أهلاً بكم أعزائي الشباب مع عددٍ جديٍد من بابكم "لو كنت مكاني"
كنا قد عرضنا في العدد السابق رسالة وصلتنا من الأخت (ر. س) تقول فيها: "أنا اسمي (ر. س)، أنا البنت رقم 2 في الأسرة. أختي الكبرى تزوجت منذ 4 سنوات وأختي الصغرى في السنة الثالثة في الكلية. أنا مُحبَطة جدًا لأني أقل جمالاً من كلتا الأختين للدرجة التي أشعر فيها بالقبح وأرفض نفسي، تخيلوا أن أختي الصغرى تقدَّم لها شبان كثيرون لخطبتها وأنا لم يطرق بابي أحدٌ، إني أشعر بالظلم في الحياة والتعاسة، أرجوكم ساعدوني (ر . س).
وفور نشرنا لهذه الرسالة تفاعل الكثير من الشبان والشابات مع مشكلة صديقتنا وأرسلوا لنا الكثير من التعليقات والتي سأسرد هنا بعضًا مما ورد على صفحتنا lawkontmakany على facebook :
هبة خليل – أبو قرقاص، كتبت تقول:
"عزيزتي (ر. س) الله لا يريد جميع البنات عرائس باربي. فالجمال هو التميُّز، والله قد خلقك مُتميِّزة، وقيمتك ليست في جمالك - مع أني أثق أنك جميلة لأنك صنعة يديه حتى وإن كنتِ لا ترين ذلك الآن- فقيمتك في كونك ابنة لله، وإذا كان تقييمك أنك غير جميلة بسبب عدم طرق بابك للزواج إلى الآن، فإني أقول لك إن الزواج ليس كل شيء في الوجود، فهناك خطة أسمى من ذلك بكثير. تمسكي بالله لمعرفة غرض وجودك، ودعك من الإحباط لأنه وسيلة العدو لإبعادك عن الله".
إنجي داود – كفر الدوار، كتبت تقول:
"حبيبتي (ر. س) هذه أكذوبة يكذب بها عليك إبليس، وبما أن إبليس هو رئيس هذا العالم فهو يؤثر في مقاييس البشر في الحكم على الأشياء ومن ضمنها الجمال. الكتاب المقدس قال عن الجمال إنه جمال الروح الوديع الهادي، وليس جمال الوجه. فإذا كنت تنتظرين زوجًا يختارك لأجل شكلك فأنتِ تبيعين نفسك بثمنٍ رخيص لأنه بعد ذلك لا يرى جمالك ولا يقدر أي فضيلة فيك. أرجوك أنظري إلى نفسك في مرآة الله لتنتهري روح الفشل في داخلك وتقبَّلي نفسك كما يقبلك الله. الله خلقك لمجده وهو يريد هذا الشكل لتُمجِّديه به فلا تطلبي تغيره".
جينا الظابط – شيكاغو – أمريكا، كتبت تقول:
"أختي العزيزة جدًا، الرب هو اللي شَكَّلك وهو مبيعملش حاجة غلط لكنه بيعمل كل حاجة صح. كمان الكتاب بيقول إنك أنتِ تحفته الفنية. ثقي بأنك جميلة جدًا في عيني الرب، وثقي أن مقاييس الجمال البشري هذه من اختراع البشر. الجمال الحقيقي هو جمال الشخصية ومدى انعكاس جمال الرب على الشخصية، والنعمة اللي الرب بيديها للشخص. قربي من الرب أكتر وثقي في خطته وحكمته في تكوينك.
يوستنيا ميخائيل، كتبت تقول:
"فيه مقولة بتقول إني لو شفت نفسي في مراية المسيح هكون جميله جدًا، وبعدين عدو الخير بيحاول يشوه صورتنا في عينينا علشان نتذمر على إرادة الله. أنا شايفه إن الأخت (ر. س) لو شافت نفسها بعين المسيح هتكون جميله جدًا. وبعدين الجمال مش بالشكل".
