شلالات نياجرا Niagara Falls هي شلالات عظيمة تقع على نهر نياجرا Niagara River وتفصل بين الحدود الدولية لكندا في أونتيريو Ontario والحدود الدولية للولايات المتحدة الأمريكية في نيويورك وهي تقع على بعد 27 كيلوميتر من مدينة بافالو Buffalo الأمريكية بولاية نيويورك وتبعد 120 كيلوميتر عن تورنتو بكندا.

ولقد حدثت هذه القصة الحقيقة في شلالات نياجرا عنما كان المُرشد السياحي الشاب جيمس يريد قضاء وقت جميل للاسترخاء بعد عناء العمل المستمر والحركة الدؤوبة في مجال السياحة، فأنزل زورقه الخاص للماء بجوار شلالات نياجرا وسريعًا ما ربط الزورق بالشاطئ ونام فيه نومًا عميقًا، وهو لا يبالي بالحركة المستمرة للماء بجوار الشلالات التي كانت تفك الحبل الذي رُبط بعدم اعتناء بالشاطئ تدريجيًا.

وما أن فك تيار الماء حبل الزورق الذي كان يربطه بالشاطئ حتى بدأ الزورق يتحرَّك بسرعة هائلة في اتجاه الشلالات، وقبل وصول الزورق للشلالات، لاحظ بعض الناس الذين كانوا يشاهدون بانبهار روعة وجمال هذه الشلالات، كيف يندفع الزورق صوب الشلال، فأخذوا يصرخون بأعلى أصواتهم محذرين المُرشد السياحي من الخطر الرهيب المُحدق به، لكنه لم يبالِ إذ كان مُستغرقًا في نوم عميق.  وبينما كانوا يزدادون صراخًا لتنبيهه كان هو في أحلامه الوردية في الزورق الذي يقترب من صخرة كبيرة قبل الشلالات فضاعفوا جهودهم ليوقظوه حتى يتشبث بالصخرة وهم يصرخون: اصعد إلى الصخرة! تمسَّك بالصخرة! ولكنه لم يسمع وسط هدير المياه.  وعندها دفعت الأمواج الثائرة الزورق بالشاب النائم إلى أعماق الشلالات فانقلب الزورق وتنبَّه الشاب المسكين متأخرًا والشلال يبتلعه ليغوص، ولم يسمع المشاهدون حتى صوت صراخه من هول زئير الشلال الرهيب الذي ابتلعه، وفشلوا حتى في أن يجدوا جثته بعد غرقه في أعماق الشلالات.  ولم تتوقف أحاديث الناس ولا عناوين الصحف والمجلات التي كانت تكتب في حسرة عن نائم في زورق يغرق في قلب شلالات نياجرا.

صديقي القارئ العزيز .. أعلم أنك تأثرت معي بهذه القصة الحقيقية، فإن كان النوم بركة من بركات الله للإنسان المُتعَب إذ مكتوب: «بَاطِلٌ هُوَ لَكُمْ أَنْ تُبَكِّرُوا إِلَى الْقِيَامِ، مُؤَخِّرِينَ الْجُلُوسَ، آكِلِينَ خُبْزَ الأَتْعَابِ. لَكِنَّهُ يُعْطِي حَبِيبَهُ نَوْمًا» (مز127: 2)، «إِذَا اضْطَجَعْتَ فَلاَ تَخَافُ بَلْ تَضْطَجِعُ وَيَلذُّ نَوْمُكَ» (أم3: 24)، «نَوْمُ الْمُشْتَغِلِ حُلْوٌ» (جا5: 12).  لكن المشكلة والخطورة تأتي من النوم المُعبِّر عن الكسل، فيقول الحكيم: «إِلَى مَتَى تَنَامُ أَيُّهَا الْكَسْلاَنُ؟ مَتَى تَنْهَضُ مِنْ نَوْمِكَ؟ قَلِيلُ نَوْمٍ بَعْدُ قَلِيلُ نُعَاسٍ وَطَيُّ الْيَدَيْنِ قَلِيلاً لِلرُّقُودِ فَيَأْتِي فَقْرُكَ كَسَاعٍ وَعَوَزُكَ كَغَاز»ٍ! (أم6: 9)، «مَنْ يَجْمَعُ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ ابْنٌ عَاقِلٌ وَمَنْ يَنَامُ فِي الْحَصَادِ فَهُوَ ابْنٌ مُخْزٍ»(أم10: 5).  وإليك بعض الأمثلة من الكتاب المقدس التي تُظهر خطورة النوم كتعبيرٍ عن الكسل، وكيف كانت نتائجه رهيبة كما حدث للمُرشد في شلالات نياجرا:

1-سِيسَرَا: «فَأَخَذَتْ يَاعِيلُ امْرَأَةُ حَابِرَ وَتَدَ الْخَيْمَةِ وَالْمِطْرَقَةَ فِي يَدِهَا، وَسَارَتْ إِلَيْهِ بِهُدُوءٍ وَضَرَبَتِ الْوَتَدَ فِي صُدْغِهِ فَنَفَذَ إِلَى الأَرْضِ وَهُوَ مُتَثَقِّلٌ فِي النَّوْمِ وَمُتْعَبٌ فَمَاتَ» (قض4: 21و22).

