عدد رقم 2 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
أغنى رجل في المقاطعة  
 كان جيمس عائدًا إلى قصره الريفي في المقاطعة التي يملكها، وإذا به يلاحظ ساكنًا جديدًا جاء ليسكن في المنزل الصغير القابع في طرف المقاطعة.  وأراد أن يتعرَّف به، فوجده رجلاً وديعًا رقيقًا، يعيش وحده، تبدو عليه علامات الفقر.  لكن ملامحه لم تكن غريبة عليه، وبعد حوار قصير، عرف أنه توني الذي كان زميلاً قديمًا له في الدراسة قبل أكثر من أربعين سنة.  ولكن شتان بين قصر جيمس ومنزل توني المتواضع، الذي قضى حياته خادمًا للرب وكارزًا بالإنجيل، ولما تقدمت به السن جاء ليعيش ما بقي من عمره في هذا المنزل الريفي البسيط على نفقة إحدى الإرساليات.  عاد جيمس إلى قصره سعيدًا أكثر من أي وقت مضى بسبب ما حققه من نجاح وما اقتنى من ثروة طائلة، وخاصة لما قارن نفسه بزميله الذي أضاع حياته ولم يحقق أيَّ نجاح، وها هو في النهاية لا يملك أيَّ شيء، ولا حتى المسكن الصغير.

   وذات يوم كان جيمس يتجول بسيارته في المقاطعة فاستوقفه زميله القديم ليقول له شيئًا هامًا، وقصَّ عليه حلمًا أزعجه طول الليل، حيث سمع صوتًا محذرًا يقول: "قبل أن ينتهي نهار الغد سيموت أغنى رجل في المقاطعة".  ثم ابتدأ الرجل يحدثه عن الأبدية والدينونة العتيدة.  لم يكن مستر جيمس يشكو من أي مرض وكان في ملء الصحة والقوة والنشاط، فلم يكترث بالأمر.  عاد إلى سيارته التي انطلقت به، لكنه بدأ يقلق، وكلام الرجل الطيب جعله يفكر في الموت الذي قد يأتيه بغتة ربما في حادث تصادم.  

   "أغنى رجل في المقاطعة"! رنت هذه العبارة وظلت ترن في أذنيه.  طلب طبيبه الخاص الذي جاءه على عجل وفحصه فأكد له أن صحته على ما يرام ولا داعي للقلق.  لكن جيمس ظل منزعجًا جدًا، وكلما مرت الساعات كلما ازداد الاضطراب، ظن أن الطبيب أخطأ التشخيص، فراح يطلبه مرة أخرى، فوعده بالحضور على الفور.  ومرت الدقائق كأنها ساعات ولم يحضر الطبيب، وانتظر ساعة وساعات وشبح الموت يخيم عليه.  وأخيرًا جاء الطبيب، وقبل أن ينفجر فيه جيمس، بادر الطبيب بشرح سبب تأخره فقال: وأنا في الطريق إلى هنا استُدعيت بمكالمة عاجلة لكي أسعف شخصًا يسكن في طرف المقاطعة يُدعى توني.  ولما ذهبت إليه وجدته يحتضر ولم أستطع أن أعمل له شيئًا، وبالأسف لقد مات هذا الرجل.

   صمت جيمس وبدأ يستفيق: أهذا هو تفسير الحلم؟ هل لم يكن هو المقصود؟ ثم سأل طبيبه: هل كان توني غنيًا إلى هذا الحد؟ فأجاب: إذا كان من جهة المال فلست أظن، فقد كان فقيرًا جدًا.  لكني أعرف أن حياته التقوية وخدمته للرب لا بد أنها تعني ثروة روحية طائلة.  نعم لقد غنيًا في الأعمال الصالحة وغنيًا في الإيمان.  والأهم في هذه الثروة أن صاحبها يستطيع أن يأخذها معه إلى السماء، ومن هذا المنظور ربما كان هو أغنى رجل في المقاطعة، هذا هو تقرير السماء.

   قضى جيمس ليلته ساهرًا، وكان يشعر بالأمان أنه نجا من الموت، لكنه شعر بالأسى أنه لم يكن أغنى رجل في المقاطعة، ولم يكن غنيًا بالمعنى الصحيح.  لقد رأى نفسه فقيرًا جدًا في بُعده عن الله، وأنه يُعوزه هذا الشيء الواحد والأهم في الحياة أن يمتلك المسيح.  فهذا هو الغنى الحقيقي.         

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com