عدد رقم 6 لسنة 2010
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
رفقة ... عروسٌ مُزَيَّنَةٌ لإسحاق  
(تكوين24)

تحدثنا فيما سبق عن رفقة؛ العروس التي توافرت فيها كل الصفات الروحية والأدبية الرائعة التي تجعل منها عروسًا تليق بإسحاق.  وهي في هذا نموذج يليق أن تنسج على منواله كل فتاة تتهيأ للارتباط، وأيضًا يليق أن يُصلي من أجله كل رَجُل يبحث عن «مُعِينًا نَظِيرَهُ» (تك2: 18).  وتكلّمنا عن:

(1) رفقة المؤمنة (تك24: 4)

(2) رفقة المُعيَّنة (تك24: 14)

ونواصل في هذا العدد تأملاتنا، فنقول:

ثالثًا: رفقة المُخصَّصة

«وَكَانَتِ الْفَتَاةُ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا، وَعَذْرَاءَ لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ»
(تك24: 16)

كانت رفقة – كحماتها سارة - «حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا».  وبالتأكيد أن للجمال الجسدي مخاطره، هذا ما حدث مع سارة في مصر وفي جرار، وما حدث مع رفقة أيضًا في جرار، وما حدث مع دينة في شكيم، ومع ثامار وأمنون (تك12: 14-20؛ 20: 1-18؛ 26: 6-11؛ 34: 1-30؛ 2صم13: 1-22).  إلا أن الكتاب يذكر عن رفقة أنها كانت «عَذْرَاء»، وليس هذا فقط، ولكن أيضًا «لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ».  إنهما صفتان توافرتا في رفقة، وليسا صفةً واحدة، فالأمر ليس مترادفات كلامية.

وأكاد أسمع همسات الشابات تتساءل: ماذا تعني بهذا؟
وأذكرهن بدينة ابنة يعقوب، التي يقول عنها الكتاب: «وَخَرَجَتْ دِينَةُ ابْنَةُ لَيْئَةَ الَّتِي وَلَدَتْهَا لِيَعْقُوبَ لِتَنْظُرَ بَنَاتِ الأَرْضِ» (تك34: 1)، وهكذا أتاحت الفرصة لواحد من “شباب الأرض” أن يراها، “فَرَآهَا شَكِيمُ ابْنُ حَمُورَ الْحِوِّيِّ رَئِيسِ الأَرْضِ ... وَتَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِدِينَةَ (التصق بها) ... وَأَحَبَّ الْفَتَاةَ وَلاَطَفَ الْفَتَاةَ” (تك34: 3).

«أَحَبَّ الْفَتَاةَ وَلاَطَفَ الْفَتَاةَ» ... إذًا لقد عرف شَكِيمُ الْفَتَاةَ!!
ولكن ماذا عن رفقة؟ «كَانَتِ الْفَتَاةُ ... لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ» (تك24: 16).

وماذا بعد هذا عن دينة؟ وماذا نتوقع من السير على الأرض الزلقة؟ «أَخَذَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَأَذَلَّهَا» (تك34: 2).  وفقدت دينة “عَذْرَاوِيَّتَهَا”.  وهكذا قال أخويها شمعون ولاوي: «أَنَظِيرَ زَانِيَةٍ يَفْعَلُ بِأُخْتِنَا؟» (تك34: 31).  ولكن رفقة كانت «عَذْرَاءَ»، وأيضًا «لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ».

ابنتي الغالية: افْهَمْي ما أقول، وسيمنحكِ الرب مزيدًا من الفهم.  لقد احتفظت رفقة بكل كيانها الجسدي والعاطفي والنفسي والفكري، ليكون مُلْكًا لمَنْ عيَّنه الرب واختاره لها وأرسله لها ليكون زوجها في المستقبل.  لقد كانت بحق عروسًا مُخصَّصةً لِرَجُلِهَا.  فالله لا يسمح مطلقًا لأي علاقة جسدية أو عاطفية خارج إطار الزواج المُقدَّس سواء قبل الزواج أو بعده، وكل الذين يتعدُّون على ترتيب الله فهؤلاء هم الزناة والزواني، وكل تحوُّل عن المبادئ الأدبية الكتابية التي تُحدِّد العلاقة بين الجنسين، فهذا يُعتبَر من أعمال الفجور التي تستوجب الدينونة (يه14، 15).

وعلى كل فتاة مؤمنة أن تنتظر الرب.  إنه – له كل المجد – كثيرًا ما يمشي متمهلاً، ولكنه من المؤكَّد أنه لا يصل متأخرًا أبدًا؛ ففي الوقت المُعيَّن بحسب محبته التي لا تتغيَّر، وبحسب حكمته التي لا تُخطئ، سيُرسل الرَجُل الذي عيَّنه، ليُشبع احتياجاتها النفسية والعاطفية والجسدية والمادية.  وإلى أن يحين وقت الرب، لتحتفظ كل فتاة، بكل كيانها، لتكون لمسرة وشبع قلب عريسها.  ولتتحذَّر كل فتاة مؤمنة من المبادئ العالمية العصرية، ومن “الثَّعَالِبَ الصِّغَارَ” التي تُفسد الكروم الغضة (نش2: 15).  إن بعض الفتيات احتفظن بالعذراوية الجسدية لكن لا تنطبق عليهن الكلمات «لم يَعْرِفْها رَجُلٌ».  فلقد تعلَّقتْ العواطف وانشغل الفكر بآخر، ليس هو المُعَيَّن من الله لها، وسمحن لأنفسهن ببعض التجاوزات التي لا تليق بقديسات متعاهدات بتقوى الله.
لقد وصف العريس عروسه في نشيد4: 12 في صورة جميلة وجذابة، فهي «جَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ، عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ، يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ».

«جَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ» ... فهي له وحده دون سواه.  إنها لم تكن حديقة عامة يستطيع أن يدخلها كل مَنْ يشاء.  إنها «مُغْلَقَةٌ» لتكون له وحده، ولا يمكن أن يكون جمالها لأجل مسرة أي شخص سواه.

«عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ» ... لا يستطيع أن يرتوي من مياهها إلاه.

«يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ» ... فهي بجملتها له، وله وحده دون الآخرين، وهي قانعة تمامًا بنصيبها فيه.

إن الكلمات «مُغْلَقَةٌ ... مُقْفَلَةٌ ... مَخْتُومٌ» من شأنها أن توحي أن العروس يجب أن تكون بجملتها لعريسها، له وحده، وبذا تكون جميلة فيشتهي حُسنها (مز45: 10، 11).  وهذا ما نراه في رفقة التي احتفظت بنفسها لأجل إسحاق قبل أن تعرفه أو تراه، وتركت الكل لأجله.  لقد نسيت شعبها وبيت أبيها، وسارت في برية قاحلة بقلب مليء بالمحبة والإخلاص له.  وإذ رأته من بعيد نزلت عن الجَمَلِ، وَتَغَطَّتْ بالْبُرْقُع، دليل التخصيص والخضوع والحياء (تك24: 65)، لذا اشتهى إسحاق حُسنها وأحبها.  وهكذا يجب أن تكون كل عروس.   
                                             (يتبع)

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com