2-شمشون: «وَلَمَّا رَأَتْ دَلِيلَةُ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَهَا بِكُلِّ مَا بِقَلْبِهِ، أَرْسَلَتْ فَدَعَتْ أَقْطَابَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالَتِ: «اصْعَدُوا هَذِهِ الْمَرَّةَ فَإِنَّهُ قَدْ كَشَفَ لِي كُلَّ قَلْبِهِ». فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَصْعَدُوا الْفِضَّةَ بِيَدِهِمْ.  وَأَنَامَتْهُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَدَعَتْ رَجُلاً وَحَلَقَتْ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِهِ، وَابْتَدَأَتْ بِإِذْلاَلِهِ، وَفَارَقَتْهُ قُّوَتُهُ.  وَقَالَتِ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ».  فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «أَخْرُجُ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَأَنْتَفِضُ». وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ! فَأَخَذَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ، وَنَزَلُوا بِهِ إِلَى غَزََّة وَأَوْثَقُوهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ. وَكَانَ يَطْحَنُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ» (قض16: 18-20).

3-إِيشْبُوشَثَ: «وَسَارَ ابْنَا رِمُّونَ الْبَئِيرُوتِيِّ، رَكَابُ وَبَعْنَةُ، وَدَخَلاَ عِنْدَ حَرِّ النَّهَارِ إِلَى بَيْتِ إِيشْبُوشَثَ وَهُوَ نَائِمٌ نَوْمَةَ الظَّهِيرَةِ. فَدَخَلاَ إِلَى وَسَطِ الْبَيْتِ لِيَأْخُذَا حِنْطَةً، وَضَرَبَاهُ فِي بَطْنِهِ. ثُمَّ أَفْلَتَ رَكَابُ وَبَعْنَةُ أَخُوهُ.  فَعِنْدَ دُخُولِهِمَا الْبَيْتَ كَانَ هُوَ مُضْطَجِعًا عَلَى سَرِيرِهِ فِي مِخْدَعِ نَوْمِهِ فَضَرَبَاهُ وَقَتَلاَهُ وَقَطَعَا رَأْسَهُ، وَأَخَذَا رَأْسَهُ وَسَارَا فِي طَرِيقِ الْعَرَبَةِ اللَّيْلَ كُلَّهُ» (2صم4: 5).

4-يونان النبي: «وَأَمَّا يُونَانُ فَكَانَ قَدْ نَزَلَ إِلَى جَوْفِ السَّفِينَةِ وَاضْطَجَعَ وَنَامَ نَوْماً ثَقِيلاً.  فَجَاءَ إِلَيْهِ رَئِيسُ النُّوتِيَّةِ وَقَالَ لَهُ: «مَا لَكَ نَائِماً؟ قُمِ اصْرُخْ إِلَى إِلَهِكَ عَسَى أَنْ يَفْتَكِرَ الإِلَهُ فِينَا فَلاَ نَهْلِكَ». وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:«هَلُمَّ نُلْقِي قُرَعاً لِنَعْرِفَ بِسَبَبِ مَنْ هَذِهِ الْبَلِيَّةُ». فَأَلْقُوا قُرَعاً فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى يُونَانَ» (يون1: 5-7).

5-التلاميذ: «وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ فَوَجَدَهُمْ نِيَاماً مِنَ الْحُزْنِ.  فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ»(لو22: 44-46).

6-حافظ سجن فيليبي: «وَنَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ كَانَ بُولُسُ وَسِيلاَ يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ اللهَ والْمَسْجُونُونَ يَسْمَعُونَهُمَا. فَحَدَثَ بَغْتَةً زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَتَّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ السِّجْنِ فَانْفَتَحَتْ فِي الْحَالِ الأَبْوَابُ كُلُّهَا وَانْفَكَّتْ قُيُودُ الْجَمِيعِ. وَلَمَّا اسْتَيْقَظَ حَافِظُ السِّجْنِ وَرَأَى أَبْوَابَ السِّجْنِ مَفْتُوحَةً اسْتَلَّ سَيْفَهُ وَكَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ ظَانّاً أَنَّ الْمَسْجُونِينَ قَدْ هَرَبُوا ... وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» فَقَالاَ: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» (أع16: 25-31).

7-أَفْتِيخُوسُ: «وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزاً خَاطَبَهُمْ بُولُسُ وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْغَدِ وَأَطَالَ اْلكَلاَمَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ. وَكَانَتْ مَصَابِيحُ كَثِيرَةٌ فِي الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهَا. وَكَانَ شَابٌّ اسْمُهُ أَفْتِيخُوسُ جَالِساً فِي الطَّاقَةِ مُتَثَقِّلاً بِنَوْمٍ عَمِيقٍ.  وَإِذْ كَانَ بُولُسُ يُخَاطِبُ خِطَاباً طَوِيلاً غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ فَسَقَطَ مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ إِلَى أَسْفَلُ وَحُمِلَ مَيِّتاً. فَنَزَلَ بُولُسُ وَوَقَعَ عَلَيْهِ واعْتَنَقَهُ قَائِلاً: «لاَ تَضْطَرِبُوا لأَنَّ نَفْسَهُ فِيهِ» (أع20: 9).

وبعد أن رأينا خطورة النوم والكسل وعدم الاكتراث، وكيف أن الحياة قصيرة وغير مضمونة، والإنسان ذاهبٌ إلى بيته الأبدي، دعونا نتنبَّه ونسأل أنفسنا: ماذا نحن فاعلون بسني حياتنا؟ وماذا لو انتهت الحياة اليوم؟  لقد قال الرسول بولس: «هَذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ لاَ بِالْبَطَرِ والسُّكْرِ لاَ بِالْمَضَاجِعِ والْعَهَرِ لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراً لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ» (رو13: 11-14).  وأيضًا «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ» (أف5: 14).  وقال الرب يسوع: « فاسهروا إذًا لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان» (مت 13:25).