عدد رقم 2 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
رفقة ... عروسٌ مُزَيَّنَةٌ لإسحاق (تكوين24)  
تحدثنا فيما سبق عن رفقة؛ العروس التي توافرت فيها كل الصفات الروحية والأدبية الرائعة التي تجعل منها عروسًا تليق بإسحاق.  وتكلّمنا عن:
(1) رفقة المؤمنة (تك24: 4)
(2) رفقة المُعيَّنة (تك24: 14)
(3) رفقة المُخصَّصة (تك24: 16)
(4) رابعًا: رفقة المُزَيَّنَة (تك24: 22، 47، 53)
وذكرنا في عددنا السابق أنه ما كان أنسب أن تتزين رفقة لأجل ملاقاة إسحاق بما اُعطيَّ لها من عبد إسحاق، الذي يرمز إلى الروح القدس! وما أعمق المعنى المتضمَّن في أن رفقة لم تأتِ بزينتها من عندها؛ فعند بئر الماء زيَّنها العبد إذ وضع خزَامَةِ ذَهَبٍٍ في أنفها، وَسِوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا (ع22، 47).  الخزامة في الأنف تُكلِّمنا عن الخضوع، والسوارين من ذهب اللذان يُحيطان باليدين هما قيود ودليل المحبة التي لا تنتهي. 
ونواصل في هذا العدد تأملاتنا، فنقول: في البيت «أَخْرَجَ الْعَبْدُ آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَأَعْطَاهَا لِرِفْقَةَ» (ع53).

وماذا تعني آنية الفضة وآنية الذهب التي أعطاها العبد لرفقة؟

الآنية في الكتاب المقدس تتكلَّم عن الشهادة للرب (مت25: 4؛ 2تي2: 20، 21).  والفضة تتكلَّم عن الفداء والكفارة، والذهب عن الطبيعة الإلهية والبر الإلهي.  وهكذا فآنية الفضة تتكلَّم عن الشهادة لمحبة الرب يسوع الفادية، وإلى حقائق الفداء الثمينة.  وآنية الذهب تتكلَّم عن الشهادة للطبيعة الإلهية، وللبر الإلهي. 

إن كل زوجة مؤمنة تقية يجب أن تكون شاهدة لمحبة المسيح الفادية المضحية (آنية الفضة)، وإلى حقائق الفداء الثمينة، ولا سيما لزوجها ولأولادها ولأهل بيتها ولكل من حولها.  يجب أن تُخبرهم أن الرب يسوع المسيح قد جاء وأعدَّ الفداء بدم صليبه لكل العالم، وأن غرض الله من الفداء ليس خلاصنا من دينونة الخطية فقط، بل ومن قوة الخطية أيضًا، وأنه على أساس دم المسيح غُفرت خطايانا، وعُفيَ عنا، وتقدَّسنا وأصبحنا ملكًا للمسيح، بل ونلنا كل البركات الإلهية.  وكما نلنا الحماية في شخص المسيح وكفاية عمله، فلنا أيضًا أن نشبع ونتغذى بشخصه.  وعلينا ألا نُضيف شيئًا متعلقًا بذواتنا إلى دم المسيح ليتكون من الخليط أساسٌ لسلامنا، فدم المسيح وحده هو الذي يُعطي السلام والتبرير التام والبر الإلهي، ويُطهِّر الضمير، ويدخل بنا داخل الأقداس، ويُبرر الله في قبوله للخاطئ التائب، وعليه وحده تتوقف بركات المؤمن وامتيازاته وأفراحه وأمجاده في السماء.  ويجب أن يظهر في السلوك والتصرف أننا مختلفون عن أهل العالم لكوننا مفديين ونعيش بمبادئ سماوية، وأن الفداء قد حررنا من سطوة العالم الحاضر الشرير. 
ويجب على الزوجة المؤمنة ألا تُعطي عينيها نومًا ولا لأجفانها نُعاسًا، حتى تحمل كل من حولها، وبصفة خاصة أولادها، إلى ميناء السلامة والأمان في الرب يسوع المسيح، ليتمتعوا بالسلام وبحماية دم المسيح.

