عدد رقم 2 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
نظر إليَّ .. نظرتُ إليه!  
في الغالب أنت قد سمعت عن أمير الوعاظ الشهير "تشارلس هادون سپرچن" Charles Haddon Spurgeon الذي وُلد في "كلفيدون ايسيكس" Kelvedon, Essex بإنجلترا في يوم 19 يونية 1834، ووزعت ملايين من عظاته في العالم كله.  وخدم الرب بأمانة لأكثر من 42 عامًا.  وذهب إلى السماء ليكون مع الرب يسوع المسيح، الذي أحبه وخدمه، في يوم الأحد 31 يناير 1892.
لكن كيف تعرف سپرچن على الرب يسوع وقبله كمخلص وفادِ؟ للإجابة على هذا السؤال سأقتبس لك بعض العبارات كما كتبها هو في مذكراته، حيث قال:

كنت أشعر بالحزن والاكتئاب بسبب خطاياي لمدة خمسة أيام متتالية، وساعتها كانت المدارس قد أُغلقت لانتشار حُمَّى وبائية بين السكان.  وفي صباح يوم الأحد الموافق 6 يناير 1850م كنت في طريقي للكنيسة التي تعودت الذهاب إليها، ولكن لما كانت هناك عاصفة ثلجية رعدية شديدة، استعجبت جدًا لماذا يسمح الله بهذا الطقس الرهيب وأنا متجه لأعبده! ولما لم أتمكن من الذهاب للكنيسة بسبب العواصف والثلوج لمحت مبنى صغيرًا توقفت عنده واقتربت إليه، فعرفت أنه مكان يجتمع فيه بعض المسيحيين، فدخلت لأحتمي من الثلوج، وكان بالدخل خمسة عشر شخصًا يترنمون للمسيح. وبعد انتهاء الترنيم تقدَّم شخص إلى المنبر الصغير بالصالة، وكان يبدو من ملابسه أنه إنسان فقير، ربما كان صانع أحذية أو خياط أو مثل ذلك، وقال: 

- «لقد تغيب القسيس اليوم بسبب الثلوج، لكن الرب يسوع لم يتغيب وهو حاضر الاجتماع معنا، ورغم أني لا أجيد الوعظ وربما أخطئ في القراءة باللغة الصحيحة، لكني سأقرأ آية من الكتاب المقدس».
وفتح الكتاب وقرأ الآية: «اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ لأَنِّي أَنَا الله وَلَيْسَ آخَرَ» (إش 22:45)، وقال:

- «فقط انظر! إن الأمر لا يحتاج لمجهود؛ فالله لا يقول لك: ارفع يدك، أو حرك رجلك، لكن فقط: انظر.  ولا يحتاج الإنسان أن يذهب للمدرسة أو للجامعة ليتعلم كيف ينظر .. قد تكون أغبى إنسان على الأرض، ومع ذلك تستطيع أن تلتفت.  حتى الطفل يستطيع أن ينظر.  والأمر لا يحتاج سنين لكي تنظر فالنظرة تتم في الحال.  والرب يقول: «اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ».  انظر الآن للمسيح بإيمان .. الجميع ينظرون لأنفسهم .. لن يجد الإنسان الرجاء للأبد إن نظر بداخله أو من حوله أو تحت قدميه، لكن الآية تقول: «اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ».  انظر الآن للمسيح لجنبه الجريح.  إنه يناديك ويقول: انظر إلى الدماء التي سالت مني لأجل فدائك.  التفت إليَّ وأنا مُعلَّق على الصليب بدلاً منك، وأنا مُكللٌ بالأشواك، وأنا مسحوق الفؤاد ومجروح الجبين، وأنا أدفع دينك الرهيب وأحتمل قصاص خطاياك، وأنا أنكس الرأس وأسلم الروح، وأنا أُكفن وأُدفن في القبر لأجلك. انظر لي .. لقد قمت من بين الأموات وجلست في يمين العظمة في السماوات مُكللاً بالمجد والكرامة».

