عدد رقم 6 لسنة 2013
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
حياة جدعون الدينونة العتيدة والقضاء الوشيك  

 
 «وَرَجَعَ جِدْعُونُ بْنُ يُوآشَ مِنَ الْحَرْبِ مِنْ عِنْدِ عَقَبَةِ حَارَسَ، وَأَمْسَكَ غُلاَمًا مِنْ أَهْلِ سُكُّوتَ وَسَأَلَهُ، فَكَتَبَ لَهُ رُؤَسَاءَ سُكُّوتَ وَشُيُوخَهَا، سَبْعَةً وَسَبْعِينَ رَجُلاً. وَدَخَلَ إِلَى أَهْلِ سُكُّوتَ وَقَالَ: «هُوَذَا زَبَحُ وَصَلْمُنَّاعُ اللَّذَانِ عَيَّرْتُمُونِي بِهِمَا قَائِلِينَ: هَلْ أَيْدِي زَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ بِيَدِكَ الآنَ حَتَّى نُعْطِي رِجَالَكَ الْمُعْيِينَ خُبْزًا؟» وَأَخَذَ شُيُوخَ الْمَدِينَةِ وَأَشْوَاكَ الْبَرِّيَّةِ وَالنَّوَارِجَ وَعَلَّمَ بِهَا أَهْلَ سُكُّوتَ. وَهَدَمَ بُرْجَ فَنُوئِيلَ وَقَتَلَ رِجَالَ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ لِزَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ: «كَيْفَ الرِّجَالُ الَّذِينَ قَتَلْتُمَاهُمْ فِي تَابُورَ؟» فَقَالاَ: «مَثَلُهُمْ مَثَلُكَ. كُلُّ وَاحِدٍ كَصُورَةِ أَوْلاَدِ مَلِكٍ». فَقَالَ: «هُمْ إِخْوَتِي بَنُو أُمِّي. حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ لَوِ اسْتَحْيَيْتُمَاهُمْ لَمَا قَتَلْتُكُمَا!». وَقَالَ لِيَثَرَ بِكْرِهِ: «قُمِ اقْتُلْهُمَا». فَلَمْ يَخْتَرِطِ الْغُلاَمُ سَيْفَهُ، لأَنَّهُ خَافَ، بِمَا أَنَّهُ فَتًى بَعْدُ. فَقَالَ زَبَحُ وَصَلْمُنَّاعُ: «قُمْ أَنْتَ وَقَعْ عَلَيْنَا، لأَنَّهُ مِثْلُ الرَّجُلِ بَطْشُهُ». فَقَامَ جِدْعُونُ وَقَتَلَ زَبَحَ وَصَلْمُنَّاعَ، وَأَخَذَ الأَهِلَّةَ الَّتِي فِي أَعْنَاقِ جِمَالِهِمَا»  (قضاة8: 13- 21).

   ورجع جدعون من الحرب التي ظفر فيها من عند مكان يسمى "عقبة حارس".  والرب يسوع الذي ظفر بمعركة الجلجثة وقام وصعد إلى السماء سيرجع يومًا وذا قريب، من عند عقبة الحارس "روحيًا". "فعقبة" تعني تل أو مصعد، و"حارس" تعني  شمس أو دمار.  و"عقبة حارس" يمكن أن تعني مباشرة قبيل الدمار أو ارتفاع الشمس، وهي عين الحقيقة.  فالمسيح الذي صعد إلى السماء لا بد و أن يجازي كل واحد كما يكون عمله.  لقد رأينا في العدد الماضي كيف أن المعركة كانت لها الأولوية في مقاصد جدعون.  أما وقد انتصر الآن، وعاد بملكي مديان "زبح وصلمناع" ؛ الغراب والذئب؛ اللذان يشيران بوضوح إلى الشيطان، فقد حان وقت الحساب والدينونة.  تمامًا مثلما سيحدث قريبًا مع الرب يسوع المسيح الذي عند ظهوره من السماء قبيل الدمار، سيأتي بالدينونة على الذين لم يصدقوا أو يثقوا في قدرته على هزيمة الشيطان وخلاص الإنسان، وبعدها سترتفع الشمس ساطعة في كبد السماء؛ المسيح باعتباره "شمس البر والشفاء في أجنحاتها" (ملاخي4: 2)، توطئة للدخول إلى سكوت (والتي تعني مظلات أو خيام، وتذكرنا بعيد المظال- الملك الألفي)، حيث يملك المسيح ملك البر والسلام على العالم.  (لاحظ قول جدعون لأهل فنوئيل قبل المعركة في (عدد9) "عند رجوعي بسلام أهدم هذا البرج".  نعم فمجيئه ثانية إلى العالم-أعني المسيح - هو وحده الذي سيحمل "السلام"، و الواقع أن أوهام البشر التي تبحث عن "إله" محب رحيم، منعم عطوف، لا يغضب قط، ولا يدين مطلقًا، ولا يقضي على الشر والأشرار لهي أضغاث أحلام كل من يعيش في الخطية ويبعد عن عينيه "قدوس إسرائيل".  لكنك عزيزي الشاب- أنا وأنت - قد نتوهم ونحلم كما نشاء، لكن هذا مؤكد أنه لن يلغي الحقيقة الساطعة، إن إلهنا هو "إله النعمة والحق معًا"، هو المحب والديان في آن واحد، هو الرحيم والغضوب في نفس الوقت، هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية.

