عدد رقم 5 لسنة 2012
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
احفظ نفسك طاهرًا (1تي 22:5)  
 الطهارة من أهم الموضوعات التي يجب علينا كشباب معرفة فكر الله بخصوصها، فهي تعني النقاوة في الحياة.  ولا تقتصر فقط على الطهارة من جهة الغرائز والعواطف، بل تشمل كل شيء: الفكر والمشاعر والإرادة والقلب والضمير والجسد وعمل اليدين.

وربما الذي ساهم في فهمنا الخاطئ كشباب أن الطهارة تتعلق فقط بالغرائز هو أن الغرائز هي منطقة صراعنا، لكن حتى بعد أن ننضج سنظل نحتاج للطهارة في كل جوانب الحياة لا في هذه الجهة فقط.

ومفهوم الطهارة في العهد القديم كان يقتصر فقط على طهارة الجسد، والفرائض الجسدية كانت موضوعة فقط لوقت الإصلاح، وبالكاد كانت تكفي لتطهير الجسد لكنها لم تصل بالإنسان إلى الضمير المطهر، فيقول الكتاب: 

«لأنه إن كان دمُ ثيرانٍ وتيوسٍ ورماد عجلةٍ مرشوشٌ على المُنجَّسينَ، يُقدِّسُ إلى طهارة الجسد، فكم بالحريِّ يكون دمُ المسيحِ، الذي بروحٍ أزليٍّ قدَّم نفسه لله بلا عيبٍ، يُطهِّر ضمائركم من أعمال ميتةٍ لتخدموا الله الحيَّ!» (عب 9: 13).  

أما في العهد الجديد فالطهارة ليست فقط جسدية، بل تشمل كل شيء.

   الطهارة كمقام: 
قبل أن ندخل في موضوعنا - ألا وهو الطهارة من الناحية العملية - نود أن نُذكِّر أننا في نظر الله طاهرون، هذا من جهة المقام، وكلمات الوحي التالية تؤكد لنا هذا:

 قال الرب يسوع لبطرس: «الذي قد اغتسل ليس له حاجةٌ إلا إلى غسل رجليه، بل هو طاهرٌ كله.  وأنتم طاهرون، ولكن ليس كلكم» (يو 10:13)، وأيضًا يقول الكتاب عن عمل الله في الأمم أنه «طهر بالإيمان قلوبهم» (أع9:15)، وأيضًا مكتوب «كلُّ شيءٍ طاهرٌ للطاهرين» (تي 15:1).

فالمؤمن طاهر شرعًا من جهة المقام حتى في وقت ضعفه وفشله، والله لا يرى فيه إلا الكمال لأنه يراه في المسيح.  وهذا ما نجده حتى في العهد القديم فالله لم يبصر إثمًا في يعقوب ولا رأى تمردًا في إسرائيل (عد21:23)، هذا من ناحية المقام على أساس المحرقة الدائمة التي تُقدَّم عنهم.  وهذا أيضًا ما نراه في نظرة الرب للعروس في سفر النشيد بالرغم من الفتور في المحبة الذي مرت به.  «أنا نائمة وقلبي مستيقظ.  صوت حبيبي قارعًا: افتحي لي يا أختي، يا حبيبتي، يا حمامتي، يا كاملتي» (نش 5: 2).  

فحسنًا عَبَّر المرنم بالقول: (عمر ما ها يضيع جمالي لو للحظة في عينيه).
لكن إن كان هذا من جهة المقام، فإنه من جهة الطهارة العملية علينا التزام أمام الرب أن نعيش طاهرين لتتطابق حياتنا العملية مع مقامنا.

والطهارة احتياج مُلح لأننا من خلالها نصون أجسادنا لتكون مخصصة للرب.  فكم رأيت شبابًا لسبب التساهل مع الخطية غرقوا في شهوات كثيرة غبية ومُضرة أتلفت أجسادهم.  «لذلك أسلمهم الله أيضًا في شهوات قلوبهم إلى النجاسة، لإهانة أجسادهم بين ذواتهم» (رو1: 24). 

وهي أيضًا احتياج مُلح، لأنه لا يمكن أن يُصادق الله على حياة بها تساهل ويستخدمنا في عمله، فبتساهلنا نخسر تأييد الرب لخدمتنا، فهناك الكثير من المواضع الكتابية التي توضح أن هناك ارتباطًا بين حياة الطهارة وخدمة الرب منها:

«اعتزلوا، اعتزلوا، اخرجوا من هناك.  لا تمسُّوا نجسًا.  اخرجوا من وسطها.  تطهَّروا يا حاملي آنية الرب» (إش52: 11).

