عدد رقم 1 لسنة 2020
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
وُلِدَ فقيرًا!  


كون أن الله يظهر في الجسد، ويقبل محدودية المكان والزمان، فهذه هي قمة المعجزات، وهذا فوق تصور العقل البشري واستيعابه.  لهذا نحتاج للإيمان لنُصدقه ونقبله.  فلقد تنازل الله ”سبحانه وتنازل“ لكي يصل إلينا حيث وصلت بنا الخطية.  فلقد تعذر وصولنا إلى الله، وتعذر اقترابنا إليه.  فلذا اقترب هو إلينا، وعندما تجسد - مع أنه خالق كل البرايا، وعمل العالمين-  وصل لأقصى درجات الافتقار، لأجل أن يصل إلى الفقراء والمنبوذين والمهمشين.  فلقد عبر عن هذا بولس لإخوة كورنثوس في حثه على العطاء، مقدمًا لهم المسيح كمثال ونموذج: «مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ» (2كو8: 9).  فإذا كان افتقاره يغنينا، فكم وكم وهو في قمة المجد الأسنى فوق كل رياسة وسلطان؟!

صور الافتقار:

(1) مزود بيت لحم: إن أي شخص، وأفقر شخص في ولادته يكون له مكان، أما الرب يسوع فلم «إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ»، للدرجة أنها «قَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ» (لو2: 7).

(2) ختانه: عند ختانه في اليوم الثامن، قدما تقدمة الفقراء «زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ» (لو2: 22-24).

(3) نجار الناصرة: لقد تربى المسيح في الناصرة (لو4: 16)، وهي بلدة مُحتقرة.  وعُرف في وطنه بأنه النجار (مر6: 3)، وابن النجار (مت13: 55).

(4) بلا مأوى: عندما تَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي ... قَالَ لَهُ يَسُوعُ: لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ» (مت8: 19، 20).  فلم يكن للمسيح حق أبسط الكائنات، في أن يكون لها مكان يحميها، وتستريح فيه.

(5) بلا نقود: في خدمته احتاج إلى النسوة اللواتي كن يخدمنه من أموالهن (لو8: 3).  ولقد قال للذين أرادوا أن يجربوه: «أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ» (مت22: 19).  وأمام موقف جمع الجزية للهيكل، لم يكن معه الدرهمان، هذا المبلغ الزهيد (مت17: 24-27).  فكل منا معه حافظة للنقود بها قليل أو كثير من الأموال، لكن الرب يسوع لم يكن معه حافظة نقود، إذ لم يكن يملك أموالاً من الأساس!

(6) بلا ثياب: عند الصليب كانت ثيابه هي كل ما يمتلك، فجرّدوه منها واقتسموها بينهم، كل هذا قبل أن يُسلم الروح، وهكذا خرج من العالم بلا شيء حتى الثياب!

(7) القبر المُستعار:  لقد وانتهت حياته بأن دُفن في قبر مستعار!  

يذوب القلب فينا ونحن نتكلَّم عن ذاك المجيد «الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ سَاكِنُ الأَبَدِ الْقُدُّوسُ اسْمُهُ» (إش57: 15)، وكيف افتقر لأجلنا وصار مسكينًا.

دعوني بعد أن استعرضنا بعض صور افتقار الرب نختم بهاتين الملاحظتين:

(1)    التأثير والتكريس لا تُعطله قلة الإمكانيات: لم يكن للرب الإمكانيات المادية، ومع ذلك هو أكثر شخص أثر في التاريخ!  لم يكن له مركبة، مع أن الخصي الحبشي بعدها بسنوات قليلة كان يملك مركبة يسافر بها.  ولم يعمل معجزة لأجل نفسه، مثلما عملها مع فيلبس عندما خطفه روح الله، لينقله من مكان لمكان، موفرًا له الوقت والطاقة. لقد سار سَيِّدنا المجيد مرة على رجليه، حتى تعب من السفر، ليقابل السامرية.  فكل المعجزات التي عملها، كانت لأجل الآخرين، ولم يكن فيها واحدة لأجل نفسه!

(2)    الاستفادة من إرسالية الرب للعالم: لم يكن مجيء المسيح للعالم صدفة، بل جاء بإرسالية من الآب لخيرنا.  فيا صديقي العزيز: هل استفدت من مجيء الرب بالجسد، أم أن هذا العام مثله مثل أي عام قد مضى؟  

أتمنى لجميع القراء الأعزاء حياة مباركة غنية بوجود الرب يسوع فيها.  فلو افترضنا أن مشيئة الرب كانت لنا أن نكون فقراء في هذا العالم، فنحن أغنياء في الإيمان بوجود الرب في حياتنا (يع2: 5).  ولو كنا نحن أغنياء وخلت حياتنا من الإيمان بالمسيح، فنحن أشقى جميع الناس.  أتمنى للجميع حياة ملؤها حب المسيح.


© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com