   ونلاحظ أن جدعون بدأ القضاء من شعبه أولاً (أهل سكوت).  فابتداء القضاء هو أولاً من بيت الله (1بط17:4).  لقد كان لأهل سكوت رؤساء وشيوخ (77) رجلاً (ع14)، وكانت مدينة ذات مؤسسات لكنها بلا إيمان، وكان هذا سبب الدمار الذي حل بها.  وكذلك كان حال فنوئيل (والتي تعني وجه الله) وقد حولت وجهها عنه وسارت في ركاب كبرياء العالم وحضارته الزائفة  فبنوا "برجًا" في فنوئيل! (ع9).

   والآن حانت دينونة سكوت وفنوئيل: أناسًا وحضارة سواء بسواء.  وهذا عين ما سيحدث لكل من لم يطيعوا الله ولم يخضعوا لإنجيل ربنا يسوع المسيح في سنة الرب المقبولة، ونعمة إلهنا المعلنة في كل العالم اليوم لنحو ألفي عام بكل الوسائل والوسائط، عندما يحين وقت الدينونة، ويأتي يوم الانتقام لإلهنا.
   لقد كانت "سكوت وفنوئيل" مدينتين تحملان من الذكريات المقدسة، بل ومن المعاني الروحية الجميلة ولاسميهما الشيء الكثير.  لكنهما بدون إيمان بلا قيمة وتنتظرهما الدينونة الوشيكة.  تمامًا كما سيحدث قريبًا مع المسيحية الاسمية المرتدة عن المسيح، التي لا تعرف ولا تريد أن تعرف أكثر من"اسم" المسيح و"رسم" الصليب!!

   لقد أتى جدعون ليخلص شعبه من المديانيين، لكن أهل سكوت وفنوئيل لم يثقا بنجاحه بل وعيروه كذلك! لذا فيجب أن تأتي الدينونة على من رفضوه أولاً.
   لذا فلقد قضى جدعون على سكوت "أخذ شيوخ المدينة وأشواك البرية والنوارج وعلم بها أهل سكوت درسًا (ع16)، كما "هدم برج فنوئيل وقتل رجال المدينة" (ع17)، بعدما شاهدوه في مجد نصرته وبين يديه "زبح وصلمناع" ملكي مديان!

   لكن الدينونة لا بد وأن تشمل جميع من يستحقها، لا بد وأن تشمل زبح وصلمناع؛ الغراب والذئب كذلك.  وهما يعطياننا إشارة نبوية للشخصيتين القائدتين للتمرد العام ضد ربنا يسوع المسيح بعد اختطاف الكنيسة الحقيقية إلى السماء، وأعني بهما: الوحش السياسي (الطالع من البحر) والنبي الكذاب (الوحش الطالع من الأرض) على الترتيب، عندما تتحد السياسة مع الدين ضد المسيح.

   لكن لهذا كله نهاية وشيكة عند استعلان ربنا يسوع المسيح بالمجد والقوة حيث ينالان عقابهما الأبدي ويطرحان حيين في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت (حسبما يعلن سفر الرؤيا).

   واليوم يسعد الناس بالقبض على فلان أو علان ممن يستحقون العقوبة والقضاء.  أولئك الذين يملأون الدنيا كذبًا وقتلاً.  لكن الأتقياء ينتظرون تحقيق خبر مؤكد وشيك، هو القبض على الشيطان نفسه، ذلك الكذاب وأبو الكذب، القتال للناس منذ البدء، الأمر الذي لن يقوى عليه سوى المسيح، وعندئذ، وعندئذ فقط ستستريح الأرض.  أما قبل ذلك فلا، وبكل أسف!

   وهذا تحديدًا ما فعله جدعون في القسم التالي (ع18-21) مع زبح وصلمناع، لقد قتلا إخوته وهم على صورته "كصورة أولاد ملك".  لقد أضطهدوا الأتقياء في زمن الضيقة.  فلا أقل من أن يُقتلا حصادًا لما زرعاه.  وكان جديرًا أن يقوم بهذه المهمة جدعون بنفسه وليس "يثر" بكره، الذي كان فتى بعد.  وهذه كانت مشورة "زبح وصلمناع" لجدعون في قول يحمل من المعاني الكثير والكثير" قم أنت وقع علينا،لأنه مثل الرجل بطشه" (ع21).  وهذا عين ما سيتم عن قريب حيث الرب بنفسه سيكون هو الديان العادل، والمنفذ للدينونة، لأن الله "أقام يومًا هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عيَّنه .. إذ أقامه من الأموات" (أع31:17).  فعلى قدر صبر النعمة وإمهالها، سيكون بطش القضاء والدينونة على الرافضين، والإنجيل يعلن كلا الحقيقتين دائمًا معًا، فمن يؤمن بالابن له حياة أبدية، ومن لا يؤمن بالابن لن يرى حياة، بل يمكث عليه غضب الله. وياللهول! حقاً "مثل الرجل بطشه" ! فهل تنجو من بطش الديان إذ تلجأ إليه الآن بالتوبة وبالإيمان؟ هذا هو الفعل العاقل الوحيد الذي يأمر به الرب، ويعلنه الكتاب، ويؤكده المنطق فالدينونة العتيدة كاسحة، والقضاء الإلهي بات وشيكًا أقرب من أي وقت آخر.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com