عدد رقم 1 لسنة 2020
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
التجسد في نبوات العهد القديم (1)  

اشتياق البشر عبر العصور:

عَبَّرَ الأتقياء عن رغبتهم في تدخل الله - تبارك اسمه - من أجل حمايتهم، فأنشد النبي داود داعيًا: «يَا رَبُّ، طَأْطِئْ سَمَاوَاتِكَ وَانْزِلِ.  الْمِسِ الْجِبَالَ فَتُدَخِّنَ» (مز144: 5).  وتمنى النبي إشعياء: «لَيْتَكَ تَشُقُّ السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ!» (إش64: 1).

تمهيد وتهيئة:

تعددت ظهورات الله الابن في العهد القديم بقصد تهيئة الذهن البشري، لقبول فكرة التجسد الإلهي، ومن هذه الظهورات: ظهوره لكل من آدم وحواء (تك3: 8)، وهاجر(تك16: 10، 13)، وإبراهيم (تك17: 1-8؛ 18: 13-17؛ 22: 15-17)، ويعقوب (تك32: 30)، وموسى (خر3: 4-6؛ 24: 10، 11)، ويشوع (يش 5: 14، 15)، وجدعون (قض6: 14-23)، ومنوح وامرأته (قض13: 17-22)، وإشعياء (إش6: 1)، وحزقيال (حز1: 26- 28)، ودَانِيآل (دا7: 13، 14)، والفتية الثلاثة (دا3: 25).                                                                                    

وفي هذه الظهورات أخذ الرب - تبارك اسمه - شكلاً إنسانيًا ظهر به، وكان يبدو فيه أمام الناس لمدة لحظات أو دقائق وأحيانًا لساعات ثم يختفي ولا يرونه بعد، ولكن في التجسد، أخذ جسدًا (ناسوت كامل)، أخذ كل مراحل النمو كإنسان (لو 2: 52)، وعاش مع الناس سنوات طويلة وهو باقٍ ولم يزل.

والآن لنُجِب على أسئلة ثلاثة، ومن خلال هذه الإجابات نستمتع بتدرج الإعلان الإلهي عن تجسد الله الكلمة: من؟  متى؟  وأين؟                                                                                                                                                                    

السؤال الأول: مِنْ نسل مَنْ يأتي المسيح؟

السؤال الثاني: أين سيولد المسيح؟

السؤال الثالث: متى سيولد المسيح؟                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 

السؤال الأول: مِنْ نسل مَنْ يأتي المسيح؟

 عندما كان الرب الإله يُعاقب الحية القديمة - الشيطان - صرح بالقول: «وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا.  هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ» (تك3: 14، 15)، إذًا المسيح هو من نسل المرأة.  إن كل مَن دخل إلى العالم وُلِدَ من رجل وامرأة، ويُقال على جميعنا إننا نسل رجل وامرأة، أما عن المسيح فقد تنبأ إشعياء النبي عنه قائلًا: «هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ: عِمَّانُوئِيلَ» (إش7: 14؛ مت1: 23؛ لو1: 31، 34، 35؛ غل4: 4).  ولكن هل مِن تحديد أكثر؟  نعم، يذكر الوحي المقدس أن المسيح هو من نسل إبراهيم.  فبعد نجاح إبراهيم في الامتحان نجاحًا باهرًا، نادى ملاك الرب ابراهيم ثانيةً من السماء مقسمًا بذاته قائلًا: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ ... أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً ... وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ» (تك22: 16-18)، «أَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ.  لاَ يَقُولُ وَفِي الأَنْسَالِ، كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: وَفِي نَسْلِكَ، الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ» (غل3: 16).  

