عدد رقم 2 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
رسائل خاصة للشابات: حرة أم مستعبدة؟ الشعور بصغر النفس  
أختي الشابة 
نعمة لك وسلام في شخص ربنا يسوع المسيح.  هذ هو اللقاء الثاني لنا مع  سلسلة خطابات بعنوان " حرة أم مستعبدة "، والتي تتكلَّم عن الحرية الحقيقية التي لنا في المسيح الذي قال: " فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا" ( يو 8 : 36 ).
تكلمنا في الرسالة السابقة عن خداع الحية لحواء قديمًا عندما أوهمتها بحرية كاذبة هامسة في أذنها بالقول: "لَنْ تموتا بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ" ( تك 3 : 4 ،5 ).
لكن سرعان ما وجدت حواء نفسها سجينة تعيسة مقيدة بالخطية و بلا حرية. 

وفي هذا الخطاب أريد أن القي الضوء على لون آخر من أكاذيب العدو التي تتحوَّل إلى قيود تمنع الكثير من التمتع بالحرية الحقيقية المدعوين إليها، هذه هي قيود " التمركز حول الذات " إما بالشعور بالصغر والنقص أو شعور بالانتفاخ والكبرياء.  وكلا الشعورين يشكلان خطرًا عظيمًا يهدد النمو والانطلاق في حياة مسيحية صحيحة. 

وسأبدأ حديثي عن" الشعور بصغر النفس ": ( في خروج 6 : 6 ،7 ، 9) كلم الله موسى قائلاً: "قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنَا الرَّبُّ.  وَأَنَا أُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ الْمِصْرِيِّينَ وَأُنْقِذُكُمْ مِنْ عُبُودِيَّتِهِمْ وَأُخَلِّصُكُمْ بِذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ وَبِأَحْكَامٍ عَظِيمَةٍ، وَأَتَّخِذُكُمْ لِي شَعْبًا، وَأَكُونُ لَكُمْ إِلهًا.  فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي يُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ الْمِصْرِيِّينَ" 

... فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ هكَذَا، وَلكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى مِنْ صِغَرِ النَّفْسِ، وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ." بأن الشعب مدعوٌ للخروج من عبودية فرعون ومن أثقال المصريين لحياة الحرية والانطلاق والفرح، لكنهم لم يلتفتوا لهذه الدعوة.  والسبب كان من شدة صغر نفوسهم .
إحدى الإحصائيات عن عدد الشابات من  تتراوح أعمارهن بين سن العشرين والثلاثين أفادت أن أكثر من 50 % منهن يعانون من الشعور بالنقص و صغر النفس  وقد عبرن عن ذلك بالشهادات التالية : 
1- الشعور بالنقص كان هو صراع حياتي الطويل مما جعلني أنسحب من علاقات كثيرة وأفضل الاختفاء والسلبية 
2- أشعر باحتياج للتأكيد المستمر على أهميتي من المحيطين بي لأنني أشعر بأنني عديمة الأهمية.
3- أشعر بأنني بلا منفعة وغير محبوبة من أحد، كما أشك كثيرًا في محبة الله لأنه حرمني امتيازات كثيرة مقارنة بالأخريات.
4- قيل لي في طفولتي إنني متخلفة وبطيئة الفهم، صدقت هذا في ذلك الوقت فاعتدت أن أغلق على نفسي ولا أريد أن أتعامل مع أي شخص ولا اشترك في أي أحاديث بل أخشى جميع الصدقات .
5- قررت الاعتذار عن أي مشاركة أو خدمة في كنيستي لأني أقل الجميع ولا أصلح لأي خدمة وليست لي أية موهبة. 

أختي الشابة:

 إن كانت إحدى هذه الإجابات تلقى صداها مع مشاعرك الداخلية فهيا معًا لنفحص  صحة هذه المشاعر في ضوء كلمة الله وما الأسباب التي أدت إلى ذلك.
كانت ليئة هي الأخت الكبرى لراحيل وكانت ضعيفة العينين، وأما راحيل فكانت حسنة الصورة والمنظر (تك 29 : 17 )، وأحب يعقوب راحيل أكثر من ليئة.  ولماذا؟

1 – السبب الأول: الشكل ودرجات الجمال 
واحدة من الأسباب التي تقود إلى الشعور بصغر النفس بين الشابات هو الشكل ودرجات الجمال.  أنت تقارنين نفسك بأخريات في درجة الجمال: لون العينين، نوع الشعر، الطول، الوزن، .. وهنا يأتيك العدو الماكر بسؤاله الخبيث: لماذا أنت بالذات؟ لماذا لم يعطك الرب جمالاً مثل فلانة، فإنها جذابة في شكلها، جذابة في شخصيتها، جذابة في أحاديثها؟  

انظري كيف يحبها الآخرون ويلتفون من حولها !! كم عدد أصدقائها؟ الجميع يطلبونها !
لقد أعطاها الله كل شيء و لم يعطك أنت، أليس الله ظالمًا وغير عادل ؟!!

هذه هي سهام العدو النارية والملتهبة التي إن أصابتك تجعلك في حالة يأس وفشل تقودك إلى عبودية الرثاء للنفس واللوم لله المستمر.  هذه هي نصف الحقيقة والصورة غير الكاملة والمشوشة، لكن اسمعي ما يقوله الكتاب المقدس عن الرب الصالح المحب والحكيم . 

رأى الرب أن ليئة مكروهة ففتح الرب رحمها, وولدت رأوبين، فإذ بها تقول: إن "الرب قد نظر إلى مذلتي".  وفى المرة الثانية بعد ولادة شمعون قالت: "الرب قد سمع أني مكروهة وأعطاني هذا أيضًا".  وفى المرة الأخيرة انتصرت على كل مشاعر صغر النفس فقالت: "هذه المرة أحمد الرب"، وقالت هذا بولادة يهوذا الذي أتى من نسله المسيح حسب الجسد.