فادي نصري، كتب يقول:
"الله يعلم احتياجاتنا قبل ما نطلبها، اقرأي تكوين ٢ : ١٥. كان الله يعلم أن آدم يحتاج لمعين نظيره فصنع له هذا المعين. تمسكي بالرب واطرحي أمامه مشكلتك وهو عنده للمشاكل ألف حل، فقط انتظري الرب ولا تفشلي، وهو لن ينساكِ. ربنا يباركك".
والآن نأتي أعزائي الشباب إلى تحليل مشكلة الاخت (ر. س) وتقديم بعض الحلول الروحية والعملية التي نرجو بنعمة الرب أن تساعدها على التغلب على مشكلتها.
• توصيف المشكلة:
المشكلة التي أمامنا الآن هي مشكلة الشعور بالدُّونية، والشعور بالدُّونية هو إحساس مرير بتفوق الآخرين عليَّ في جانب أو أكثر من جوانب الشخصية مثل الجمال أو الغنى أو الذكاء.
ما هي مظاهر ونتائج الشعور بالدُّونية وصغر النفس؟
إن هذا الشعور يسبب التخاذل وعدم الثقة والتقدير للمواهب والإمكانيات الشخصية ويؤدي أيضًا إلى التمركز حول الذات، ورؤية أنفسنا دائمًا بعيون من حولنا. أيضًا نجد مثل هؤلاء الأشخاص لديهم اقتناعًا مُتدنِّيًا عن أنفسهم يأخذ أشكالاً مختلفة، إما في محاولة الانعزال عن الناس وعدم الاشتراك في الأنشطة المختلفة، أو سرعة الإحساس بخيبة الأمل، وعدم القدرة على الإنجاز، أو الإحجام عن عمل أمر جديد خوفًا من الفشل.
ما هي أسباب الشعور بالدُّونية؟
• أولاً: التأثر بمقاييس التقييم السائدة في المجتمع.
فإذا كان المجتمع الذي نعيش فيه يحدد قيمة الفرد بما يمتلكه أو بما هو عليه من جمال فربما يشعر الشخص بالدُّونية عند اختلاطه مع أشخاص آخرين يتفوقون عليه في المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو الجمالي ... إلى آخره، مما يسبب له المعاناة وعدم التقدير الصحي للذات. وهذا هو الحال بالنسبة لكِ صديقتنا (ر. س)، فنحن نعيش في مجتمع شرقي عربي تختلف فيه مقاييس التقدير والتقييم عن باقي المجتعات، فالمال والجمال يعتبران من مؤهلات تفوق أي شخص في مجتمعاتنا، بينما تتراجع مؤهلات أخرى قيِّمة للأسف مثل التعقل وطريقة التفكير والتقوى والأخلاق والحكمة.
• ثانيًا: التمييز بين الأبناء وسوء المعاملة.
قد يبدأ الشعور بالدُّونية منذ الطفولة، حيث تعقد الأسرة مقارنات بين الأبناء بعضهم ببعض، فنرى الوالدين مثلاً يقارنون الطفل الجميل بالأقل جمالاً، أو يقارنون المتفوق دراسيًا بالأقل تفوقًا، بالرغم من أن كل الأطفال يحتاجون منذ الصغر إلى التشجيع وتلقي التقدير من المجتمع الخارجي (ولاسيما الأسرة). أما عندما يتلقى الإنسان اللوم، أو عند عقد المقارنات بينه وبين أحد إخوته أو أقربائه أو زملائه، فحينئذٍ يبدأ في تكوين صورة ذاتية عن نفسه تشوبها السلبية وعدم احترام وتقدير الذات والشعور بالنقص.
كيفية التغلب على هذه المشكلة:
اعلمي أن مقاييس الجمال لدى البشر غير موثوق فيها.
فلقد اختزل البشر تعريف الجمال في جمال الشكل أو الجسم. وحتى من اختزلوه في جمال الشكل اختلفوا فيما بينهم عما هو جمال الشكل، فبينما اتفق العرب على أن مقياس الجمال هو بياض البشرة واتساع العينين ودقة الأنف، قال الأوربيون أن المرأة الطويلة هي الأكثر جمالاً بينما قال اليابانيون أن المرأة القصيرة هي الأكثر جمالاً. وفي الإسكيمو فإن العطر الذي تستعمله المرأة، لا شكلها، هو مقياس جمالها. بينما قبائل منغوليا والتبت تفضل العنق الطويل للمرأة لتبدو كالزرافة لكنها الأجمل لديهم. وهكذا تختلف المقاييس، وحتى في المجتمع الواحد نجد أن المقاييس نسبية وليست مطلقة.
