيء الرائع الذي يبهج قلوبنا وينعش أرواحنا لنهاية الحياة.  
                                                                             

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com