نعم، إن إلهنا المحب هو عظيم في عطاياه وأيضًا حكيم في تعويضاته.  لذلك كلما حاول العدو سحقك بهذه الأفكار والتي تركز على السلبيات وتنسيك تعويضات الله العظيمة ارفعي راية النصرة ورددي مع المرنم: أحمدك من أجل أني قد امتزت عجبًا.  عجيبة هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلك يقينًا. لم تختف عنك عظامي حينما صُنعتُ في الخفاء ورقمتُ في أعماق الأرض.  رأت عيناك أعضائي وفي سفرك كلها كتبتْ، يوم تصوَّرَتْ إذ لم يكن واحد منها. ما أكرم أفكارك يا الله عندي ما أكثر جملتها ( مز 139: 13 – 17 ).

2- السبب الثانى: نظرة الآخرين 

  أما مشاعر الآخرين ونظرتهم إليك الدونية والتي مرارًا كثيرة تصيبك باليأس والفشل فهذا ليس بغريب، فالناس متقلبون في آرائهم وأمزجتهم، غير عادلين في حكمهم، لكن هيا بنا إلى البطل العظيم داود الذي كم مرة لقي احتقارًا وازدراءً من القريب والبعيد، وكيف كانت نظرة الرب له. فقال عنه أبوه: " بقى بعد الصغير وهو يرعى الغنم"، وقال أخوه: "أنا علمت كبرياءك وشر قلبك".  وقال جليات عدوه: "تعال إليَّ فأعطي لحمك لطيور السماء ووحوش البرية".  وبعد أن صنع الخلاص لإسرائيل كان تعليق شاول: " فَقَالَ الْمَلِك: اسْأَلِ ابْنُ مَنْ هذَا الْغُلاَمُ" ( 1 صم 17 : 56 ). وقال نابال الأحمق: " من هو داود ومن هو ابن يسى؟ " . أما عن زوجته ميكال بنت شاول عندما رأته يرقص أمام الرب فخرجت تستقبله باستهزاء قائلة: " مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ الْيَوْمَ، حَيْثُ تَكَشَّفَ الْيَوْمَ فِي أَعْيُنِ إِمَاءِ عَبِيدِهِ كَمَا يَتَكَشَّفُ أَحَدُ السُّفَهَاءِ" ( 2 صم 6 : 20 )، فاحتقرته في قلبها . 

هذا كان نصيبه من الناس وآرائهم، لكن اسمعي شهادة الرب عنه: "وجدت داود رجلاً حسب قلبي".  "لأنه ليس كما ينظر الإنسان، لأن الإنسان ينظر إلى العينين أما الرب فإنه ينظر إلى القلب" (1صم 7:16). 

أختي العزيزة إن قيمتك عظيمة في عيني خالقك وفاديك فاسمعيه يقول: " صرت عزيزة في عيني مكرمة وأنا قد أحببتك ".  نعم لقد خلقك على صورته وجبلك وصنعك لمجده ودعاك باسمك، صرت له وهو لك، لذا لا تتصاغري سوى أمام الرب وأمام ألطافه وأمانته . " صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ... " ( تك 32 : 10 ).

أما عن الناس فاطلبي من الرب أن يفتح عيني إيمانك فتبصرين الناس لا كأشجار بل ترين جليًا كل إنسان على حقيقته. 

3- السبب الثالث : الأسرة والبيئة 

قد تخجلين من أسرتك أو أحد أفرادها لسبب ما، لكن هل تذكرين تلك الفتاة التي بلا أب أو أم أو أخ أو أخت ولم يكن سوى ابن عمها حارس باب الملك هو من يعولها ويربيها! لكن أي مستقبل كان ينتظرها؟  فالرب الذي يعمل من وراء الستار ويهتم بتفاصيل الحياة جعلها تنال نعمة في عيني أعظم ملك في ذلك الوقت وإذا بها تصير ملكة البلاد، هذه هي إستير المسكينة!  فلا سبب يجعلك تعيشين في قيود صغر النفس، تنظرين للآخرين وتقارنين نفسك بهم ثم تعودين بعيون دامعة ورثاء للنفس وعتاب لله تندبين حظك. 

4- أسباب أخرى :

 قد تتعدد أسباب صغر النفس ليس فقط بسبب الشكل والجمال أو إزدراء الآخرين أو الظروف الأسرية لكن أيضًا يمكن أن يكون بسبب خوف أو تهديد أو قسوة في المعاملة من أحد المقربين أو في أوساط العمل.  بل للأسف يمكن أن يحدث ذلك في وسط أجواء كنسية أو من أشخاص جسديين …. إلخ.
 أقول لك إنها جميعها قيود العدو ليحتفظ بك منحنية مكسورة وضعيفة، غير متمتعة بقوة وأفراح حريتك في المسيح.  لكن اعلمي أنك متميزة بشخصيتك، بشكلك، بأسرتك، بدراستك، بوزناتك ومواهبك الطبيعية والروحية، بخطة حياة متميزة من الله لك. 

قلا تخجلي من أي ضعف أو نقص مهما كان.  فليكن فخرك بنعمة الله وتعويضاته المكملة كافيًا ليرفعك فوق كل شعور بالصغر. 
وفي النهاية أقول: كل ما يعطيك الرب من تشجيع اذهبي به إلى أخريات كقول الكتاب " شجعوا صغار النفوس.  أسندوا الضعفاء... " (1 تس 5 : 14 )،  حتى يتحررن هن أيضًا من كل قيد يعيق تقدمهن وفرحهن الروحي . 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com