ويجب عليها أيضًا أن تكون شاهدة للطبيعة الإلهية وللبر الإلهي (آنية الذهب).  فكل مؤمن حقيقي هو “مولود من الله” وهو بذلك المعنى شريك للطبيعة الإلهية (1يو3: 9)، وبذلك فإنه يصنع البِرّ، ويسلك في المحبة (1يو2: 29؛ 3: 10)، ويتبع القداسة العملية في كل سيرة «نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» (1بط1: 15، 16).  وهكذا يجب عليها أن تكون لها حياة الانفصال عن كل الشرور المعروفة «فَإِذْ لَنَا هَذِهِ الْمَوَاعِيدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ» (2كو7: 1). 

وماذا عن الثياب التي أعطاها العبد لرفقة؟ 

الثياب - في كلمة الله – تُشير إلى نمط الحياة وأسلوب المعيشة، وإلى السلوك الظاهر أمام الناس، كما إلى اللياقة والقداسة أمام الله. 
وكان على رفقة أن تتخلَّص من، وتستبدل ثيابها القديمة؛ الثياب التي تتناسب مع موضات حاران، وكان لها أن تلبس ما يوافق ذوق إسحاق مما أحضره لها العبد من ثياب جديدة من كنعان.  وحاران تُمثل العالم المستقل عن الله، أما كنعان فتُمثل السماويات. 

وهكذا كل زوجة مسيحية مؤمنة يجب أن تطرح عنها كل الصفات التي كانت تحيط بها في الماضي كأنها رداء، هذا الرداء الذي يصفه لنا الروح القدس في كولوسي3: 8، 9 «وَأَمَّا الآنَ فَاطْرَحُوا عَنْكُمْ أنْتُمْ أيْضًا الكل: الْغَضَبَ، السَّخَطَ، الْخُبْثَ، التَّجْدِيفَ، الْكَلاَمَ الْقَبِيحَ مِنْ أفْوَاهِكُمْ.  لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أعْمَالِهِ»؛ هذا الرداء القبيح الذي كان يُوصمنا قبل الإيمان، يجب ألا يظهر ثانية في حياتنا. 

وفي كولوسي3: 12- 15 نجد وصفًا لقطع الثياب التي يجب أن نلبسها، وهي على النقيض تمامًا للثياب التي يجب أن نخلعها «فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أحَدٍ شَكْوَى.  كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هَكَذَا أنْتُمْ أيْضًا.  وَعَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ.  وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إلَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ».  وهذه كلها هي الصفات الأدبية التي نتعلمها من الرب يسوع المسيح، وقد امتلكناها بامتلاك حياة المسيح، ويُظهرها ويُفعِّلها الروح القدس الساكن فينا.  وهذه الصفات قبل أن تظهر في الخارج أمام العالم، يجب أن تظهر في البيت أمام الزوج والأولاد.  وهذه الأخلاق سيكون لها أكبر تأثير حتى إذا كان الزوج لا يطيع الكلمة أو كان الأولاد لا يعرفون الرب.  ولا شك أن الرب نفسه سيفرح ويبارك ويكرم هذه الزوجة إذا توفرت فيها هذه الصفات.   

أختي الفاضلة: أبدلي – بقوة الروح القدس – ثيابك القديمة، والبسي تلك التي يُسرّ بها الرب يسوع المسيح، ويُسرّ زوجك المؤمن أن يراكِي ترفلين فيها.  إن صورة الرب يسوع المسيح لا تُرى في شكل أجسادنا، بل في جمال الذهن المتجدّد والقلب الجديد المتسع؛ فالقداسة، والمحبة والتواضع، والوداعة، واللطف، والمسامحة؛ هذه كلها تكوِّن الأخلاق المسيحية السماوية التي لا تُحصَد من الجسد، ولا تُزرَع في أرض الطبيعة المقفرة، «يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ» (يو3: 7)، ولا فائدة من السعي لتقليد هذه الصفات الأدبية لأنها إنما ثمر عمل الروح القدس في حياة المؤمن (خر30: 32، 33). 
والله يُسرّ بنا لا بمقدار ما تقدَّمنا – اجتماعيًا وماديًا وثقافيًا – على سوانا من الناس، بل على قدر ما ارتقينا في حياتنا إلى مستوى الرب يسوع المسيح الأدبي.  ويا ليتنا جميعًا نكون هكذا!                                                                                                                                    

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com