أما الكتاب المقدس فيخبرنا بأن "الحُسن غش والجمال باطل" (أم30:31)، (لأنه القشرة الخارجية المُعرَّضة للتغير نتيجة ظروف الزمان)، و"أما المرأة المتقية الرب فهي تُمدَح". (فالتقوى بجمالها الداخلي ستنتج أيضًا جمالاً خارجيًا جذابًا ومسحة من النعمة والقبول).
اعلمي أنك جميلة جدًا.
يجب أن تعلمي أختي الفاضلة (ر. س) حقيقية كونك جميلة جدًا في نظر الله وحسب مقاييسه. فيوم أن خلق الله الإنسان رأى الله أن ما عمله إذا هو حسنٌ جدًا. "فَخَلَقَ اللهُ الإنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ، عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأنْثَى خَلَقَهُمْ وَبَارَكَهُمُ اللهُ، وَرَأى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فإذا هو حسنٌ جدًا" (تكوين1: 30).
لاحظي معي يا أختي أنكِ على صورة الله قد خُلقتِ، وبحسب مقياس الله للتقييم قال عنك أن هذا الكيان "حسنٌ جدًا"، فبأي مقياسٍ وتقييمٍ تريدين أن تقيِّمي نفسك؟
ثقي بأنكِ مُتميزة جدًا.
كلٌ منا قد خلقه الله مُتميِّزًا، فلسنا صورة طبق الأصل بعضنا من بعضٍ. "لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قد امتزتُ عجبًا، عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذَلِكَ يَقِينًا" (مز139: 13،14). فقد خلقنا الله مختلفين في الشكل والشخصيات لنُكمِّل بعضنا البعض، واختلافنا هو سر جمالنا.
اعرفي أنكِ محبوبة جدًا.
قد يأتي إبليس الخبيث بكل سهام التشكيك في محبة الله لكِ ويرمي بها ذهنك وقلبك، فقد يجعلك تربطين محبة الله وتقديره لكِ بتقدير الآخرين لكِ، فيهمس في أذنك قائلاً: "لو كان الله عادلاً حقًا ومحبًا فلماذا جعل فلان غنيًا وجعلكِ أنتِ فقيرة؟ ولماذا خلق أختكِ جميلة وخلقك أنتِ أقل جمالاً"؟ وهدف إبليس من وراء كل هذا أن يملأ قلبك بالمرارة نحو الله وبالكراهية نحو مَنْ هم حولك، وأيضًا ليُعمي عينيكِ عن مواطن الجمال الكثيرة التي حباكِ بها الله، فلا تشكرينه بل تعيشين في دائرة مفرغة من العزلة والشعور بالدُّونية والرثاء للنفس. ولكن اعلمي يا أختي (ر. س) أن محبة الله لك محبة غير مشروطة بشرطٍ فيكِ أو فيَّ يجعله يحبنا، كما أن محبته لكِ ولي ليس دليلها وبرهانها تقدير الناس لنا، وإنما برهانها موت المسيح على الصليب. إنكِ مُكرمةٌ في عيني الله، بالدرجة التي كلفته أن يبذل ابنه يسوع المسيح عوضًا عنكِ أنتِ باسمِك. إنه يقول عن يعقوب: "إذ صرت عزيزًا في عيني مُكرمًا وأنا قد أحببتك" (إش43 :4).
لو كان غيرك سيدي لو كنت منه أُقيَّم
من أين كنت سأُرفع وبذا المقام أُكرَّم؟
جددي ذهنك دائمًا بحسب أفكار الله.
