عدد رقم 1 لسنة 2020
أعداد سابقة سنة:   عدد رقم:
 
    أرسل المقالة لصديق   أضف المقالة للمفضلة Share
عروس المسيح (2)  

تشبيهات الكنيسة

أعزائي الشباب: نواصل في هذا العدد ما بدأناه في العددين الماضيين من حديث عن الكنيسة، وبعد أن تناولنا مفهومها والإشارة الأولى لها مرة، واعقبنا ذلك في مرة تالية بالحديث عن أول تشبيهاتها باعتبارها جسد المسيح، نتناول في هذا العدد - بنعمة الرب - ثاني هذه التشبيهات باعتبارها عروس المسيح إذ نقرأ:

«أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ» (أف5 : 25-27)

ودعنا نرى في هذا التشبيه الرائع للكنيسة ”عروس المسيح“ سبعة أفكار كذلك:

أولاً: المحبة القوية: فقد وردت هذه الآيات في معرض حديث الرسول بولس عن الزواج، وحتمية أن يحب الرجل زوجته.  فأتي بالنموذج الإلهي الأكمل وهو العلاقة الروحية الوثيقة بين المسيح والكنيسة.  وكيف أحب المسيح الكنيسة محبة روحية غير مشروطة وغير منتهية.  وإلي أي حد؟  إلى درجة أنه له المجد أسلم نفسه لأجلها!  ويا له من تعبير قوي يعبر عن متانة هذه المحبة العرسية الفريدة!  إنه لأجلنا:

     (1) أخلى نفسه  (في2: 7).

     (2) وضع نفسه  (في2: 8، يو15: 13).

     (3) بذل نفسه  (مت20: 28، يو10: 11، 1تي2: 16).

     (4) سكب للموت نفسه  (إش53: 12).

     (5) أسلم نفسه   (أف5: 25، غلا2: 20).

     (6) لم يرضِ نفسه  (رو15: 3).

     (7) قدم نفسه  (عب7: 27)

ثانيًا: الارتباط الأبدي: نعم فالقصد الإلهي من الزواج البشري الحرفي هو الدوام والاستمرار ما بقي الطرفان أحياء على الأرض «فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ» (مت19: 6؛ مر10: 9).

ولكن في العلاقة الروحية بين المسيح وعروسه، التي هي الكنيسة، فلا يوجد أدنى فرصة للانفصال لأي سبب كان، حتى الموت نفسه لا يفصلنا عن محبة المسيح (رو8: 35، 38).  وإنه ارتباط بدأ ليستمر ويدوم إلى الأبد.

ثالثًا: العروس الدهرية: بمعني أنها عروس لا ولن تشيخ أبدًا عبر الدهور كلها!!  فهي عروس المسيح الآن ”العذراء العفيفة“ (2كو11: 2)، وعند الاختطاف هي بالتأكيد أيضًا عروس (مت25: 1-10)، وبعد الاختطاف والملك الألفي؛ أي بعد أكثر من ألف عام، يقال عنها العروس امرأة الخروف (رؤ21: 7)!  فيا للعجب!  فعلاً لا غضن فيها (مظاهر الشيخوخة بفعل الزمن) على وجه الاطلاق، بل تظل عروسًا إلى أبد الآبدين!

رابعًا: العناية الراعوية: التي تشمل الماضي، والحاضر، والمستقبل:

ففي الماضي: «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا».

وفي الحاضر: «يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ».

وفي المستقبل: «يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ».

وإن كنا رأينا في الأفكار الأربعة السابقة امتيازات عظيمة ثمينة لهذه العروس الفريدة، فإننا في الأفكار الثلاث التالية سنمر على مسئوليات كبرى وهامة لها:

خامسًا: العذراء العفيفة (2كو11: 2): بمعنى التي مشاعرها كلها متجهة نحو خطيبها الحالي، وعريسها المستقبلي، دون أن يكون في قلبها أحد أو شيء قبله، ولا معه!  إنها عذراء لم تتنجس، عفيفة ضابطة لنفسها، حافظة لقلبها وكيانها فقط لعريسها. 

سادسًا: الملابس العرسية: حيث يقول يوحنا الرائي عن الكنيسة في عشاء عُرس الخروف: «لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوفِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا. وَأُعْطِيَتْ أَنْ تَلْبَسَ بَزًّا نَقِيًّا بَهِيًّا، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ» (رؤ19: 7، 8).  وهنا نلاحظ أن ثياب العروس – التي هي عادة من أبرز ملامح احتفالات العُرس عمومًا – هي تبررات القديسين أي أعمال البر العملي التي مارسوها.  كم هو جميل أن نكثر من هذه التبررات فهي زينة الكنيسة في الأبدية!  ويا له من تشجيع عظيم لنا كلنا «إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، كُونُوا رَاسِخِينَ، غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ، مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ» (1كو15: 58).

سابعًا: الاستعدادات اللحظية: ولأن مجيء العريس القريب سيتم في لحظة لا تعرفها العروس، في مطالبة بالسهر والاستعداد بأشواق حارة للحظة اللقاء بلا افتراق ودخول العُرس السماوي الأبدي!  «لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيل جِدًّا، سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ» (عب10: 37)، «أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا.  قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ» (رو13: 12).  «وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هذَا الرَّجَاءُ بِهِ(أي بالمسيح نفسه عريسنا ورجاؤنا)، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ(عمليًا وأدبيًا) كَمَا هُوَ طَاهِرٌ(مقامًا شرعيًا)» (1يو3: 3).  كل ذلك حتى لا نخجل منه في مجيئه القريب جدًا (1يو2: 28).

                                  «آمِينَ.  تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ»

                                                                                  (يتبع)


 

© جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة - كنائس الأخوة بجمهورية مصر العربية
للإقتراحات والآراء بخصوص موقعنا على الأنترنت راسلنا على webmaster@rshabab.com