عدد رقم 6 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
حُرَّةٌ أم مُسْتَعْبَدَةٌ  
رسائل خاصة للشابات:

إلى أختي الشابة

هذه رسالة أوجهها إليك، أتكلَّم فيها عن أحد الموضوعات الهامة التي أبرزها الرب أمامي وهو موضوع: ’’الحرية‘‘، راجية من الرب أن يستخدمها لفائدتك ولبركة حياتك.

في بداية خدمة الرب يسوع دخل مجمع الناصرة وقام وقرأ هذه الكلمات من سفر إشعياء: «روح الرب عليَّ، لأنه مَسَحَنِي لأُبشِّر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق …، وأُرْسِل المُنسحقين في الحرية» (لو 19:4).

وفي إنجيل يوحنا تكلَّم الرب بكل وضوح عن الحرية مُجاوبًا اليهود الذين ادَّعوا أنهم أحرارٌ قائلاً: «الحق الحق أقول لكم: إن كل مَنْ يعمل الخطية هو عبدٌ للخطية ... فإن حرَّركُم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا» (يو 34:8، 36).

عزيزتي ... دعيني أسألك هل أنت أسيرة، مُقيَّدة أو مُسْتَعْبَدَة؟ قد تجيبيني: ’’كلا، لست أسيرة ولا مقيدة ولا مُستعبَدة، إنني حُرَّة أفعل ما أريد وأذهب حيث أريد وألبس ما أريد.  إني أستخدم كامل إرادتي فيما أختار أو أقرر.  وأنا أحب الحرية ولا أسمح لأحد أن يتحكَّم فيَّ.  أنا كاملة السن وقادرة على تخطيط وإدارة حياتي كما أشاء‘‘.

أختي ... إن كان هذا تقريرك عن نفسك فاسمحي لي أن أوضح لك بعض المفاهيم الكتابية عن معنى الحرية الحقيقية.
منذ بداية الخليقة تسلَّلتْ الحيَّة وهمست في أذن حواء بحديث ماكر، مُغلَّف من الخارج بحرية براقة وزائفة، ومن الداخل يحمل سُمًا مُميتًا يقود إلى العبودية بل إلى الموت والهلاك.

 تعالي معي نتأمل في هذه العبارة:

«فقالت الحيّة للمرأة لن تموتا !بل الله عالمٌ أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشَّر» (تك 4:3، 5).

   تُرَى ماذا كان وقع وتأثير هذه العبارة على ذهن وقلب حواء؟ كانت حواء في ذلك الوقت تعيش في سلام مع الله ومع زوجها، وكانت مُتسلِّطة مع آدم

على كل الخليقة، ولم تشعر أبدًا أنها في حاجة إلى هذا النوع من الحرية، لكن الحيَّة تمكَّنت من خداعها وإفساد ذهنها، بل وإشعارها باحتياج وهمي للاستقلالية.  فإذا بها تُسْلَب الإرادة وتَنْقَاد بكامل اختيارها نحو هذا الفخ كالعصفور إلى شبكة الصياد.  أتصورها تقول: ’’حتى متى أظل في جهل؟ لماذا لا أُجرِّب؟ لماذا أظل خاضعة لله وخاضعة لزوجي؟ نعم أنا أريد أن تنفتح عيناي، أريد أن أعرف وأجرب كل شيء، أريد أن أعرف الخير والشَّر‘‘.  

وبعد لحظات بدت بذور الشَّك في أقوال الله وصلاحه ومحبته تترسَّخ في ذهنها فأنتجت اقتناعًا في داخلها حتى تم الفعل ذاته ثمرة الخداع.

فتغيَّرت نظرتها للشجرة، ورأت المرأة أن الشجرة «جيدةٌ للأكل، وبهجةٌ للعيون، وشهيةٌ للنظر»، فأخذت من ثمرها وأكلت ثم أعطت رجلها أيضًا فأكل.  وفي الحال انفتحتْ عيناها وعلمتْ! لكن ماذا رأت، وماذا علمت؟!!

لقد رأت نفسها عريانة، بائسة، محرومة من السلام.  أتصورها تتساءل: ’’أين الحرية والكرامة؟ أين الراحة والسلام اللذان كنت أنعم بهما؟ أين الحقيقة؟؟  لقد غُرِّرَ بي وخُدِعْتُ، تكبَّرتُ وسقطتُ.  ما هذا الذي فعلت؟ وإلى أين المصير؟‘‘.

مسكينة حواء في هذا المشهد الكئيب إذ نراها تشعر بالمرارة والندم والحزن الشديد.  ولولا شعاع وعد الله بالمُخلِّص لظلَّتْ في هذه الحالة إلى الأبد.

كثيرات من أخواتي أراهن اليوم في أنواع مختلفة من القيود والعبودية.  فالبعض في عبودية الخوف والقلق أو اليأس والفشل والاكتئاب.

والبعض الآخر في عبودية لمشاعر الغيرة والحسد والحقد، أو عدم الغفران والنميمة وروح الانتقام والإدانة المستمرة للآخرين... إلخ.

