عدد رقم 6 لسنة 2013
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
مَنْ سيَفصِلُنا عن مَحَبَّةِ المَسيحِ؟  

كانت ربيكا واقفة في نافذة غرفتها، تشاهد الأطفال وهم يلعبون في الجليد، وكانت تتوق للعب معهم.  ولكنها تذكرت كلام والدها الذي قال لها: لا يمكنك اللعب في الثلج اليوم.  فسألته: لم لا يا أبي؟!  
فأجاب الأب: ثقي بي يا ابنتي أنه ليس من الأفضل لك اليوم.  
في الحال استجابت ربيكا لطلب الأب، وقبّلته، وأكدت له أنها ستقضي وقتًا في القراءة داخل غرفتها.  ولكنها بعد فترة بدأت تفكر بطريقة مختلفة؛ إن الطبيعة جميلة في الحديقة، والشمس تلمع وتشرق، لماذا يحرمها الأب من الخروج، لماذا تفقد اللعب والمرح مع أصحابها؟
 وعندما انفجرت كرة ثلجية بالقرب من النافذة، قررت ربيكا أن تنضم للآخرين.
تركت ربيكا كتابها وانطلقت خارجًا، وحاولت أن تقنع نفسها أنها سوف تقضي وقتًا سعيدًا، ولكن في كل الأحوال كان قلبها يشعر بعدم ارتياح، وظلت تنظر حولها خوفًا من أن يراها أبوها.
بعد بضع ساعات، قررت ربيكا أن تودع الأصدقاء وتتوجه إلى المنزل لأنها أرادت أن تستقر في غرفتها قبل أن يرجع الأب إلى البيت.
  وبينما كانت مسرعة في عودتها للمنزل، انزلقت درجات السلم وأصيبت بعدة كدمات، واصطدمت بلوحة والدها المفضلة مما سبب شرخًا كبيرًا بواجهة اللوحة.
ظلت ربيكا تتألم بقية اليوم، وجسمها مليء بالكدمات، لكن كان الألم الذي في قلبها أكثر من كل آلام الجسم.  تيقنت أن والدها لن يحبها مرة أخرى.  كم كانت تُخطئ في الماضي، ولكن خطأ اليوم أكبر من الكل.  ربما لن يعود يتحدث إليها مرة أخرى، فكيف يمكن أن يظل يحبها بعد ما حدث؟
انهارت ربيكا في البكاء الذي ملأ وسادتها.  كم كانت قريبة من والدها!  كم كانت تقضي أوقاتًا في اللعب والمذاكرة معه!  كم ضحكوا وبكوا معًا!  لكن هذا لن يحدث مجددًا.  لقد شعرت عن يقين أن تلك الأوقات الجميلة قد انتهت.
  ظلت ربيكا في غرفتها إلى أن أتت مربيتها لتطمئن عليها، وكانت لها طريقتها الخاصة في الوصول إلى قلبها، وكانت تعطيها النصيحة المناسبة في الوقت المناسب.
”عزيزتي ربيكا“ قالت المربية: لقد قمتِ بتصرف خاطئ جدًا، لكن من الأفضل ألا تستمري في هذا الخطأ.  يجب أن تذهبي إلى والدك باللوحة المكسورة في يدك، وتعترفي له بكل ما حدث فهو يحبك.
أجابت ربيكا وهي تجهش بالبكاء: لا اقدر أن أذهب فأنا لا استحق هذا الحب.
تنهدت المربية وقالت: عزيزتي أنت لم تكوني مستحقة لهذا الحب أمس أكثر من اليوم.  والدك يحبك لأنك ابنته ليس لشيء تفعليه أو لم تفعليه، ألم يقل لك من الصغر إنه يحبك؟  هل تشكين في محبته، وهل هذا الحب معتمد عليك؟
 لم تفكر ربيكا في الأمر قط من هذه الزاوية، وشعرت بدافع أن تذهب إليه وتعترف بخطئها، وإن لم تفعل فلن تستريح مطلقًا.
لذلك توجهت ريبيكا إلى غرفة المعيشة وتوقفت عند الباب، فوجدت والدها جالسًا على كرسيه المفضل، حسب عادته، فنظر إليها عند دخولها وابتسم ابتسامة تشع بالحب والحنان.
فتح الأب ذراعيه وقال: أخيرًا أتيت يا ابنتي كنت أنتظرك من وقت طويل، تعالي إلى حضني.
لم تحتمل ربيكا وقالت: يا أبي أنت لا تدرك حالتي، لا يمكن أن تحبني بعد الآن، لقد كنت في أردأ حالاتي.  ورفعت ريبيكا الصورة ليراها الأب.
قال الأب: أنا أعرف يا ربيكا أكثر مما تظنين، لقد رأيتك حين سقطتي واصطدمتِ بالصورة، لقد رأيت كل شيء.
ذُهِلَت ربيكا وقالت: حقًا، ألم تكن في العمل؟!
هز الأب رأسه: لم أذهب، أردت أن أقضي بعض الوقت معك، لذا طلبت منك عدم الخروج، لقد رأيتك عندما خرجت لتلعبي، ورأيتك أثناء سقوطك على درجات السلم، وانتظرتك كثيرًا كي أساعدك وأداوي جروحك.
لم تكد ربيكا تصدق ما سمعته أذناها!  لقد قرر والدها أن يقضي الوقت معها ولم يذهب للعمل، ولكن يا لغبائها فقد ضيعت الوقت، وعرفت أن والدها عرف كل شيء، وهو يحبها برغم كل شيء.  هل يمكن أن يحدث هذا؟!  وتساءلت: أبي، كيف يمكن أن تحبني الآن؟!

ابتسم والد ربيكا ابتسامة لا يمكن نسيانها وقال: عزيزتي ربيكا أنا قد أحببتك من قبل ولادتك، أنت ابنتي وأنا دائمًا أحبك، بالرغم من أنك في بعض الأحيان يصدر منك أفعال تترتب عليها أشياء كان من الممكن تجنبها، لا شيء يمكن أن يفصلك عن محبتي، هل ستأتي الآن وتدعيني أداوي هذه الجروح؟"
ركضت إليه وارتمت في حضنه وقبَّلته، وشعرت بالراحة والأمان بين يديه، وأدركت أنه مهما حدث فالأب أب.

«مَنْ سيَفصِلُنا عن مَحَبَّةِ المَسيحِ؟ أشِدَّةٌ أم ضيقٌ أمِ اضطِهادٌ أم جوعٌ أم عُريٌ أم خَطَرٌ أم سيفٌ؟ كما هو مَكتوبٌ: «إنَّنا مِنْ أجلِكَ نُماتُ كُلَّ النَّهارِ.  قد حُسِبنا مِثلَ غَنَمٍ للذَّبحِ».  ولكننا في هذِهِ جميعِها يَعظُمُ انتِصارُنا بالّذي أحَبَّنا. (رو٨: ٣٥-٣٧)
                                                                         
      تعريب: 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com