عدد رقم 1 لسنة 2011
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
هل أنت مستعد ؟  

كانت شارلوت صبية في الخامسة عشر من عمرها، وكانت الوحيدة لوالديها، والوحيدة أيضًا التي تعرف الرب معرفة حقيقية في هذا البيت.  وقد سمح لها الرب أن تلازم فراش المرض قرابة عامين، وهي ترقد في الفراش بلا حركة.  وكانت الصبية جميلة الصورة وفي عينيها تلمح علامات الهدوء والثقة والاطمئنان.  وقد تعوَّد أحد خدام الرب أن يزورها كل أسبوع لكي يُشجِّعها ويُصلِّي معها.  أما الأب والأُم فلم يكونا مؤمنين بالرب يسوع ولا بالكتاب المقدس ونادرًا ما يذهبان للكنيسة.

كانت الصبية تنتمي لعائلة ثرية ولكنها عاشت حياة بسيطة ومتواضعة، وكان معظم أصدقائها من الطبقة المتوسطة والفقيرة، ولم تستح بهم.  وقبل مرضها كانت تُقدِّم لهم كل محبة وتضحية، فكانت شهادة مؤثرة لكل مَنْ حولها، مظهرة الأحشاء الرقيقة والحنان المسيحي للآخرين.
وفي الشهور الأخيرة من مرضها كانت ترقد في المستشفى، وكانت تعاني من آلام شديدة، لكنها كانت دائمًا شاكرة صابرة، تحتمل الآلام في صمت حتى لا تُلقي ثقلاً آخر على نفسية والديها التي لم تكفُ عن الصلاة لأجلهما لكي يفتقدهما الرب ويُغيِّر حياتهما.  كذلك ما من شخص ذهب لزيارتها إلا وكانت تستقبله بابتسامة وترحيب وتٌشْعِرَهُ أن كل شيء على ما يرام.

كانت قد تعرَّفت بالرب يسوع في طفولتها في مدارس الأحد، وأحبته وتعلَّقت به.  وقد تأثرت كثيرًا بحياة المسيح التي كانت مُشبَّعة بالآلام والحرمان والأحزان، وكيف أنه مات في نصف أيامه.  وكانت هذه الخواطر مصدر تعزيتها في آلامها وتجربتها.  كانت تعرف أن الرب يسوع قد جُرِّب في كل شيء، ويرثي للضعفاء ويعضدهم.

كان كل مَنْ يزورها يُشفق عليها ويتألم لآلامها.  ومرة سمعت زائرًا يتمتم بصوت منخفض ’’مسكينة يا ابنتي!‘‘ فقالت له على الفور: ’’إنني لست مسكينة يا سيدي.  إنني لو أخبرتك عن نصف إحسانات الرب معي وصلاحه ومراحمه، لا بد أنك ستحسدني.  إنني لا يمكن أن أنسى ما عمله لأجلي وما يعمله معي كل الطريق.  ويكفي أنني سأكون معه في السماء‘‘.

لم يسمع أي شخص من شفتيها أي شكوى أو تذمر رغم الألم الذي كانت فيه.  كان هذا مصدر دهشة لوالديها، وكانا يتساءلان من أين لها هذا السلام؟!
وذات مساء كانت ترقد في شبه غيبوبة، وكان حولها أبوها وأمها وخادم الرب وبعض الأصدقاء.  وفجأة تنبَّهت وفتحتْ عينيها وكأنها تنظر بانبهار وترى أشياء لا يراها الآخرون، وكان وجهها يلمع وقد ارتسمت عليه ابتسامةٌ مشرقة.  فقال والدها: ’’ما هذا يا شارلوت؟‘‘ أجابت: ’’إنه الرب يسوع ... وإنني على أبواب السماء‘‘.  وفي لحظة أغمضت عينيها وانطلقت لتكون مع المسيح.  

كان هذا المنظر مؤثرًا جدًا لكل مَنْ في الغرفة وخاصة الوالدين.  وأمامه اقتنعا أن هذا لا يمكن أن يكون هزيانًا، بل هو حقيقة مؤكدة.  ركعا بجوار الفراش، وصليا بإيمان راسخ وطلبا الرب في هذه اللحظة، وبالفعل حصلا على السلام وأدركا سر سعادة ابنتهما في لحظاتها الأخيرة، وأيقنا أنهما سيلتقيان بها في السماء.
وماذا عنك أيها الصديق العزيز؟ هل أنت في سلام من جهة الأبدية؟ وهل أنت مستعد؟

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com