عدد رقم 2 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
نضوب نفوذ المعوان  
«كَيْفَ أَعَنْتَ مَنْ لاَ قُوَّةَ لَهُ، وَخَلَّصْتَ ذِرَاعًا لاَ عِزَّ لَهَا؟»
(أي26: 2)
لقد دقت ساعةُ لا الحزنِ بل الأحزان، وألَمَّت بالمُبتلي لا النائبةُ بل النائبات.  أهو انفلاتٌ أمنيٌّ، أطلقَ زِمام السبئيين والكلدانيين؟ أم هو انقلابٌ كونيٌّ تواكبَت فيه نارُ الله مع الريح الشديدة فالتهَمت اليابس والأخضر، بل وهلك فلذاتُ الأكبادِ العشرة؟ أهو قرحٌ رديء جعل الشريفَ وسط المزبلةِ؟ أم هو همسٌ شيطانيٌّ أهاب بالتقي إلى التجديفِ مسلكًا؟ تُرى الوافدون مُعزُّون أم مُستفِزُّون نابغون في إستثارة مَنْ له سلطانٌ على روحِه؟ واحسرتاه! لقد وقَعَ الكل.

وعندما تحينُ ساعةُ الخطر، بل ويَنصَبُّ علينا الضرر، عندما تقذف السماءُ وابلَ نيرانٍ لا مطر، كثيرًا ما نتوقع المعونة من مواردِها المشروعة.  ولكن بالرغمِ من قانونيتها، كثيرًا ما تحفر مدرسةُ الألمِ في عميق وجدانِنا درسًا عنوانه: نضوب نفوذ المعوان. 
راح أيوب ينفُضُ يدَه من دوائر المعونة المتعارف عليها:

1- معونة الأم: «لِمَ لَمْ أَمُتْ مِنَ الرَّحِمِ؟ ... لِمَاذَا أَعَانَتْنِي الرُّكَبُ، وَلِمَ الثُّدِيُّ حَتَّى أَرْضَعَ؟» (أي3 :12،11). أَ يُعلِّمنا الكتاب أن معونة الأم لا نفع لها؟ كلاَّ لكنها قاصرة وليست مُقصِّرة.
2- معونة من ذاتِه: «أَلاَ إِنَّهُ لَيْسَتْ فِيَّ مَعُونَتِي، وَالْمُسَاعَدَةُ مَطْرُودَةٌ عَنِّي!» (أي6: 13).  آه! متى ننتهي من ذواتِنا فنتعلَّم أن المعونة ليست كائِنة بإمكانياتِنا.
3- معونة أصحابِهِ: «كَيْفَ أَعَنْتَ مَنْ لاَ قُوَّةَ لَهُ، وَخَلَّصْتَ ذِرَاعًا لاَ عِزَّ لَهَا؟» (أي26: 2).  كثيرون يتحدثون بهذهِ الكلمات إلى الربِ، ظنًا منهم أنها تحمِلُ معنىً إيجابيًا، متأملين في خلاصِهِ ومعونتِهِ لهم.  ولكن معنى الآية على العكس تمامًا.  ففيها أيوب يتكلم لا إلى الربِ بل إلى بلدد صديقِهِ فيقول له: “أنا شخصٌ مسلوبُ القوى، وأحاديثُكَ هذهِ لم تنجح في إعانتي”. بمعنى: "أهذا الأسلوب يُعين من لا قوة له"؟! 
ممن ننتظر المعونةَ إذًا؟ قال أحدُهم: «اصْنَعْ مَعِي آيَةً لِلْخَيْرِ، فَيَرَى ذَلِكَ مُبْغِضِيَّ فَيَخْزُوا، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ أَعَنْتَنِي وَعَزَّيْتَنِي» (مز86: 17).  وقال آخر:«لَوْلاَ أَنَّ الرَّبَّ مُعِينِي، لَسَكَنَتْ نَفْسِي سَرِيعاً أَرْضَ السُّكُوتِ» (مز94: 17).  وأقر بولس أمام أغريباس: «فَإِذْ حَصَلْتُ عَلَى مَعُونَةٍ مِنَ اللهِ، بَقِيتُ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، شَاهِدًا لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ» (أع26: 22).
لا نَفْعَ يُرْجَى سَيِّدي
خُذ بيدي يا مُنجِديْ
مِن عَوْنِ إنسانِ
يا خَيرَ مِعوانِ
                                         

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com