عدد رقم 3 لسنة 2014
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أبرام عند بلوطات ممرا في حبرون  


« فَنَقَلَ أَبْرَامُ خِيَامَهُ وَأَتَى وَأَقَامَ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا الَّتِي فِي حَبْرُونَ، وَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ» (تك13: 18)

     لقد بدأ أبرام إقامته عند بلوطات ممرا بعد اعتزال لوط عنه.  وهناك ظهر له الرب معطيًا إياه الوعد بالأرض والنسل الذي كتراب الأرض (تك13: 14ـ 18).  وممرا تعني: قوة أو أقوالاً، وتعني أيضًا: "المطر المبكر".  والمطر يشير إلى تعليم الرب وأقواله «يهطل كالمطر تعليمي ويقطر كالندى كلامي» (تث32: 2).  فقد كان أبرام «كشجرة مغروسة عند مجاري المياه» (مز1: 3).  وهذا ما نراه في الإقامة عند بلوطات ممرا، فأعطت الشجرة ثمرها، وورقها لم يذبل.  وتميزت حياة أبرام بالشركه العميقة مع الله، ودُعي «خليل الله» ثلاث مرات (2أي20: 7، إش41: 8، يع2: 23)، وهذا ما نراه في موقع بلوطات ممرا التي في حبرون، والتي تعني: "شركة".

فلنتأمل معًا في بعض الثمار التي أعطتها هذه الشجرة المباركة في حبرون


1_  غريب ونزيل على الأرض.
     لقد أعطاه الرب الوعد بالأرض (تك13: 14)، لكنه عاش في خيام، وأقر بأنه غريب ونزيل على الأرض (عب11: 13).  وعندما وصل إلى أرض كنعان نقرأ أنه «اجتاز في الأرض» (تك12: 6)، فهو مجرد عابر وغريب.  وظهر له الرب وهو جالس في «باب الخيمة» ( تك18: 1).  فلم يجلس في باب المدينة، كما جلس لوط للحكم (تك19: 1، 9)، بل نراه َينظر إلي المدينة السماوية مفكرًا فيها ومتعلقًا بها «لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَات، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ» (عب11: 10).

2- يسلك في النور.

   لقد زاره الرب «وقت حر النهار» أي في نور النهار، وهذا كان طابع حياة إبراهيم.  بينما نقرأ أن الملاكين زارا لوطًا في المساء، وهذا أيضًا كان طابع حياة لوط.  والسلوك في النور هو أحد أساسيات الشركة (1يو1: 7).

3- الختان والحكم على الجسد.
   لقد زاره الرب في أصحاح 18 بعد الختان في أصحاح 17، والختان يعني إدانة ورفض الجسد لأنه لا يفيد شيئًا، وكل نشاط للجسد ليس مقبولاً أمام الله ولن يحظى برضاه، وهذا ما تعلَّمه إبراهيم بعد تجربة إسماعيل.  وهذا أيضًا من أساسيات الشركة.

4_  مُضيف كريم.

     «فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَال وَاقِفُونَ لَدَيْهِ.  فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ» ( تك18: 2).   في تصرف رائع أظهر إبراهيم كرم الضيافة، عندما نظر الرجال الثلاثة مقبلين إليه، فركض لاستقبالهم وتضرع إليهم أن يميلوا إليه ليسندوا قلوبهم بكسرة خبز، ثم قدَّم لهم عجلاً رخصًا.  وكان عمر إبراهيم في ذلك الوقت 99 عامًا، وهو يركض بكل نشاط القلب لاستقبالهم.  وفي هذا الصدد نسمع القول « لاَ تَنْسَوْا إِضَافَةَ الْغُرَبَاءِ، لأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَةً وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ» (عب13: 2).

5_   عنده تمييز.
     لقد ركض لاستقبال الرجال الثلاثة.  ولكن في حديثه خاطب الرب فقط قائلاً له: « يَا سَيِّد، إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلاَ تَتَجَاوَزْ عَبْدَكَ» ( تك18: 3).  وهذا دليل واضح على الفطنة الروحية التي كانت له.  لذلك ميَّز الرب عن الملاكين، مخاطبًا إياه: «يا سيد».  أما الملائكة فهي أرواح خادمة مرسلة للخدمة، لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص (عب1: 14).

6_  مُنعش لقلب الرب.
     «لِيُؤْخَذْ قَلِيلُ مَاءٍ وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ وَاتَّكِئُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ» ( تك18: 4).  بهذا التصرف استطاع أن يُقدِّم إنعاشًا للرب وقت الظهيرة.  وبالتأكيد فإن الرب لم يجد أحدًا في كنعان ينعش قلبه، فقد كانوا وثنيين وأشرارًا.  ولقد عاتب الرب سمعان الفريسى قائلاً: «إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ» (لو7: 44)،  بينما مدح المرأة الخاطئة لأنها غسلت رجليه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، وكانت تُقبِّل قدميه وتدهنهما بالطيب.

7_  مُشبع لقلب الرب.
     فقد قدَّم إبراهيم للرب مائدة متنوعة: خبز مَلَّة مصنوع، من ثلاث كيلات دقيقًا سميذًا.  وفي هذا نرى حياة الرب يسوع المسيح في نقائها وطهارتها ونعومتها.  ثم عجلاً رخصًا وجيدًا.  وفي هذا نرى موت ربنا يسوع المسيح.  وزبدًا ولبنًا، وهما يتكلمان عن بركات الروح القدس وما يقدمه من طعام قوي دسم من كلمة الله.  ولبنًا وهو أيضًا يتكلم عن اللبن العقلي العديم الغش من كلمة الله.  وفي كل الأحوال فإن شخص المسيح وعمله وبركات الصليب وكل كنوز الكلمة هي ما يريدنا الرب أن ننشغل به.  والسجود هو أن نحدث الآب عن ابنه الذي يحبه.  وإذ كان إبراهيم واقفًا لديهم تحت الشجرة أكلوا (تك18: 6- 8)، وبهذه المائدة أشبع إبراهيم قلب الرب. 

   ياليتنا نتمثل بإيمان هذا التقي، رجل الشركة، خليل الله، الذي اختار سكنه في حبرون، وهناك تمتع بزيارة الرب الفريدة التي لا نقرأ عن مثيلها في كل الكتاب، والرب استراح عنده.  هناك تمتع بالمواعيد التي أكدها له الرب، وهناك ارتقى إيمان سارة إذ سمعت القول: «هل يستحيل على الرب شيء»؟!  هناك كشف الرب له عن قصده وما ينوي عليه من جهة سدوم، وهناك وقف إبراهيم ليتشفع من أجل لوط الساكن في سدوم.                                      
                                                                                                


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com