ولأني كنت الضيف الوحيد الغريب في المكان، وكانت علامات الحزن والشقاء تظهر على وجهي، كرر الرجل الآية أكثر من مرة، ثم كلمني مباشرة قائلا:
- «أيها الشاب، يا من تبدو حزينًا جدًا، انظر للمسيح الآن، وإلا ستكون بائسًا ويائسًا الآن وطوال حياتك وفي موتك وإلى الأبد أيضًا.  لن تتمتع بالسلام ولا الفرح إلا أن إلتفتَّ إليه, انظر إليه فهو يحبك وينظر إليك، فإن نظرتَ إليه الآن حتمًا ستتمتع بالخلاص وغفران الخطايا والفرح».  

- ومرة أخرى صرخ بصوت عظيم وسلطان الروح القدس وكأنه يأمرني: «أيها الشاب، انظر الآن للمسيح»!

وعندها في الحال نظرتُ من أعماقي للمسيح، فزالت الظلمة من نفسي حالاً، وفي هذه اللحظة أشرقت الشمس بقوة في داخلي، وامتلأتُ بالفرح الشديد والسلام الغامر، وهتفتُ ورنمتُ بنشاط أكثر من أي متحمس من الإخوة الخمسة عشر المجتمعين.  وظللتُ أشكر الرب يسوع على عمله ودمه الكريم الذي سُفك لأجلي.  نعم لقد نظرتُ إليه، وهو نظر إليَّ، فصرنا واحدًا إلى الأبد.

صديقي القارئ العزيز .. صديقتي القارئة العزيزة، هذه كانت مقتطفات من اختبار "تشارلس سپرچن"، أمير الوعاظ، الذي نظر للمسيح فتغيرتْ حياته.  فهل نظرت أنت إليه؟ 

لقد قال الرب يسوع المسيح وهو يُوضِّح "لنِيقُودِيمُوس" معنى الولادة من فوق: «وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اهلي الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يو14:3 -16).

إن الحية النحاسية التي كان كل من نظر إليها يحيا (عدد21: 4-9)، هي صورة لما احتمله الرب يسوع على الصليب، وهذه بعض أوجه المقارنة بين الحية النحاسية والرب يسوع على الصليب:

1- بعد لدغ الحية الأرضية: فكما لدغت الحيات المحرقة الشعب، هكذا دخل سُمّ الخطية في البشر بعدما أكل الإنسان من الشجرة الممنوعة، عندما خدعت الحية حواء بمكرها (تكوين 3: 15)، لهذا تجسد ووُلد المسيح: «فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ» (عب14:2).

2- رُفعَـتْ على راية: ليراها كل البشر.  هكذا رُفع المسيح على الصليب مُعلقًا بين السماء والأرض, «فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ ... وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ» (يو28:8 ؛32:12).

3- دخلت النار وطُرقت: وهكذا احتمل المسيح نيران أجرة خطايانا على الصليب.  اسمعه يقول بروح النبوة: «صَارَ قَلْبِي كَالشَّمْعِ. قَدْ ذَابَ فِي وَسَطِ أَمْعَائِي» (مز14:22)، «مِنَ الْعَلاَءِ أَرْسَلَ نَارًا إِلَى عِظَامِي فَسَرَتْ فِيهَا» (مرا 13:1).

4- من النحاس وليس الذهب: النحاس رمز لاحتمال دينونة.  فمنه كانت تصنع سلاسل المجرمين، والمذبح الذي كانت تحرق عليه الذبائح كان من النحاس.  لقد احتمل المسيح دينونتنا, «إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (رو1:8).

5- حية وليست حمامة: فالحية أول من لُعن على الأرض (تك14:3)، والمسيح صار لعنة لأجلنا (غل 3: 13).

6- لم تؤذ أحدًا: الرب يسوع «الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ، الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ. الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ» (1بط23:2).

7- تشفي بالنظر: «اصْنَعْ لكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلى رَايَةٍ فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا» (عد8:21)، فهل تنظر إليه الآن بيقين الإيمان أنه يحبك وقد مات لأجلك؟ انظر إليه فتحيا.

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com