  وهناك أيضًا مَنْ قَدَّمْنَ أنفسَهن عبيدًا لكل أنواع الشهوات، مثل شهوة الجسد (في كل صورها التي تُحارب النفس)، وشهوة العيون (التي لا تشبع من النظر)، وتعظم المعيشة (الأنانية وحب الذات، والطمع وحب الامتلاك، الكبرياء وحب الظهور، والعجب بالنفس، وبالجمال والأنساب والألقاب، بالشهادات أو الإمكانيات المادية ... إلخ).

وفريق آخر قد صرن مستعبدات لعادات شريرة ومشاهدات نجسة من أفلام ومسلسلات أو قراءة كتب وقصص ومجلات فاسدة.

الطريق إلى القيود  أو العبودية

إن كل قيد أو عبودية بدأت بالاستماع لأكذوبة كما فعلت الحيَّة مع حواء.  والاستماع في حد ذاته ليس عصيانًا، لكن هنا أول الطريق إلى الانزلاق.  ونحن كثيرًا ما ننخدع بأمور تبدو في بدايتها كأنها بسيطة وبريئة من خلال صداقات، علاقات، إعلانات، مسرحيات، تسليات، رحلات، خروج لنزهات، أحاديث ورسائل عبر وسائل الاتصالات المختلفة (موبايل، شات، E-mail، face book)، وكل هذه الأمور يُقدِّمها العدو تحت عنوان ’’أنت في عصر المعرفة وعصر الحرية‘‘ ثم ما العيب أو الخطأ في ذلك؟ افتحي عينيك وانفتحي على المجتمع فتصيري ... وتكوني مثل ... ولكن كلمة الله تكشف هذا الخداع وتُحذِّرنا منه إذ «توجد طريقٌ تظهر للإنسان مستقيمةً، وعاقبتها طُرُقُ الموت» ( أم 12:14).  وعلينا أن نأخذ حذرنا الشديد ولا نجهل أفكار العدو وأساليبه.

في يوم من الأيام خرجت دينة إبنة ليئة من خيام أهلها لترى بنات الأرض (لاحظي: ليس البنين في الأرض بل البنات) كيف يعشن؟ ما هي تسلياتهن؟ وكيف يقضين أوقاتهن؟ ماذا يلبسن؟ وكيف يتزيَّنَّ؟

ربما طَربَتْ لصوت أغنياتهن وأُعجبتْ برقصهن، وربما تمنَّتْ قائلة: ’’آه ... يا له من جو مُثير ومُبهج يلائم شابة مثلي.  هذه هي الحياة وهذه هي الحرية التي أتوق إليها، كفى من هذا الجو الكئيب الذي أعيش فيه مع أهل لا يعرفون سوى الله وعبادته‘‘.  لكن لم يمض وقت طويل على هذا الحلم الكاذب حتى رآها «شكيم بن حمور»؛ هذا الشاب الأحمق السائر وراء شهواته، وأوقع بها، فصارت تلك الزهرة اليانعة عُشْبَة يابسة، ذليلة وكسيرة في عار وهوان.
وهنا أقول لكل شابة: احذري من خداع العدو، وامتحني كل فكرة في محضر الله.  كل ما تقرأينه أو تسمعينه من أُخريات، وكل ما تشاهدينه حولك أو على الفضائيات حتى لو بدا منطقيًا أو جذابًا لك، إن لم تكن كلمة الله هي أساسه فهو كذبة تسوقها الحيَّة القديمة إليك، وحتمًا سيؤدي بك إلى الدمار.

والآن أسألك يا عزيزتي: ما هي القيود التي تقيدك وتسلب حريتك؟ لماذا أنت ضعيفة يا بنت الملك من صباح إلى صباح؟ أين ذهبت نضارتك؟ لماذا استُبدِل النجاح والفرح بسلسلة من السقوط والفشل المُحزن؟!

يقول الكتاب في غلاطية 13:5 «فإنكم إنما دُعيتُمْ للحرية أيها الإخوة.  فلا تُصيِّرُوا الحرية فرصةً للجسد».  هل أطلقتي العنان للجسد، وتحالفتي مع العالم وما فيه من شهوة، واستمعتي إلى  الكذاب وأبو الكذاب؟

أدعوك الآن أن تقفي وقفة جدية مع نفسك وراجعي موقفك في محضر الرب حتى يكشف لك الحقيقة، وثقي أن:

 الله يريد أن يحررك، والمسيح جاء لينادي «للمسبيين بالعتق ... وللمأسورين بالإطلاق، ويُرسل المُنسحقين في الحرية».

 الله وحده القادر أن يحررك.  لكنه ينتظر منك أن تعترفي بعجزك وأخطائك وتطلبينه من كل قلبك كما هو مكتوب «ارجع يا إسرائيل إلى الرب إلهك، لأنك قد تعثَّرتَ بإثمك».  قولي له: «ارفع كل إثم»، فيجيبك: «أنا أشفي ارتدادهم.  أُحبُّهم  فضلاً» (هو1:14- 4).

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com