حاولي بالاعتماد على نعمة الله أن تفرغي ذهنك من مقاييس العالم المتقلب في التقدير والتقييم، واسمحي لروح الله أن يزرع كلمته المقدسة الرائعة في عقلك وعواطفك فتسكن فيكِ كلمة المسيح بغنى وتأتي بثمارِ مجيدة تقود حياتك للأفضل. ومن ضمن المبادئ الإلهية التي تحتاجين إليها معرفة أن النعمة والقداسة هي التي تجمل الإنسان، وكلما ظهرت حياة المسيح وصفاته فينا كلما أصبحنا أكثر جمالاً وتألقًا، وبالتالي القُبح الذي أشرتِ إليه في رسالتك ليس مرتبطًا بالشكل بل بالخطايا والشرور. كذلك فإن الدخول بالإيمان إلى عائلة الله يجعل الإنسان يحظى بقيمته كجزء من الجسد الذي رأسه المسيح (1كو12: 15،21)، فاعملي دومًا على تبديل الأفكار السلبية بأفكار أخرى إيجابية مستمدة من كلمة الله.
ثقي أن الله لديه خطة رائعة لحياتك.
ثقي أن الله زودكِ بطاقات كامنة وقدرات هائلة، حتى وإن كنتِ لا ترينها بعد، ولكنها بكل تأكيد موجودة فيكِ. كما أن نعمته قد جهزت لكِ خطة رائعة قال عنها الكتاب إنها صالحة ومرضية وكاملة (رو12: 2). لذلك حاولي، في جو الشركة مع الله، أن تكتشفي وتعيشي خطة الله لكِ وليس خطته لأختك، وستكتشفين كيف كان الله رائعًا عندما خلقك بهذا الشكل والتميُّز والاختلاف عن الآخرين والأخريات. وأرجو أن تتأكدي أن الرب سيُجمِّلك في عيني الشخص الذي سيرتبط بك، وحتى لو رأى العشرات من الفتيات ستُصبحين أنت أجملهن جميعًا في عينيه، وحتى لو رأى الآخرون عكس ذلك فلا يهم. الله يفعل ذلك وقد فعل مع كثيرات، فلا تقلقي. أما إذا كانت خطة الله لك عدم الزواج، فليس هذا مرتبطًا بقلة الحُسن أو الجمال ( فهناك الكثير من الجميلات لم يتزوجن )، بل حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته (أف11:1)، فهو قد رأى لك شيئًا أفضل. ويقينًا سيمنحك نعمة أعظم ويستخدمك على نطاق أوسع لخدمته، وسيملأ كل فراغ وكل احتياج بكفايته الشخصية. وفي كل الأحوال تأكدي أنك جميلة في عيني الرب وفي عيون القديسين بالمنظور الروحي.
أخيرًا أقول لكِ تذكري ليئة زوجة يعقوب التي كان نصيبها من الجمال أقل من راحيل أختها، وكيف كانت التعويضات الإلهية لها. فمنها جاء السبط الكهنوتي (لاوي)، ومنها جاء السبط الملكي (يهوذا)، ومنها جاء الرب يسوع بحسب الجسد، وليس من راحيل.
***
والآن أعزائي القراء أقدم لكم رسالة جديدة خاصة بالأخت (س. م)
"أنا اسمي ( س. م)، أنا اتربيت في بيت متدين، بس المشكلة إني مش عارفة نفسي مؤمنة ولا لأ علشان مش فاكرة ميعاد أو تاريخ لإيماني ولا ملاحظة تغيير في حياتي، وأحيانًا أقع في خطايا كتير. فهل ممكن أكون مؤمنة وأعمل الحاجات دي؟ أنا صليت كثير بس ما فيش فايدة وخايفة أروح جهنم". أختكم (س. م).
• إن كان لديك مشاركة أو رأي أو نصيحة مقدمة إلى (س. م)، يمكنك إرسالها إلينا، ونحن سنعرض في العدد القادم ما نراه مناسبًا لمساعدتها.
• أرسل تعليقك أو نصيحتك فيما لا يزيد على خمسة أسطر أو 80 كلمة، كما لو كان لديك مشكلة أيضًا أو تساؤل أو استفسار في أي موضوع، يمكنك الكتابة على أحد العناوين التالية:
• "لو كنت مكاني" - 3 شارع أنجه هانم – شبرا – القاهرة
• أو أرسل لنا على البريد الالكتروني ayad.zarif@gmail.com
• أو انضم إلى الجروب lawkontmakany على الـ facebook
• أو أرسل لنا رسالة قصيرة SMS إلى 0106650876