إبان فترة العصور الوسطى كان لمعظم الملوك والسلاطين مهرجون ومضحكون في البلاط الملكي. وكانوا في العادة أُناسًا مُشوهي الخلقة يلبسون ملابس غريبة وشاذة. وكان عليهم تسلية سادتهم والترويح عنهم بالمُزاح والدعابة والحركات المُضحكة. فقد كانوا مُضحكي عصرهم.
وتقول قصة إن أحد الأمراء أعطى مُضحكه طرطور مهرِّج وقضيبًا رمزًا لكرامة وظيفته، لكنه وضع شرطًا بأنه إذا قابل المهرج شخصًا يعمل أعمالاً غريبة وشاذة أكثر منه، فإنه عليه في هذه الحالة أن يعطيه الطرطور والقضيب.
وبعد فترة من الزمن مرض الأمير، فزاره المهرِّج وسأله إذا كان الطبيب قد أخبره بأنه سيتعافي سريعًا، فأجابه بأن حالته تزداد سوءًا وبأنه يتوقع الموت خلال فترة وجيزة. فقال المهرِّج: ’’حسنًا، لا شك أنك أعددت كل شيء لهذه الرحلة العظيمة، واعتنيت بأن كل شيء هناك مُعدٌ لاستقبالك‘‘. فأجاب الأمير: ’’كلا. إن هذه هي عين المأساة. إنني لا أعلم كيف سأُقَابَل هناك‘‘.
- لكن أ لم تعرف أنك ستقوم بهذه الرحلة يومًا ما؟
- عرفتُ هذا جيدًا، لكنني لم أشغل نفسي بها أبدًا. كانت هناك أشياء أخرى كثيرة لأفعلها، فانشغلتُ بها طول سني حياتي الماضية.
فقال المهرِّج: ’’لكنك اعتدت عند قيامك بأي رحلة أن ترسل شخصًا لكي يعتني بتجهيز الطعام والشراب، ولو رغبت في الذهاب لمكان ما لقضاء بضعة أسابيع أو شهور، فلا بد من الإعداد لكل شيء قبل الذهاب بفترة طويلة. كان مختلف الخدم يذهبون مقدمًا بضعة أيام لكي يكون كل شيء مُرتبًا ومُعدًا عند وصولك، لكنك لهذه الرحلة العظيمة إلى المكان الذي ستمكث فيه إلى الأبد لم تَقُمْ بأية استعدادات إطلاقًا! خُذ طرطور المهرِّج والقضيب اللذين أعطيتهما لي، لأني لم أكن أبدًا غبيًا بهذا القدر.
عزيزي .. أ لم يكن المهرِّج على حق؟ أ ليس من الخطأ الفادح أن تُهمل أمر مصيرك الأبدي؟ وأن لا تشغل نفسك بهذا السؤال: ’’أين سأقضي الأبدية‘‘، مع أنها لا تنقضي؟
لا شك أنك ستكتشف هناك كل شيء بنفسك، لكن حينئذ أيضًا، سيكون الأمر قد تقرَّر إلى الأبد!
”ففي الموضع حيث تقع الشجرة هناك تكون“ (جا 3:11).