وأيضًا «فإن طهَّر أحدٌ نفسه من هذه (الانفصال عن أواني الهوان)، يكون إناءً للكرامة، مُقدَّسًا، نافعًا للسيِّد، مُستعدًا لكل عمل صالح»  (2تي 2: 21).

وفي التعامل الكنسي يجب أن تتسم التعاملات مع الجنس الآخر بالطهارة كما قال الرسول بولس لتيموثاوس: «والحدثات كأخواتٍ، بكلِّ طهارة» (1تي 5: 2). 

   تحديات الطهارة: 

1- الانحدار الأخلاقي الذي يمر به العالم، فالعالم الذي نعيش فيه قد وُضِع في الشَّرير، والنجاسة والفساد الأخلاقي نراه في الشوارع بلا خجل، ومظاهر الإغراء جعلت الخطية مُحيطة بنا بسهولة وجعلت الطريق زلقة تحت أرجلنا.

2- التعامل بخفة مع الخطية وإعطاؤها مُسميات بريئة، فمن الممكن أن تُسمَّى: الرشوة إكرامية، والعلاقات العاطفية صداقات بريئة.

3- المهارة في الجمع بين الخطية والخدمة، رغم أن هناك كما سبق وذكرنا ارتباطًا بين الخدمة وحياة الطهارة.  وعلينا أن نتذكر أن النجاسة خطر يهدد الخادم وعليه أن يكون حذرًا للغاية.

4- الصراع لسبب الغرائز والعواطف المشتعلة في سن الشباب، وما ساهم في ازدياد حدة المشكلة تأخر سن الزواج وما نتج عنه من مشاكل وضغوط مختلفة.  يقول الكتاب: «احفظ نفسك طاهرًا».  فليتنا لا ننشغل بكم الفساد الموجود حولنا فمسؤوليتنا فقط هي تطهير أنفسنا لا تطهير الكون الذي حولنا، وخير مثال على ذلك يوسف في بيت فوطيفار، وصموئيل وسط أولاد عالي الكاهن، ودانيآل في قصر نبوخذنصر.

   مجالات الطهارة:

 

طهارة الفكر: «أخيرًا أيها الإخوة كل ما هو حقٌّ، كل ما هو جليلٌ، كل ما هو عادلٌ، كل ما هو طاهرٌ، كل ما هو مُسرٌّ، كل ما صيته حسنٌ، إن كانت فضيلةٌ وإن كان مدحٌ، ففي هذه افتكروا» (في 4: 8).

طهارة القلب (الكيان الداخلي): «طهِّروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الأخوية العديمة الرياء، فأحبوا بعضكم بعضا من قلبٍ طاهرٍ بشدَّةٍ» (1بط 1: 22).

طهارة الضمير: أي أن يحكم الضمير وهو يقف على أرضية سليمة وتعاليم صحيحة، «إني أشكر الله الذي أعبده من أجدادي بضميرٍ طاهرٍ، كما أذكرُك بلا انقطاع في طلباتي ليلاً ونهارًا» (2تي 3:1).

طهارة الأيادي: أي أن التعاملات اليومية تتم في جو من الطهارة ولا سيما التعاملات المالية  «يُكافئني الرب حسب بِرِّي.  حسب طهارة يديَّ يَردُّ لي» (مز 20:18).  وأيضًا «أريد أن يصلي الرجال في كل مكان رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال» (1تي8:2).

   مقومات الطهارة: 

الشبع بكلمة الله: فهي تُنقِّي القلب (يو15: 3)، وتجعل الضمير يقف على أرضية سليمة وهو يحكم، وتجعل الفكر ينشغل بأمور طاهرة.

إعطاء المسيح فرصة للعيشة فينا: فعندما لبسنا المسيح لبسنا أنقى الثياب، تَفَكُرنا في هذا، يجعلنا نعيش بحرص من جهة كل سلوك وكل كلمة وكل مكان نذهب إليه.  إننا أعضاء جسد المسيح، وكما قال الرسول: أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟! حاشا.

وضع ترقب مجيء الرب اللحظي قدام عيوننا: فهذا يحثنا على العيشة بالطهارة «وكلُّ مَنْ عنده هذا الرجاء به، يُطهِّر نفسه كما هو طاهرٌ» (1يو 3: 3).

الحذر من الخطوة الأولي في الانحدار:  فكل مَنْ سقطوا في الكبائر كانت الأمور عندهم في البداية صغائر، فعندما نسأل داود أو حتى شمشون: هل كانوا يتوقعون أنه في يوم من الأيام سيسقطون في هذه الكبائر؟ كانوا سينكرون، لكن هذا ما حدث.  والسبب كما نعلم أنهم تهاونوا مع الصغائر فنمت الثعالب الصغيرة وصارت كبيرة وأفسدت الكروم.    

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com