وجاء في عبرانيين 2: 16 «لأَنَّهُ حَقًّا لَيْسَ يُمْسِكُ الْمَلاَئِكَةَ، بَلْ يُمْسِكُ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ».  وقد علق هنري أيرنسايد قائلًا: ”إن المسيح لم يأتِ ليكون مُخلِّصًا للملائكة الساقطة.  لقد أُغْلِقَ عليهم إلى الظلمة الأبدية، ولكن المسيح بنعمة غير متناهية تجاوز الملائكة وتمسك بنسل إبراهيم“.  ولكن مَنْ مِنْ بين نسل إبراهيم؟  لقد كان لإبراهيم ابن من هاجر جارية سارة وهو إسماعيل، وآخر من سارة وهو إسحاق، وستة من جارية أخرى اسمها قطورة.  مِنْ نسل مَنْ منهم سيأتي المسيح؟  يتكلَّم الوحي الإلهي عن أن المسيح هو من نسل إسحاق.  فقد ظهر الرب لإسحاق مُحذرًا إياه من النزول إلى مصر قائلًا: «وَتَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ» (تك26: 4).  ولكن كان لإسحاق ابنان هما عيسو ويعقوب، فهل سيأتي المسيح من نسل عيسو أم من نسل يعقوب؟  لقد صلى إسحاق من أجل امرأته لأنها كانت عاقرًا، واستجاب له الرب، وتزاحم الولدان فى بطنها، وعملت رفقة حسنًا إذ مضت لتسأل الرب: لماذا كل هذا التزاحم؟  «فَقَالَ لَهَا الرَّبُّ: فِي بَطْنِكِ أُمَّتَانِ، وَمِنْ أَحْشَائِكِ يَفْتَرِقُ شَعْبَانِ: شَعْبٌ يَقْوَى عَلَى شَعْبٍ، وَكَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ» (تك25: 21-23).  وكان على إسحاق أن يعي هذا التصريح جيدًا، لكنه قرر أن يُبارك عيسو متغاضيًا عن التصريح الإلهي، وهمَّ أن يُبارك عيسو، واشترط أن يأكل أولًا قبل أن تباركه نفسه!  لقد بارك إسحاق يعقوب على غير رغبة من إسحاق، وأكَّد الرب البركة ليعقوب واعدًا إياه: «وَيَتَبَارَكُ فِيكَ وَفِي نَسْلِكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ» (تك28: 14). اذًا المسيح هو من نسل يعقوب

ولكن لقد كان ليعقوب اثنا عشر ابنًا، فهل من تحديد أكثر؟  نعم، فقد قال يعقوب في نبوته للأسباط: «لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ» (تك49: 10).  وجاء تقرير كاتب العبرانيين: «فَإِنَّهُ وَاضِحٌ أَنَّ رَبَّنَا قَدْ طَلَعَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا» (عب7: 14).  إذًا المسيح من سبط يهوذا، ويستمر الإعلان الإلهي فيصرح أنه سيأتي من نسل داود «أَلَمْ يَقُلِ الْكِتَابُ إِنَّهُ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ، وَمِنْ بَيْتِ لَحْمٍ، الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَ دَاوُدُ فِيهَا، يَأْتِي الْمَسِيحُ؟» (يو7: 42)، «عَنِ ابْنِهِ.  الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ» (رو1: 3)، «اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي» (2تي2: 8  اقرأ أيضًا مز132: 11؛ مي5: 2؛ مت2: 5؛ لو2: 4؛ مت1: 1؛ لو3: 31؛ مت1: 6).  إذًا المسيح من نسل داود (إش11: 1-5؛ إر23: 5، 6).

إجابة السؤال الثاني: أين يولد المسيح؟

حدد الوحي المقدس مكان ولادة المسيح، فجاء في نبوة ميخا النبي 5: 2 «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ».  وعندما اُقتُبِسَت هذه النبوة في إنجيل متى ذُكِرَت على النحو التالي: «وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ» (مت2: 6). وأكدها الرسول يوحنا، متسائلًا: «أَلَمْ يَقُلِ الْكِتَابُ إِنَّهُ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ، وَمِنْ بَيْتِ لَحْمٍ، الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَ دَاوُدُ فِيهَا، يَأْتِي الْمَسِيحُ؟» (يو7: 42).  وقد تغنى عنه إشعياء: «لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلَهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ» (إش9: 6)، وصرح ملاك الرب مبشرًا الرعاة: «أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ.  وَهَذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ» (لو2: 11، 11).

                                                                                   (يتبع)  

عادل حنا

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com